الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامتناهي : الله أم العالم ؟

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 11 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
١٠٥ - اللامتناهي هو العالم وليس الله


أشلاغ هو مؤلف عمل مهم للغاية، إنه مع شلومو إلياشيف Shlomo Eliashiv وإيتسخاك هاكوهين كوك Itskhak Hacohen Kook، أحد الأساتذة الثلاثة الرئيسيين للقبالة في القرن العشرين. أشهر أعماله وأكثرها انتشارًا هي الترجمة الحرفية للزوهار، من الآرامية إلى العبرية، مع تعليق بعنوان " سلم أو سولام Soulam . ونشر مجموعة كبيرة من الكتب النظرية وقاموس للمصطلحات الكابالية بالإضافة إلى تمارين تتيح للقارئ التحقق من تقدمه في دراسته. كما ألف أشلاغ سلسلة مقالات كتبها، بحسب مصطلحاته، بـ لغة علمية وموجهة لعامة الناس، من المتدينين وغير المتدينين. وظهرت بعض هذه المقالات، في صحيفة أنشأها، ولكن سرعان ما تم حظرها من قبل سلطات الانتداب الإنجليزي آنذاك، لنشرها عقيدة سياسية أعتبرتها قريبة من الماركسية، بالإضافة إلى تضامنه مع الحركة الصهيونية. توفي أشلاغ عام 1955، وحالياً يدرس فكره في العديد من دوائر الكابالا، وخاصة في إسرائيل.
يصف Hayyim Vital، أحد التلاميذ الأربعة الرئيسيين للوريا، التسيمتسوم بهذه الكلمات : "اعلم أنه قبل انبثاق الانبثاقات وخلق المخلوقات، كان نور علوي بسيط يملأ كل الواقع. لم يكن هناك مساحة خالية، في صورة الهواء الفارغ مثلا أو تجويف من أي نوع، كل شيء كان مليئًا بهذا الضوء البسيط اللامتناهي؛ ليس له بداية ولا نهاية. كل شيء كان نورا خفيفًا، واحدًا، بسيطًا، متجانسًا، وهذا ما نسميه نور اللانهائي أو اللانهائي En Sof. عندما " صعد إلى إرادته البسيطة ليخلق العوالم ويفيض منها الفيوضات لإظهار كمال أفعاله وأسمائه وصفاته، والتي كانت سببًا في خلق العوالم، فعندئذ أنكمش في ذاته، هو اللانهائي، في نقطته المركزية، في المنتصف تماما، قلص هذا الضوء، والذي ابتعد إلى الجوانب، حول النقطة المركزية، وبقي هكذا هناك : مكان فارغ هواء، تجويف فارغ، من هذه النقطة المركزية .." كمقدمة لتعليقه على هذا النص الغامض، Ashlag يحذرنا على الفور من أننا لا نتحدث عن علم الكونيات cosmologie ولا أي شيء من هذا القبيل. في حقيقة الأمر، كل علوم الكابالا تتعامل مع مواضيع مجردة بحتة، لا تنتمي لمقولات المكان أو الزمان. لذلك يجب ألا نفهم النص حسب هذه المفاهيم. ما هو إذن هذا الزمن الذي يبدو أن تعبير Vital يشير إليه : " قبل أن تنبثق الأشياء المنبثقة… ؟ أليست القضية هنا مسألة زمنية ؟ ولكن كيف يمكن للمرء أن يتحدث عن وقت قبل كل الخليقة؟ أشلاغ، يحاول أن يشرح المعنى العام لكلمة " وقت في الكابالا، فيقول بأن الأمر يتعلق دائمًا بـ " التغييرات في الأشكال المرتبطة ببعضها البعض أي أن كلمة " قبل" وكلمة "بعد" هذه الكلمة تعني بكل بساطة السبب والنتيجة بالمعنى المنطقي. الوقت أو الزمن في فكر Louria، وفقًا لـ Ashlag، هو ما يسمح تحديد مكان شكل من الأشكال une forme في سيرورة التوليد المفاهيمي. لذلك لا ينبغي فهم التزيمزوم tsimtsum على أنه أصل العالم بمعنى التتابع الزمني.
يعطي أشلاغ تحذيرًا ثانيًا : نص فيتال لا يتحدث أبدًا عن الله مأخوذًا من وجهة نظر جوهره. منذ بداية Ets Hayyim، وهو يستعد لوصف tzimtzum، يتحدث فيتال عن " الضوء العلوي lumière supérieure . ليس " النور العلوي هو الجوهر الإلهي نفسه، ولكن فيضان هذا النور وتدفقه. يواصل أشلاغ شرحه ليشير إلى صعوبة أخرى : ما هو إذن هذا " الواقع الأولي (ميتسيوت ـ metsiout) الذي يشير إليه النص " المليء بالنور المتفوق والبسيط ؟ بمعنى آخر: أي واقع réalité يمكن منطقياً أن يسبق الانبثاق والخلق؟ كان رد آشلاغ كاسحًا ومتطرفا، هذه الحقيقة التي يتحدث عنها النص ليست الله بل هي العالم. وهنا سيقلب آشلاغ المعادلة القديمة والتي كانت سائدة طوال عدة قرون من الفكر الكابالي. حيث يقدم العالم نفسه في طريقتين مختلفتين، اعتمادًا على ما إذا كان قد تم اعتباره قبل عملية التسيمتسوم tzimtsum كلامتناهي أي بإعتباره En Sof، أو بعد التزمزم، في شكل العوالم الخمسة، من الإنسان الأولي إلى عالم العمل أو الفعل.
اللانهائي الذي تتحدث عنه الكبالا لم يعد الله أو المطلق كما هو الحال في معظم نظريات الكابالا السابقة، ولكنه شكل أو طريقة لظهور العالم une modalité du monde. كما يقول فيتال، قبل التزيمتزوم، تمتلئ اللانهائية بضوء واحد متجانس. بالنسبة إلى آشلاغ، هذا يعني أنه لا يحتوي على أي فراغ يجب ملؤه، وبعبارة أخرى، لا يمكن ولاينبغي إجراء أي تحسين لهذا العالم كما هو. ومع ذلك ، فإن آشلاغ ليس مؤمنًا بوحدة الوجود panthéiste، فما وراء اللانهائي، لا يزال هناك "إله" لا تتحدث عنه الكابالا إلا كأصل العالم في كماله اللامتناهي. في حين أن الله أو بشكل أكثر دقة الخالق Créateur هو مصدر الضوء، بينما اللانهائي l Infini هو المكان الذي يستقبله ويمتلئ به تمامًا. منذ البداية ، تميز أشلاغ عن أسلافه : الله هو الخالق، مصدر النور الأولي la lumière primordiale، بينما اللامتناهي ليس الله بل العالم، في شكله المثالي الكامل. من هنا نرى أشلاغ يعمل على عكس جذري للمنظور الكبالي لنظرية الخلق مقارنة بأسلافه.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا