الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين بمنطق جذري 2

زكي بوشوشة
كاتب

(Zaki Bouchoucha)

2021 / 11 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سبق و تحدثنا عن الدين بصفته شفافا الى أقصى الدرجات ، و بالمقابل هو العنصر الحيوي الاكثر فعالية في حياة الأفراد و المجتمعات ، و لكن هذا بدوره يوقعنا في إشكال عميق ، حول العدمية الثقافية للدين بإعتبارها شكلا من أشكال الشفافية و هذا ما تحدث عنه المنظر السياسي Olivier roy في كتابه الجهل المقدس زمن الدين بدون ثقافة . و من جهة أخرى في إخضاع الدين لقيم البراغماتية كشكل من أشكال الاحتكام للفاعلية و المفيد الواقعي و المباشر . في هذه النقطة تنسج احدى المغالطات الخطيرة .
حيث تبرز مقاومة عنيفة من التيارات الدينية بمجرد محاولة الاحتكام إلى واقعية الطقوس و العبادات و التعاليم الدينية ، او مدى تحقيقها لغاياتها الاخلاقية و الاجتماعية ، مقاومة تبرز في شكل عدمية تجاه الواقع و تجاه الشق المادي و الملموس المشترك بين البشر . هنا تم تعويض الثقافة الشفافة باللا ثقافة ، و بالمقابل يستحضر الدين في غير سياقه ، ليركب موجة الثورات و المعارضات و القضايا الشائكة و نقاط التوتر و الصدام ليتم اعطاءه صفة المحرك و من ثم يعطى مزايا الفاعلية كذبا و بهتانا ، ففي اغلب الأحيان لا يؤدي التدين الشكلي و الطقوسي إلى نتائج حتمية في حياة المتدين بل إننا نجد في كل صراع متدينين من هنا و هناك و أيضا لا تقوم الثورات لاجل الواقع الديني ، بل بدوافع اخلاقية محضة ، ابرزها العدل و الكرامة او دوافع مادية ابرزها الجوع و الفقر و الاعتداء .
و الحقيقة أن هذه المغالطة ليست مجزءة بل هي مرتبطة إرتباط استلزام حتمي ، اي متى فصل الدين عن غايته الحقيقية سيتم استغلاله في غاية غير غايته ، فكيف نمييز بين غاية الدين الحقيقية و استغلال الدين ؟؟
قد نرى في حياتنا او في صفحات التاريخ من شخصيات الانبياء و الرسل و المصلحين من الفقر و الحاجة و العجز و الفشل و حتى الظلم و الاضطهاد مقابل رفاه و قوة و سلطة و نجاح لطغاة و ظالمين و أعداء للانبياء ، فنتساءل :و ما قيمة الدين إذن ؟ فيأتي الجواب : انهم ربحوا الدار الاخرة انهم ربحوا شهادة التاريخ لهم ربحوا رضا انفسهم و شهادة الناس لهم و لاخلاقهم .
ثم نأتي لنرى الدول فنجد ان عجلة التاريخ تمضي و كل يوم تصعد بأمة و تهوي بأخرى و لكل أمة دينها , فنعود لسؤال لا يقل اهمية : هل الحقيقة الدينية ثابتة ام تنتقل من دين لآخر من مرحلة لاخرى ؟
من هنا ننتهي أن الدين يسعى لتحقيق غايات سامية و متعالية على مستوى الفرد ، و يسعى نحو غاية كونية لمصير البشر متمثلة في خلاص الإنسان كفكرة مجردة ، بعيدة عن الواقع او مفارقة له تماما .
اما فكرة الدولة فهي تسعى لتلبية حاجيات الفرد داخل مجتمعه و تجاوز ما ينجم من صراع بين مصلحة الفرد و الصالح العام ، و الثورات قامت لبناء الدولة في هذه الحياة و ليس لبناء دولة في الاخرة .
لهذا سنلاحظ ان الدين يتجه نحو الفردانية في ابعد حدودها و هي النية او النوايا ، و نحو الغاية الاقصى للانسان و ليس للفرد المتمثلة في الاخرة ، و هذه الاخيرة لا تؤمن و لا تقوم و لا تحتمل دولا هناك ، فالدولة هي إبداع بشري نشأ و تطور وفق ضروريات و متغيرات و نقائص الواقع ، و اي استحضار او حشر لفكرة الدولة داخل عباءة الدين سينتج نتيجتان حتميتان :
1_داخل الدولة : التضييق على الأفراد و قتل الحرية الفردية المتمثلة في النية سواء الخييرة او الشريرة لصالح المظاهر الاجتماعية القابلة للاصطناع .
2_خارج الدولة : نظام شمولي لا يحترم حدودا و لا خصوصيات الشعوب و لا شؤون داخلية لباقي الدول ، فهو رافض بالاساس لفكرة التنوع و الاختلاف و سيرورة تطور المجتمعات و يسعى للاتيان بيوم القيامة هاهنا و الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غايات الدين إنسانية
طاهر مرزوق ( 2021 / 11 / 15 - 22:18 )
الأستاذ/ زكى بوشوشة
بعد التحية والسلام,
فى تعليقى على مقالك السابق قلت أن الدين لم يأتى بجديد بل أتى بالصراعات وسفك الدماء، ولنا فى سيرة محمد أسوة حسنة عندما كان حياً ويقود غزواته ضد قريش وغيرهم، كان يتخلص من المختلفين عنه بالقتل رغم أن البيئة القريشية كانت أفضل منه أخلاقاً وحرية للأديان التى كانت تتعايش مع بعضها، حتى جاء محمد وحطم هذا التعايش بين المشركين والمختلفين عنه وبدأ فى سفك دماءهم بحجة أن الله قال له ذلك، لكنه فى البداية عندما كان تحت سلطانهم قال أن الله قال له لا إكراه فى الدينّ!!
لذلك ليس حقيقياً أن الدين يسعى لتحقيق غايات سامية ومتعالية على مستوى الفرد، ويسعى ، نحو غاية كونية لمصير البشر متمثلة في خلاص الإنسان، هذا رأيك الشخصى لكن الواقع أن تاريخ الأديان أثبت أن غاياتها هى السلطة والحكم مثل الخلافة وولاية الفقيه والحاكمية والخلافة التى يريد رجال الدين إستعادتها وإقامتها بقوة السيف كما نشأ الدين بالغزو وبقوة السيف ولذة العنف والقتل والموت فى سبيل جنة حور العين، أليس تاريخ الدين كذلك؟؟
شكراً

اخر الافلام

.. لماذا يركز الجيش الإسرائيلي على الطائفية لوصف مجريات الحرب ف


.. رقعة| أين يقطن المسلمون في أمريكا؟ وكيف يؤثرون على الانتخابا




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية لا زالت تواجه على المتر الأو


.. مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال




.. رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يفتتح مسجد خلود محمد جمع