الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطيئة الأم

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2021 / 11 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لم يكن الكفر هو أكبر خطايا بني آدم
ولا السرقة ... الكذب ولا حتى الزنا ، ولا القتل
خطيئة واحدة كانت الباب الذي فتح علينا  كل أنواع الشرور ، خطيئة واحدة تدفعك لأن ترتكب كل أنواع الخطايا بدم بارد ورغبة متقده في إلحاق الأذى

إنه الحسد  ، الذي قال الله عنه في الآية ٥٤ من سورة النساء : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا}
  في الآية ٣٢ من نفس : {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ  بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (والحسد مذموم، وصاحبه مغموم، وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ... ويقال: الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فأما في السماء فحسد إبليس لآدم، وأما في الأرض فحسد قابيل لهابيل) .


أنا خير منه!!

كثيراً ما نقول هذه الجملة سراً وعلانية
متناسين أن أول من قالها كان إبليس الذي اشتعل بالغيرة من مخلوق الله الجديد الذي اختصه بالخلافة وعلمه الأسماء كلها ، رافضاً السجود لهذا الآدم الطيني. 
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ )١٢ سورة الاعراف


أول جريمة على الكوكب

نعلم جميعاً أن أول جريمة ارتكبت في تاريخ البشرية كانت قتل قابيل لهابيل

قابيل وهابيل هما شخصيتان ذكرتا في العهد القديم ، وهما أول ابنين لآدم وحواء ، كان قابيل عاملاً بالأرض أما هابيل فكان راعياً للغنم ، وفي يوم قررا أن يعبدا الرب فقدما قرابين.
يقول الكتاب: وحدث من بعد أيام، أن قابيل قدم من ثمار الأرض قرباناً لله.
وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانِها. فنظر  الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قابيل وقربانه لم ينظر. فأغتاظ قابيل جداً، وسقط وجهه.
ولم ينظر الله إلى قربان قابيل لأنه كان مخالفاً لما كان يتطلبه وهو الذبيحة الدموية أما هابيل فقد فعل. يقول الكتاب: بالإيمان قدم هابيل لله  ذبيحة أفضل من قابيل. فبه شُهِد له أنه بارٌ إذ شهِد الله  لقرابينه.
حيث قابيل ادعى إيمانه بالرب ولكنه لم يفعل. لم يقبل الرب قربان قابيل فأغتاظ قابيل جداً وسقط وجهه.
فقام على أخيه هابيل في الحقل وقتله، فقال الرب قابيل أين هابيل أخوك؟ فقال لاأعلم؛ أحارس أنا لأخي. فقال: ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ من الأرض .
فالآن، ملعون أنت من الارض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك. متى عملْت الأرض لاتعود تعطيك قوتها. تائهاً وهارباً تكون في الأرض.

وفي الإسلام ذكر الله أحداث هذه القصة في موضع واحد من كتابه الكريم، وهو قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين} (المائدة ٢٧٣٢). 

ومجريات القصة تفيد أن كلاًّ من قابيل وهابيل قدَّم صدقة قربة إلى الله سبحانه، فتقبل الله صدقة هابيل؛ لصدقه وإخلاصه، ولم يتقبل صدقة قابيل؛ لسوء نيته، وعدم تقواه، فقال قابيل -على سبيل الحسد- لأخيه هابيل: {لأقتلنك}، بسبب قبول صدقتك، ورفض قبول صدقتي، فكان رد هابيل على أخيه: {إنما يتقبل الله من المتقين}، فكان ردُّ هابيل لأخيه قابيل ردًّا فيه نصح وإرشاد؛ حيث بيَّن له الوسيلة التي تجعل صدقته مقبولة عند الله، ألا وهي التقوى، وصيانة النفس عن كل ما لا يرضاه الله سبحانه. 


غيرة الأشقاء

(إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) سورة يوسف الايه ٨

في قصة سيدنا يوسف ، كان وشقيقه أحب أبناء يعقوب إليه ، فحسده أخوته لحب أبيهم له وإيثاره عليهم، فدبروا له مكيدة ليقتلوه، ولكن اقترح أحد اخوته عدم قتله وإلقائه في أحد الآبار ليأخذه قوم آخرون، وحدث هذا بالفعل وعادوا في الليل في وقت متأخر يبكون وقالوا لأبيهم أن الذئب أكله. ولكن أبيهم كان يعلم بكذبهم وقال لهم (بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ)


الغيرة بين الأمم

لا شك أن تاريخ البشرية يحفل بمئات الحروب التي اندلعت بين الدول وبين مواطني البلد الواحد بدافع الغيرة وإستكثار ما يملكه الغير والطمع في السيطرة على ثروات البلد الجار تحت نفس الشعار الشيطاني
( انا خير منه)

فالطمع في خيرات البلاد يعتبر من أهم أسباب الحروب والتعدي على الحدود حيث تقوم الدول العظمى ذات السيادة والتي تملك من القوة العسكرية ما يجعلها تستطيع الإعتداء على الدول التي تمتلئ أراضيها بالثروات الطبيعية كي تنهبها وتسرقها بعدة طرق إما الهجوم المباشر من خلال قوتها العسكرية أو زرع الفتن وزعزعة الأمن العام كي تستطيع التدخل في شؤون الدولة السياسية والداخلية بكل سهولة و بدون أي إستغلال لجيشها أو حدوث أي خسائر فيه.

كما أن الغيرة هي وقود الحروب الأهلية الناتجة عن تعدد الطوائف في البلد الواحد التى تطمع جميعها في السيطرة على مقاليد الحكم مما تؤدي الى إنتشار الفتنة التي ينتهي بها المطاف الى تفكك الدولة وضعفها .


سنه كونية
لا استطيع أن ادعو الناس للتوقف عن حسد بعضهم البعض يدفعني إعتقاد ساذج بأنه يمكن أن تتوقف الغيرة والحسد بين بني البشر ، لأنها ببساطة سنه كونية ومفتاح الشر الذي خلقه الله ليبقى الاسود في مواجهة الابيض حتى تقوم الساعة .
ولكن هنيئاً لمن رضي بحياته واحبها ونافس نفسه وطورها ورحمها من نار غيرة تدمر صاحبها قبل الآخرين .  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم