الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل عبد الفتاح البرهان قادر على فرض حكومة- أمر واقع-؟ ام أن القوى الحزبية السودانية قادرة على إرغامه بالعدول عن قراراته

عبير سويكت

2021 / 11 / 19
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


عبير المجمر(سويكت)

الجزء الرابع

مواصلة ً للقراءة التحليلية للوضع في السودان ما بعد أحداث 25 أكتوبر 2021.

ما زالت الأنظار تتجه نحو تطورات الأحداث في السودان، و مراقبة التغيرات الطارئة، والسؤال الذى يطرح نفسه و بقوة ماذا بعد الكر و الفر بين الطرفين ؟ و هل رئيس المجلس السيادى، و القائد الأعلى للقوات المسلحة قادراً على فرض حكومة" أمر واقع"؟ ام أن المتظاهرين ، و القوى الحزبية قادرين على إرغامه بالعدول عن قراراته.

مما لا شك فيه ان هناك توقعات سياسية متفاوتة و متباينة نسبيًا، و كل الأحتمالات واردة لأن السياسة فن الممكن، كما ان السياسة ليس لديها ميزان ثابت، بل هى متغيرة، و متبدلة بناءًا على التغيرات و الظروف و الأحداث، وكذلك كروت الضغط من كلا أطراف العملية السياسية، و العالم المحيط بنا الذي يتأثر سلبيًا او إيجابيًا بكل تغير فى المنطقة.
و عليه ليس من السهل التكهن باى كفة سوف تكون راجحة ، و لا يمكن التنبؤ بسهولة حول ماذا ستكون الخطوة القادمة لرئيس مجلس السيادة السودانى و خصومه من القوى السياسية الحزبية؟؟؟ ، كما لا يمكن الإجابة بلا او نعم، لان السياسة تفاجئنا دائما بما لا نتوقع، فهى فن الممكن، و لعبة محورية قد تنقلب فيها الموازين و المعادلات فى اى لحظة وفقًا للظروف و الأحداث و المتغيرات.

و عليه يمكن تجزئة المحاور التحليلية الرئيسية الى :

1/الشعب السودانى و إرادته، و مدى قدرته على التأثير على الأحداث .
2/قوى الحرية و التغيير(الأحزاب السياسية)، و تجربتها فى الحكم، و مدى قدرتها على التأثير و كروت ضغطها، بالاضافة لتجمع المهنيين.
3/المجلس السيادى و القيادة العليا للجيش، بالتعاون مع شركاء السلام ، و مدى قدرة البرهان على التاثير، و كروت ضغطه.
4/دول المحاور و المجتمع الدولى و اثرهم و تأثيرهم فى القرار.

نبدأ بمحور الشعب و ارداته، و مدى قدرته على التأثير.

من المعلوم ان ثورة ديسمبر المجيدة قلبت الموازين عبر الإرادة الشبابية المستقلة، و الشارع الذى تمكن من إسقاط إمبراطورية دامت ثلاثين عامين، فى الوقت الذى عجزت فيه الاحزاب و الجبهات المعارضة ان تتفق فيما بينها و تسقط نظام الإنقاذ بعمل معارض موحد، و عجزت حتى ان تُجمع على كلمة واحدة.

فى الوقت الذى انقسمت فيه الأحزاب المعارضة آنذاك الى : من رفعت شعار الهبوط الناعم، و اخرى دعت لحوار خارجى بين كتلة المعارضة السودانية المدنية و المسلحة، حوار خارجى ينتقل لحوار داخلى مع النظام البائد، و قوى سياسية مدنية و مسلحة كانت قد شدت رحالها و توجهت للمشاركة فى ورش تنزانيا المدعومة امريكياً لخوض انتخابات 2020 مع قائد نظام الإنقاذ البشير.

فى ذات الوقت كانت هناك قوى سياسية تقود مناظرات فى دار أحزابها لاقناع عضويتها بخوض الانتخابات الرئاسية مع الرئيس المخلوع البشير.
و فى هذا الوقت بالتحديد تمكن الشارع السودانى و الشباب المستقل من مفاجئت هذه القوى السياسية بثورة ديسمبر المجيدة فى أجمل لوحة عبقرية لصدق الإرادة الوطنية.

و مع اندلاع ثورة ديسمبر التى حسمت الفوضى و قلبت الموازين بصورة مفاجئة ظهرت كيانات أسمت نفسها تجمع المهنيين، و تحالف الحرية و التغيير"قحت".

و من هنا نبدأ التحليل، بمحور قحت تجربتها فى الحكم ، مدى تأثيرها و كروت ضغطها.

حاولت قحت (قوى الحرية و التغيير السودانية) من ان تمطى ثورة الشباب، و ان تتصدر المشهد الثورى، وتتحكم فى المسار، و تخطف الثورة فى غفلة، بعد ان اثبتت ثورة ديسمبر الشبابية انها كفة راجحة، عندها شهد السودان تهافت هذه القوى السياسية حتى تجنى ثمار ثورة الشباب.
فسارعت فى عقد شراكة مباشرة مع المكون العسكرى، عبر وثيقة دستورية تعطيها شرعية ملكية الثورة و مكتسباتها، و تمهد الطريق لهذه القوى السياسية الحزبية، و تشرعن لها لتقاسم السلطة مع المكون العسكرى، بدلًا من إعلان حكومة ثورية مستقلة من امام إعتصام القيادة العامة عبر الشعب و بإرادة الشعب .

و عليه كان القبول بقحت و آخرين من مختطفى الثورة "أمر وأقع " أوجبته الضرورة، و كان اعلان حكومة قحت كذلك بأعتبارها "حكومة امر واقع" فرضتها الظروف، لم تاتى بإرادة الشعب، و لا عبر استفتاء شعبى، و لم تكن منتخبة، و لكن فرضتها الظروف، و فرضها توافق قوى سياسية فيما بينها على إختطاف الثورة الشبابية، و إعلان نفسها الممثل الشرعى للشعب السودانى شاء من شاء و ابى من ابى .
هذا الشعب السودانى الذى يتكون من اكثر من أربعين مليون نسمة، و ولاية الخرطوم العاصمة وحدها تمثل أكثر من سبعة ملايين نسمة ،لم يفوضوها، فكانت حكومة قحت "حكومة الأمر الواقع" بإمتياز ، و هى تمثل فقط مجموعة إنتهازية تعبر عن مصالحها ،و محاصصاتها الحزبية التى أتت بوزارء و مستشارين ضعيفى القدرات و منعدمى المهارات و الكفاءة، و فاقدين للتجربة ،أرهقوا خزينة الدولة بمرتبات عالية خرافية يصرفونها بالدولار مقابل صفر إنجاز ، بالإضافة لمصروفات العربات الفاخرة و السكن الخمسة نجوم و امتيازات اخرى ، فى ظل ضائقة معيشية أرهقت كاهل محمد أحمد السودانى البسيط الذى لا يملك قوت يومه، فى الوقت الذى كانت تطالبه فيه قحت بالصبر و التقشف، فسلم الشعب السودانى "لحكومة الأمر الواقع القحتية" دعماً للانتقال المدنى و آملًا فى غدٍ أفضل.

و لكن سرعان ما أنكشفت سواءتهم و عورتهم ، و أتضح للجميع أن قحت تفتقر للرؤية و المشروع فى آن واحد، و كان احد اهم أسباب فشلها المحاصصة السياسية، و سوء الإدارة و التنفيذ.
حيث كشفت قحت عن أنها غير متفقة، و غير منسجمة فيما بينها، و ان ما جمع بينها آنذاك مؤقتا كأحزاب كانت لعبت الكراسى السلطوية متمثلة فى "من يحكم السودان"، دون أدنى رؤية سياسية و اقتصادية واجتماعية لما بعد الجلوس على كراسي الحكم.

و سرعان ما أتضح ان قحت لا مشروع لها للنهضة بالشعب السودانى، و كان ذلك باعتراف رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك الذى صرح بان قوى الحرية و التغيير لم تسلمه اى مشروع، و ليس لديها مشروع.
فعندما وضعت قحت فى كرسى الاختبار العملى الفعلى بعيدًا عن التنظير و الهتافات، و العمل الوهمى الهلامى عبر منصات التواصل الاجتماعي ، و بدات عملية التنقيه، و التفحيص و التمحيص المتمثل فى العمل التنفيذي و الإدارى فشلت قحت فشلًا ذريعًا، و تأكد المواطن ان هذه القوى السياسية الحزبية تنتهك شعارات الثورة الشبابية الديسمبرية المستقلة( حرية سلام و عدالة)، و رفعت شعارها المتمثل فى (من أتفق معنا فهو قديس و من خالفنا فهو ابليس)، فعادت مرة اخرى لاستغلال الشارع بهدف تسخيره لتحقيق مطالب حزبية سياسية مبطنة متخفيةً وراء الشباب فى المظاهرات، و الاعتصامات، مستثمرةً فى زرع الفتنة، و إحداث الوقيعة بين مكونات الشعب السودانى المختلفة معها فى الراى، لضربهم ببعضهم البعض تارةً، و أحداث الوقيعة بين الثوار و المنظمومة العسكرية تارةً اخرى، تلك المنظمومة التى كانت قحت هى من سارعت بالخطوى للتفاوض معها، و مشاركتها فى تقاسم السلطة، و تركت وراء ظهرها دماء الشهداء، الشهداء الذين ليس من بينهم شهيد حزبى واحد بخلاف الأستاذ أحمد الخير المحسوب على المؤتمر الشعبي الإسلامي، و مع أن الشهداء هؤلاء غير حزبيين، و ليس لقحت فيهم ناقة و لا جمل ، لكنها عادت اليوم لتتاجر بهم مرة أخرى، مستغلةً الشارع لتحقيق أهدافها، مستثمرة في زرع الفتنة، و تأجيج مشاعر الشارع، و أستثمار الدماء ككرت ضغط على المجتمع الدولي حتى يصطف فى صفها، و ضد خصمها .

و تستمر قحت فى الاصطياد في الماء العكر لكسب سياسي ذاتي غير حقيقي، جر البلد الى حالة فوضى ، أشعلت نار الفتنة و الكراهية ، و لكن سرعان ما كشف كرت الضغط هذا عن عورة المتاجرين به، الذين خلقوا الازمات القومية لتحقيق مكاسب سياسية ذاتية، ضد المصلحة الوطنية .

و تبقى حقيقة راسخة فى نظر المجتمع الدولى و المحلى ان هناك مجموعة أحزاب بعينها انكشف عنها الستار، و عن عدم جاهزيتها لقيادة فترة انتقالية ، معروف ان من أهم ركائز المرحلة الانتقالية صنع الوفاق الوطنى، و يكون ذلك عبر الإتفاق عليها، حتى يتثنى لها العبور بالبلاد و العباد لبر الأمان.
و لكن قحت إتُهمت بضرب النسيج المجتمعي، بالاضافة الى افتقارها للمشروع و الرؤية، و انها ليست مؤهلة ، و لا جاهزة للقيادة، و تحتاج لزمن طويل لترتيب بيتها الداخلى، و بناء نفسها، و تحضير كوادرها، و الرفع من قدراتهم و مهاراتهم ، و تحتاج لرصيد تجربة مكتسبة للإدارة و التنفيذ، لكنها أثبتت أنها لا تلبى طموحات و أهداف الثورة.

و نظرًا لهذه التطورات و التغيرات مجتمعة تصبح فرص قحت ضعيفة جدًا فى فرض نفسها مرة أخرى كأمر وأقع ، و كرت ضغطها الوحيد هو استغلال الشارع، و المتاجرة بالدم، و محاولة ضغط المجتمع الدولي الذى فهم اللعبة، و إصرارها على إيصال السودان الى مرحلة "إنسداد" تستغله هذه الفئات المؤدلجة، و بلا سند شعبى حقيقى لتحقيق مكاسب، و فرض نفسها، متهربةً من الانتخابات، تسعى قحت لأحداث الإنسدادات لفرض نفسها كأمر واقع، و لسان حالها "أما قحت الحزبية او الطوفان". 

تابعونا للحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا