الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء أمل -12-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 11 / 12
المجتمع المدني


زلمة ولا موزلمة ؟ أسأل نفسي هذا السؤال منذ عشرين عام .هكذا تقول أمل . تزوجت صديقتي لمياء في سن العشرين ، وصديقتي رولا في سن الواحد والعشرين ، صديقتي ميسون في الثانية و العشرين ، شعرت بالعنوسة فبحثت عن شخص لديه مواصفات كي أغيظ الجميع .رأيت شخصاً مشرداً بلا انتماء يحمل شهادة طب ، قلت أتزوجه و أنظفه ، ونكون أسرة أقودها . تزوجته دكتور، كنت أقولها بالفم الملآن ، هو إنجاز . لم أكن سعيدة، ولا تعيسة ، لكنني راهنت على نجاح العلاقة لذا استثمرت فيها ودفعت من عملي من أجل إنجاحها . قالت لي أمي مرة هذا ليس رجلاً ، وقد لا حظتْ أنه يتغيب عن المنزل ويتهرب من مسؤولية الأطفال .
كنت أعرف أنه ليس رجلاً ، أسميه بيني وبين نفسي الصعلوك. لم يكن لديه دخل رغم أنه دكتور ، ولم يستطع تلبية الحاجات العاطفية لي ، كنت أشعر أنه غير ميال للنساء فأسميه بيني وبين نفسي بيدوفيليا ، لكنني لم أتحدث مع أمي عنه ، واعتقدت أنني بذكائي يمكن أن أصنع منه رجلاً، فوراء"كل رجل عظيم امرأة" .إلى أن توصلت إلى قناعة : لا يرغب أن يكون رجلاً .
أصبحت أحسد رفيقاتي اللواتي يمارسن الحياة العائلية بشكل طبيعي ، و أعجب بالرجل الذي تزوجنه لأنّه يمثل حقيقة دور الرجل في الأسرة .
عندما تفتقد الرجل يتغير مزاجك وتصبح غاضباً ، فلا أحد ألزمه بالزواج. أصبحت أطالب ببعض الحقوق للعائلة و أهمها الطعام والشراب فأصبح يحاسب على ثمن التفاحة التي يأكلها الآولاد .
لم أرغب بالطلاق، ليس من أجل المجتمع ، بل من أجل الأطفال، لم أكن أدري أنه يعتقد نفسه عظيماً إلى أن قال لي مرة: يقولون لي تبدو أصغر من زوجتك ، فعلاً هو ليس وسيماً لكن وجهه من النوع الذي يشيخ بشكل طفولي لأنّ نموّه الجسدي ناقص.
هددني في أحد المرات وقال: لو تركتك سوف تعوّين مثل الكلاب ، رنت تلك الكلمة في ذهني ، لماذا سوف أعوي ؟ وفي إحدى المرات وضع رقم سري لهاتفه، طلبت أن يلفيه وعندما حاول أن يدفعني هبشته ودممت وجهه. لن أسمح له بذلك . اختفى وبدأ يرسل لي رسائل تهديد ، ويصفني بالمختلة ، صدّقته لفترة أنّني مختلة ،نسيت من أنا، وعددت مواقفه الرخيصة ، آخر رسالة قال لي: أنتم تقولون أني لست رجلاً . لك الحرية أن تتمتعي بحياتك . لن أعود. لم أكن أعرف أنه طبّق إحدى الآرامل من أجل أن يتزوجها ليثبت أنه رجل.
يعتقد أنه انتصر . كتب مرة على الفيسبوك :
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً . أبشر بطول العمر يامربع
علقت عليه الأرملة الطروب" زوجته" : هذا من الماضي. الفرزدق انتهى ، فقال لها دخيل ربك شو بتفهمي عليي.
ليس لدي مشكلة مع زواجه ، لكن عائلته التي رمته إلى الشارع فالتقطه لأنظفه و أصنع منه رجلاً عادت و احتضنته ، لا تسأله ماذا حل بأطفاله ، وكأن نساء العائلة ندمن على رميه ويعتقدن أن الابن الضَال قد عاد ، وبخاصة أخته التي كانت تغار مني ورفضت أن تحضر حفلة زواجنا .
هو الآن يضع صوره مع أولاد زوجته . أصبحوا عائلته حقيقة ، ولن يستطيع طلاق زوجته هذه لسبب بسيط أن عائلتها تنتمي إلى متنمري النظام ، ورصاصة واحدة تكفي ، وهي لا تفهمه. هو لا يرغب بالأطفال فقد قال لي أول مرة لو نأجل موضوع الأطفال، أجبته : لكنني تزوجت من أجلهم. علماً أن ليس لديه ميولاً نسائية في الغالب ، ولكنه يبدو ناعماً بقدر المجتمع ما يريد، فلن يتهم نفسه أمام المجتمع الذي أعاد له اعتباره كرجل !
لن يكون رجلاً لأنه تزوج . هو ليس رجلاً لأنه خسيس ، غدار ، و الرجل ليس هو من يمارس الجنس فقط . هذا ذكر، و ليس رجلاً ، وليس حتى ذكراً ، نحن نقرّ بالاختلاف ، وأنا أكثر من يعرفه بأن آخر هم له علاقته بالنساء ، لذا لا زلت مقتنعة بأنه لم يكن رجلاً ولن يكون .
ليس مهماً أن يصبح رجلاً . المهم أنه سرق مالي وعمري ، لم يستطع سرقة أولادي فقد تنازل عنهم بصمت ، لم يفاوض حتى على رؤيتهم، أعتقد أنه يبتسم بينه وبين نفسه كيف تخلّص من مسؤوليتهم ، ولجأ إلى بيت أرملة تقبل به زوجاً في الشكل كي لا تلاحقها نظرات المجتمع .
سألتني صديقتي العزباء أمل . كيف يحافظ الإنسان على زواجه؟ قلت لها: لا تتزوجي ابن الشّوارع ، يصبح أجمل بعد الزواج ويظهر له عائلة تحتضنه ، تحرّضه على الطلاق. في حالتي: الجميع متّهم عدا أمّه . هي الوحيدة التي لم تتدخل ، لكنها لم تدعم عائلتنا منذ البداية .
كل الذين اتهموا زوجاتهم بالجنون أتوا من الشارع . لم يكن لهم أسر حقيقية ، لا يهتمون بأسرهم . من أتى من أسرة حقيقية يرحل بسلام ويحاول أن يبني جسوراً مع أولاده. الجسور ليست بكلمة حبيبي، أو حبيبتي على الفيس بوك، بل هي الإنفاق ، وحضور المناسبات الهامة في حياة الأطفال وكسب مودة الزوجة السابقة كي تتعاون من أجل مصلحة الأطفال. لا تتزوجي ابن شوارع لأنّه لا يجيد تلك الأشياء ، وليس لديه مشاعر لأن أباه رماه إلى الشارع ، ويعتقد أن للأطفال حياتهم، وله حياته .، لكن كيف وهم أطفال؟ قالها لزوجته قبل أن يغادر : هي مشكلتهم ، إذا لم يحترموا رغباتي. ما شأني ؟
هم فعلاً لم يحترموا رغباته وهذا شأنهم ، وهم يكبرون على أنّه غير موجود. فهنيئاً له أولاد زوجته، هم أيضاً وقع عليهم الظّلم بهذا الزواج ، فقد أتى طفل جديد إلى العائلة ينافسهم . قلبي معكم أيها الأولاد ، ومعك أيتها الآرملة . أعرف أنك تعانين ، لكنك سوف تقبلين بكل الأشياء مقابل أن يلتغي عنك اسم أرملة، وهو ليس غبي في الأمور التي تخصه ، لكنه متشدّق ، ومنافق اجتماعياً ، وسلوكه و أخلاقه هما أحد الأسباب التي أوصلت بلادنا إلى هذا الدّمار، فهو نسخة طبق الأصل لذلك الشبيح المنافق لمجتمعه ، ولأبناء طائفته . هناك الكثير من الطائفيين يسمون أنفسهم علمانيين ، ومنهم ثيادته ، لكن ثيادته محترم أكثر من اللارجل الذي يحاول أن يكون رجلاً .مبروك للأب و الأم عودة الابن الضال. لقد صنعت منه شبه رجل، ولن يكون رجلاً حتى لو تزوج عشر نساء ، كما أنه لن يكون ذكراً حتى . لا تتزوجي شخصاً بلا أهل ، تلتقطينه من الشّارع ، فالشّارع لا يصنع الرّجال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية