الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراحل الأربع لتصحيح الديمقراطية في العراق

ضياء الشكرجي

2021 / 11 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بلا شك نبقى نتطلع إلى التغيير الشامل، وإلى بلوغ الديمقراطية الحقيقية، القائمة على مبدأ المواطنة، والفصل بين الدين والسياسة، واعتماد التعددية السياسية والأغلبية السياسية.
لكن بما أن الواقع ينبئنا حتى هذه اللحظة أن تحقيق ذلك يمكن أن يكون بعيد المنال، وليس من الممكن في ضوء المعطيات الحالية أن يتحقق عاجلا، وبدفعة واحدة، بالرغم من أننا يجب أن نواصل النضال لتحقيق ذلك؛ لا بد لنا كبديل أو خطة موازية، أن نفكر بالتغيير التدريجي، بجعله على شكل مراحل، يمكن أن يكون عددها أربع مراحل، يجري تصورها على النحو الآتي:
1) المرحلة الأولى: المكوناتية التوافقية التحاصصية المتساترة (المطلوب طيّ صفحتها).
2) المرحلة الثانية: ديمقراطية الأغلبية الوطنية.
3) المرحلة الثالثة: ديمقراطية المواطنة والأغلبية السياسية.
4) المرحلة الرابعة: الديمقراطية العلمانية الراسخة.
المرحلة الأولى - (المكوناتية التوافقية التحاصصية المتساترة): هو ما نعيشه في العراق منذ 2003، وعلى وجه التحديد منذ 2005، وربما سيبقى الأمر كذلك حتى 2025 أو 2026، أي لغاية الانتخابات النيابية القادمة، وهذا أي موعد الانتخابات القادمة، يتوقف على يوم انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب في 10/10/2021. وصفت هذه المرحلة التي مازالت قائمة بأربع صفات، فتوصيفي لها بالمكوناتية لأن المنظومة السياسية أسست بما يمكن نعته بدولة المكونات، بدلا من دولة المواطنة، لاسيما المكونات الثلاثة الرئيسة، وما انبثق منها من مصطلحات (القوى الشيعية، القوى السنية، القوى الكردية)، أو (البيت الشيعي، البيت السني، البيت الكردي)، والذي يجري الكلام هذه الأيام بعد انتخابات 10/10 عن وجوب التئام كل بيت منها على انفراد، ثم التفاوض بين البيت الأول المشكِّل للحكومة، وكل من البيتين الثاني والثالث المطلوب التفاوض والائتلاف معهما لتشكيل (حكومة الكل)، وكمقدمة، وورقة ضغط لائتلاف البيت الأول، جرى ائتلاف كل من البيتين السني والكردي، كما يقال بضغط بل تهديد من وراء الحدود الشرقية.
المرحلة الثانية - (ديمقراطية الأغلبية الوطنية): بعد الانتخابات النيابية القادمة في آخر 2025 أو مطلع 2026. أما لماذا الأغلبية الوطنية كمقدمة لتحقيق الأغلبية السياسية في المرحلة الثالثة، وما المقصود بالأغلبية الوطنية التي تطرحها اليوم بعض الكتل النيابية المنتخبة أيضا، ولماذا وجوب المرور بهذه المرحلة، فلأننا لو اعتمدنا الأغلبية السياسية في هذه المرحلة، التي نكون بعد لم نتخلص من واقع وجود أحزاب شيعية وأخرى سنية وثالثة كردية، بدل الأحزاب القائمة على مبدأ المواطنة والتعددية السياسية، لا المكوناتية، فلأننا خلال الدورة النيابية هذه لن نستطيع أن نغير القوانين، أو نُفعِّل ما هو نافذ منها، لنمنع وجود أحزاب مكونات، والأغلبية السياسية يمكن إذا طبقت حرفيا أن تتشكل حكومة شيعية محضة، أو ربما حكومة كردية، فإذا فاز حزب شيعي بأكثرية مقاعد مجلس النواب، وكلف مرشحه لرئاسة السلطة التنفيذية بتشكيل الكابينة الوزارية، فبإمكانه نظريا أن يأتلف مع حزب شيعي آخر أو أكثر من حزب شيعي، ويشكل حكومة من الشيعة حصرا، بينما المعني بالأغلبية الوطنية حاليا، ولحين التحول إلى أحزاب سياسية لا مكوناتية، أن يشكل الحزب الشيعي الفائز بالانتخابات حصرا، وليس التحالف الشيعي المتشكل بعد الانتخابات؛ أن يشكل حكومة ائتلافية مع حزب سني، وآخر كردي، حسب قرب كل منهما من برنامجه السياسي، علاوة حسبما يشكل معهما أكثرية نيابية مريحة، ولا يكون مُلزَما لا بإشراك بقية الأحزاب الشيعية، ناهيك عن إشراك كل السنة وكل الكرد، كما يراد الآن. وخلال هذه الدورة النيابية يكون قد شرع القانونان اللازمان والصالحان للأحزاب والانتخابات، وجرى السعي على تفعيل المادة (5) أولاً من قانون الأحزاب 2015، والتي تنص على أن «يؤسس الحزب او التنظيم السياسي على أساس المواطنة»، والمادة (8) ثالثاً بـ «أن لا يكون تأسيس الحزب او التنظيم السياسي وعمله متخذاً شكل التنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية، كما لا يجوز الارتباط بأية قوة مسلحة».
المرحلة الثالثة - (ديمقراطية المواطنة والأغلبية السياسية): وهذه تكون بعد انتخابات 2030، فتطبيق ما ذكر من المادة الخامسة من قانون الاحزاب الحالي، فيما ذكر إنجازه في المرحلة الثانية، سيعني منع الأحزاب الشيعية والأحزاب السنية، لعدم تحقيقهما لمبدأ المواطنة الذي يشترطه قانونون الأحزاب، وتطبيق ما ذكر من المادة الثامنة سيعني حظر كل الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة، باسم الحشد الشعبي، أو بأي عنوان آخر. عندها لن تكون هناك أحزاب طوائف وأعراق، بل أحزاب سياسية، يكون الاختلاف بينها فقط في فكرها السياسي، كأن تنتمي إلى الاتجاه الليبرالي، أو إلى اليسار الديمقراطي، أو إلى الوسط الوطني، أو الاتجاه المحافظ. ووفق التعديلات التي أراها لقانون الانتخابات، فيجب حظر كل حزب ثبت عليه أنه زاول سياسة مناوئة للمبادئ الديمقراطية والمصالح الوطنية، من قبيل تنفيذ أجندات لدولة أخرى، لتحقيق مصالحها على حساب المصالح الوطنية، أو مارس العنف، أو تورط في سرقة المال العام، أو بأي مستوى من الفساد المالي، أو الذي يعتمد الإسلام السياسي، والطائفية السياسية، أو التنسيق مع الإرهاب، أو مع حزب البعث المنحل.
المرحلة الرابعة - (الديمقراطية العلمانية الراسخة): وهذه تنجز أثناء الدورة النيابية من 2030 إلى 2034. بعد ما يكون قد أنجز ما مر ذكره في المرحلة الثالثة، سيكون مجلس النواب مؤهلا لإجراء التعديل الدستوري الجذري والشامل، لتحقيق الدولة الديمقراطية العلمانية العادلة الحديثة، تتنافس فيها الأحزاب السياسية، وفقا للفكر السياسي لكل منها، وبرنامجه السياسي وأولويات ذلك البرنامج، ووفق مقدار ما تمنحه له الجماهير من ثقة، بعيدا عن الانتماء الطائفي والديني والقومي. فلا يهمنا عندئذ أن يكون رئيس السلطة التنفيذية سنيا أو شيعيا أو من أتباع ديانة غير دين الأكثرية، أو كان كرديا أو تركمانيا أو آشوريا أو عربيا، وهكذا لا يهمنا ما يكون عليه كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب. عندها ستكون لدينا دولة مواطنة، لا دولة مكونات، وسنلحق بالدول الديمقراطية العريقة سياسيا، وبالدول المتقدمة على صعيد الخدمات، ونحقق أقصى الممكن من العدالة الاجتماعية والرفاه لمجتمعنا.
17/10/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran