الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديان هي آخر ما تبقّى من التراث الحيواني السلبي لدى الجنس البشري.

اسكندر أمبروز

2021 / 11 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بات لدى أي باحث اليوم ومطالع للكتب معرفة لا بأس بها بالتاريخ البشري وتطوّر الكائنات الحيّة بشكل عام من خلال نظرية التطور وأبعادها الكبيرة والواسعة من علم الجينات الى علم النفس التطوري الى البيولوجيا طبعاً , وغيرها من المجالات العلمية التي تدخل وتصب في نظرية التطور الداروينية الأساسية.

وطبعاً البشر كغيرهم من الكائنات الحيّة , خضعوا لتطوّر بيولوجي وسيكولوجي وثقافي وغيره من التطورات الى أن وصلنا الى ما نحن عليه اليوم من حضارة إنسانية رائعة ومتطوّرة بمئات الأشواط عمّن سبقنا من أجداد.

ونعلم أيضاً أن الأديان تطوّرت من خلال ثقافات المجتمعات السابقة وتطوّر الخرافات والقصص الخيالية وتناقلها بين مجتمع لآخر وتحولها لنصوص مقدّسة في الأديان القديمة وصولاً للأديان الغربية الأوربية الإغريقية والفارسية والآسيوية والصحراوية البهيمية كاليهودية والإسلام والمسيحية...

وظهور هذه الأديان في بيئة التخلف والظلام الذي عاش بها أجدادنا كانت بمثابة التقاط صورة للمستوى الحضاري والتطوري لدى تلك الشعوب في غياهب الأزمنة الغابرة , وتجميد النصوص الدينية ومن ثم تقديسها والتمسّك بغبائها وبدائيتها الى اليوم لدى الكثيرين جعل منها سلاسل مُقيّدةً لكل المؤمنين بها , والأمر طبعاً لا يقتصر على الأديان الخرافية الميتافيزيقية , فهو (أي التراث الحيواني السلبي) استمر بالظهور من خلال أديان ومنظومات دينية سقيمة أُخرى كما نعلم , كالنازية والفاشية والشيوعية وغيرها...

ولكن من حيث التأثير والوجود اليوم فإن الأديان وتحديداً أديان اله الدم الثلاثة , هي آخر ما تبقى من ربط وقيود وسجون تبقي على المجتمعات في غياهب التراث الحيواني الإنساني القديم والذي يقف عائقاً أمام المليارات اليوم , مانعاً إياهم من الصعود على سلّم الحضارة الإنسانية الحرّة والمتقدّمة والسليمة.

وللتوضيح أكثر , سنأخذ بعض الأمثلة التي تبيّن مدى بدائية وحيونة الأديان , فمثلاً نعلم أن الحروب كانت ولا تزال تراثاً حيوانياً لدى البشر , وأن بعض الحيوانات إلى جانب البشر تقوم بالإقتتال فيما بينها , والبشر أيضاً كانت لهم هذه الفكرة واتسموا بهذا التصرّف منذ بداية ظهور الجنس البشري وإلى اليوم , والأفكار التي تقدّس الحرب والهجوم على الآخر المختلف دون أي اكتراث لتداعيات وخطورة وفظاعة الحروب على جميع الأصعدة , هي أيديولوجيا نابعة من التراث الحيواني البشري السلبي , وتقديس هكذا فكر إجرامي اليوم هو تخلّف يعيد المؤمنين به الى ماقبل العصور الحجرية.

وكذلك الأمر ينطبق على حيونة أجدادنا المتعلّقة بالذكورية والتسلّط على الإناث , حيث أنه من المعلوم لدى أي عاقل مدى الاختلاف الشاسع في القوّة البدنية بين الرجال والنساء , والذي ترجم نفسه في الحيوان البشري سابقاً في فكرة التسلّط على الإناث وهدر حقوقهن , ووضع المرأة أو الأُنثى تحت سيطرة الرجل وبطشه , والأديان كما ذكرنا التقطت صورة المجتمعات التي شكّلتها وظلّت هذه الصورة سجناً لدى المؤمنين بها مانعة إياهم من التطوّر والحضّر والتخلي عن التراث الحيواني البشري القديم...

فالفكر الذي يحلل ويشرّع ضرب الرجل للمرأة واستعباد واغتصاب النساء وتحجيم المرأة من حيث القيمة في المجتمع , والتحكّم بكل ما يتعلّق بها شخصياً وصولاً للباسها...الخ , عوضاً عن كبح جماح التسلّط الذكوري والنهوض بمجتمع انساني حضاري يتساوى فيه جميع البشر بعيداً عن الأذى والتخلف الحيواني هو أيضاً بقايا من التراث الحيواني البشري الذي تم تجميده وتقديسه ونسف من يؤمن به جاعلاً إياه متساوياً مع الحيوانات بأفعاله ومعتقداته.

وحتى أن الأمر في الأديان لم يقتصر على التسلّط أو إطلاق العنان لحيونة الرجل , بل امتد لتقديس وتشريع أحقر صور الحيونة الذكورية في التاريخ , متمثّلة بتعدد الزوجات ومبدأ الPolygamy الذي كان موجوداً ولا يزال لدى العديد من الحيوانات المختلفة التي يصنع الذكور منها لأنفسهم حريماً من الإناث لإطلاق العنان لأنفسهم وحيونتهم , والذي يمثّل قمّة التسلّط و الذكورية المتخلّفة التي تعتبر امتداداً وتطبيقاً فعليّاً لتصرفات الحيوانات وإرثاً أسود تم تقديسه من خلال الأديان والإبقاء عليه وعلى تخلّفه.

والأمر لم يقتصر على الإبقاء على الإرث الحيواني , وإنما امتد ليُظِرَ أشكالاً نادرة جداً من الحيونة , فالبشر منذ بداية ظهورهم على هذا الكوكب وهم يمارسون جريمة الإستعباد وفجورها المتخلف , وفكرة تسخير البشر الآخرين لخدمة مجموعة بشرية أٌخرى هو حيونة أشد من أي فعل يمكن أن يظهر في الطبيعة والكائنات الحيّة البهيمية الأٌخرى , فالبشر سخّروا قدراتهم العقلية للغلوّ في حيونتهم التي كانت لديهم أصلاً , وترسيخ الأديان لهذا الفكر الفاجر وتشريعه وفتح الأبواب أمامه هو حرفيّاً تجسيد لأسوأ تراث بهيمي قامت به الأديان , والذي يبين مدى خطورتها اليوم على الجنس البشري ووقوفها أمام تطوّر وتقدّم المليارات.

وهذا ناهيكم طبعاً عن الإرث الحيواني الأخطر للأديان وإلغاء ما يميّزنا كبشر عن باقي الحيوانات ألا وهو العقل , في تحجيم وتغييب تامّ له وللمكاته من تفكير ونقد وتشكيك وتحليل فيما يتعلّق بالخرافة , وتحويل المؤمن الى روبوت وبهيم مطيع لا يجادل ولا يناقش النص أو من يحتجّ به , جالس كالبهيمة مع القطيع البهيمي من حوله خاضعين جميعاً لقيء رجال الدين ودجلهم ليل نهار.

وكل ما سبق من صور حيوانية استمرّت مع استمرار الأديان هي غيض من فيض , والنصوص الدينية مليئة بالعشرات والمئات من الصور المشابهة , من تقديس وترسيخ للتراث الحيواني البشري والذي يبقي على شعوبنا ومع الأسف في العصور التي سبقت العصر الحجري حتى !

ولكن هل هذا يعني أن التراث الحيواني البشري كلّه سيء , لا طبعاً... فوجود الطبيعة الحيوانية لدى البشر اليوم لها صور عديدة إيجابيّة وجيّدة , كغريزة البقاء والتزاوج , وغرائز الخوف والرهبة من الأخطار , والتواصل بالأصوات الذي تطوّر ليصل الى اللغات المعروفة اليوم , الى صفات بدائية مميزة لدى البشر وبعض الكائنات الأُخرى كالعطف والحب , الى غيرها من تصرفات بشرية قديمة لا تزال معنا الى اليوم.

وكون التصرّف حيوانياً غريزياً , لا يعني بالضرورة أنه سيء , ولكن التصرفات الحيوانية التي أثبتت شرّها وضررها وفسادها وإفسادها , لا تزال على قيد الحياة بسبب الأديان وتقديسها للتخلّف والبهيمية السلبية التي تخلّت عنها شعوب كثيرة حول العالم , والتي صار حالها أفضل بملايين المرّات عن حال شعوب تريد الإبقاء على الإرث البهيمي السلبي رغم ثبات فشله وشروره وتخلّفه.

فالبشر بغالبيّتهم قد تخلّصو من المفاهيم والأفكار السلبية , وتطوّر الأخلاق الإنسانية اليوم عمّن سبقنا من أجداد هو خير دليل , ووجود هذه الصور الفظيعة من التاريخ الانساني هو شيء طبيعي وبديهي , ولكن المصيبة هو التشبّث بالتخلّف والصور الفظيعة تلك , ورفض التطوّر والتحديث والنهوض بالأفكار والمجتمعات نحو مستقبل أفضل لنا وللبشرية , والتخلّص من الأديان اليوم لدى شعوبنا لم يعد مجرّد خطوة عادية على سلّم الحضارة الإنسانية , بل ضرورة حتميّة لن تقوم لنا قائمة إن لم تتم وبأسرع وقت ممكن , فشعوبنا لديهم من القيمة الإنسانية ما لا يقدّر بثمن , وكونهم حبيسي الخرافة والتراث الحيواني اليوم يستدعي من أي عاقل ومثقّف أن يحارب الدين والفكر الديني لتحطيم أكباله وسلاسله وقيوده , فشرفنا الإنساني يستدعي هذا الأمر ومستقبل هذه الدول هو رهينة نجاحنا في سحق الدين ونسفه التّام من الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بحلو


.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار




.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa