الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقدنا الأرض ونفقد الإنسان

نصار محمد جرادة
(Nassar Jarada)

2021 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


منذ قرون طويلة كالحة فقدت شعوب أمتنا العربية كثيرا من حدائقها الغناء المتقدمة المفتوحة طواعية ( بالحب !! ) والتي انتزعت منا كما سلبت ( عنوة !! ) وعادت لتحكم من أهلها وأصحابها الأصليين في الشرق والشمال والغرب ( بلاد فارس والسند وخراسان وتركستان والأناضول والقوقاز والأندلس وغيرها ) وفقدت فضلا عن ذلك دورها المؤثر في صناعة الأحداث على المستويين الإقليمي والدولي لأسباب لا مجال لذكرها في هذا المقال وصارت تعيش مذ ذاك مضطرة محصورة في هامش ضيق ثانوي ذليل من الواقع ، الفعل والفاعلية ، رغم إشغالها لحيز كبير من الجغرافيا ( أكثر من ثلاثة عشر مليونا من الكيلومترات المربعة ) وفي فلسطين - المظلومة الضحية ، الصغيرة بمقاييس الجغرافيا ، الكبيرة بمقاييس الصراع ، صراع القوى الكبرى المستمر والأزلي ، القوى المهيمنة صاحبة المصالح المتباينة والمتضادة - فقدنا الأرض منذ قرن تقريبا بفعل سطوة إمبريالية غاصبة قاهرة للإنجليز وتأثير وعد ، وبدأنا مؤخرا للأسف نفقد بتوارد نسبي خطير الإنسان رأسمالنا الوحيد الباقي بفعل ذاتي خالص عجيب لأن السلطويين منا وعشاق الكرسي – لا حفظ الله منهم أحدا – قدموا مصالحهم الخاصة على مصالح الشعب والوطن والقضية ولأن أطهرهم - إن كان بهم طاهر - اعتقد واهما بحسن نية أو بدون أن الإنسان أقل قيمة وأدنى منزلة من الوطن وهو ما لم يحصل وما لن يكون !!

وبعد : نعاتب السادة الخاشعين الصابرين من أبناء شعبنا وهم كثر على صمتهم وعدم جأرهم - على الأقل - بالشكوى ونلوم النهابين الــ ( مُستَرقِّين !! ) وهم قلة مجرمة طافية ، نطرق بوابات ضمائرهم لعل بها بقايا من حياء أو حياة ونذكرهم بأن قيمة الوطن من قيمة أبنائه وعزه من عزهم فهم أحجار الوادي حراس القلعة وحماة العرين ، إن جاعوا جاع الوطن وإن ذلوا وهانوا ذل الوطن وهان !! .

وبعد : لا يعقل أن تقتصر وظيفة الحكومات في القرن الواحد والعشرين على الجباية وتقديم الخدمات الأساسية وتوزيع الموارد المالية المتاحة كيفما كان واعتبار ذلك منتهى الأرب وغاية المنى ، فالحكومات يجب أن يكون لديها خطط حقيقية مجدية لحماية عموم مواطنيها من الفقر والعوز والحاجة وذل السؤال والتقلبات الاقتصادية المفاجئة وخطط إنمائية وإنتاجية وتطويرية وخطط للقضاء على البطالة ومنع تفشيها فضلا عن توفير فرص عمل كريم لائق لجموع الناس وخصوصا الشباب العاطل الذي قد يتجه قطاع منه لتعاطي المخدرات أو لاحتراف الإجرام والرذيلة للهروب من واقعه السيئ القميء .

ولا يعقل التمترس وراء معطيات الواقع البائس المرتكس و التحجج بضرورة إعطاء الأولوية لمهمات العمل السياسي الكثيرة وانشغالاته المتشعبة في هذه المرحلة لتبرير أي تقصير حاصل يحول دون الارتقاء بواقع الناس معيشيا واقتصاديا لأن التدافع السياسي بيننا وبين المحتل مستمر منذ عقود طويلة ولا بوادر تلوح في الأفق توحي بانتهائه عما قريب وقد لا يحقق - لا قدر الله - جل المرجو منه وحيوات الناس واحدة قصيرة لا تتكرر ، فالخريج الجامعي والمهني الصغير يجب أن يحصل على فرصة عمل مناسبة ليخرج من عباءة والديه ويتزوج قبل أن يكمل عقده الثالث من العمر والشاب المتزوج حديثا يجب أن يكون قادرا على بناء عش الزوجية وتأمين أساسيات الحياة لأبنائه ومن يعيل في الفترة المتبقية له ، أي قبل أن يضعف ويشيخ ويدهمه المرض وقبل أن يحال للتقاعد إن كان موظفا ومن ضمن تلك الأساسيات وعلى رأسها بالطبع التعليم الجامعي للأبناء الذي أضحى عبئا ثقيلا مرهقا لجيوب الآباء في ظل ظروف الإفقار والحصار الجائر !!.

ولا يعقل أن نكون منخرطين بقوة وجدية في عملية سياسية مع المحتل وأن نستمر بالوفاء بالتزاماتنا التعاقدية في الوقت الذي يتنصل فيه الطرف المقابل من تقديم ثمن حقيقي مناسب لذلك ، وعليه يجب البحث جديا عن طرق لإجبار دولة الاحتلال على الاعتراف بمسئوليتها عن كل الدمار المادي والمعنوي الذي لحق بنا كشعب منكوب وتعويضنا لا السطو على أموالنا وابتزازنا بواسطة فخ اقتصادي قاتل ( اتفاقية باريس ) التي أعاقت التنمية في كياننا الوليد وربطت اقتصادنا الهش على نحو قاس ظالم بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي القوي وبمصالح المحتل وشركاته الخاصة ، ويجب البحث عن طرق لإجبار المحتل علي السماح لجموع عمالنا ( جيش الصامدين المرابطين المدني !! ) دخول أراضي ألــ 48 للعمل هناك دون قيد أو شرط وأن لا يقتصر ذلك على بضع مئات من التجار ، فذلك أجدى وأنفع وأكرم من هجرة شبابنا إلى المجهول في بلاد الثلج وضياعهم في ديار الغربة أو غرقهم وخسارتهم على شواطئ الجنة المفترضة المتخيلة ( أوروبا !! ) .

ومن الأجدر لنا كشعب أبي كريم غيور يتوق للحرية أن نعيش من كدنا وكسبنا وعرق جبيننا لا على أموال المنح والهبات والمساعدات والعطايا التي لن تدوم وستظل تشكل ابتزازا مسلطا على الإرادة والقرار الوطني المستقل ، وقد قال مفكرنا وشاعرنا وفيلسوفنا العربي الكبير جبران خليل جبران يوما ( ويل لأمة تأكل مما لا تزرع ، وتشرب مما لا تعصر ، وتلبس مما لا تخيط !! )

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل