الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية

صلاح بدرالدين

2021 / 11 / 26
القضية الكردية


مقدمة
تجربة كردستان العراق في الكفاح القومي – الوطني ، قديمة ، وأصيلة ، وغنية ، تبدأ قبل أكثر من قرن ونصف القرن ، ومن صفحاتها التاريخة المضيئة ما جرت من احداث في عدد من مناطق كردستان وتحديدا بمنطقة – بارزان - ، وتناقلها المستشرقون الاوائل مثل القس الأمريكي الانكليكاني – ويغرام - كشهادات حية غير قابلة للنسيان ، وأخص بالذكر الدور البارز الذي لعبه الشيخ – عبد السلام بارزاني – في تجسيد إرادة الكرد ، ومزج التطلعات المناطقية الاجتماعية ، بالدعوة القومية التحررية ، وذلك عندما وجه مذكرته الشهيرة الى البلاط العثماني ، طالبا فيها تحقيق المطامح القومية في الإدارة ، والثقافة ، والحرية ، وقد وهب حياته ثمنا لذلك النهج ، وتلك المطالب المشروعة ، أمام تعنت ، وشوفينية ، واستبدادية السلطة العثمانية ، التي قررت اعدام الشيخ المنتفض في سجن الموصل .
استمرارية الكفاح بكافة اشكاله
لم تهدأ ساحة كردستان العر اق منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى الان ، فقد واصل شعبها من زاخو وحتى السليمانية مرورا ببارزان ر نضاله العادل ، وبمختلف الوسائل الممكنة ، والاشكال المتوفرة ، من انتفاضات مسلحة ، وثورات ، وحركات سياسية ، وتنظيمات سرية ، وعلنية ، وجمعيات ثقافية ، ( وحتى اعلان مملكة ) ، فبالاضافة الى المنظمات القومية الداخلية التي نشأت بكردستان العراق مثل منظمة – هيوا – وغيرها ، انتهاء بالحزب الديموقراطي الكردستاني الذي كان البارزاني الخالد اول رئيس له ، فقد كان لقادة حركات – بارزان – مابعد الشيخ الشهيد عبد السلام ، خصوصا بعهد الراحل مصطفى بارزاني ، صلات ، وعلاقات تعاون مع الحركات القومية الكردية في تركيا ( ثورة الشيخ سعيد بيران ) ، وايران ( جمهورية مهاباد الكردستانية ) ، وسوريا ( حركة خويبون ) .
تجربة كردستانية اولى ووحيدة في تحقيق الحكم الذاتي ، والفدرالية
من بين مختلف التجارب في أجزاء كردستان ، تبقى التجربة الوحيدة الناجحة ، والتي كان ثمنها باهظا في الأرواح ، ولكنها سطرت آيات من البطولات ، والفداء ، وقدمت نموذجا رائعا من القادة العظام أمثال الخالد ملا مصطفى ، وغيره من المناضلين الشجعان ، وقد حققت على ارض الواقع مكاسب تاريخية في العصر الحديث ، بدء بالحكم الذاتي لعام ١٩٧٠ ، ومرورا بإقامة برلمان كردستان بعد اجراء انتخابات حرة عام ١٩٩٢ ، والاعلان عن الفيدرالية التي اعتمدت رسميا في الدستور العراقي بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري ، وبذلك تكون المرة الأولى بالتاريخ الحديث الوصول الى حل القضية الكردية في جزء من كردستان ، على أساس الحوار ، والتوافق بين الكرد والعرب في العراق ، والتسليم بوجود كردستان في الدستور ، وبالفدرالية نظاما ، وشكلا سياسيا قانونيا .
مبدأ حق تقرير المصير كقاعدة لحل القضية القومية
منذ بدايات الكفاح القومي ثم الوطني بكردستان العراق ، انطلقت الحركات السياسية من مفهوم حق تقرير مصير الشعوب ، كمبدأ جسدته هيئة الأمم المتحدة في ميثاقها ، واعتمدته حركات التحرر في العالم ، وتبنته الثورات الفرنسية ، والأوروبية الأخرى ،والأمريكية ، وثورة أكتوبر العظمى ، ومازال هذا المبدأ بمثابة منارة لكل الشعوب المضطهدة التواقة للحرية والاستقلال ، وما دعوة السيد الرئيس مسعود بارزاني في أيلول / سبتمبر عام ٢٠١٧ ، لاجراء عملية استفتاء تقرير المصير الا التزاما بذلك المبدأ الخالد ، والتي كانت نتيجتها تمسك اكثر من ٩٦٪ من شعب كردستان العراق بخيار الاستقلال ، وفي هذه المرة أيضا وقفت السلطة العراقية المركزية ، والمجتمع الدولي ضد إرادة شعب الإقليم ، والمبادئ الإنسانية ، والأعراف الأخلاقية .
التعددية القومية والوطنية في تجربة كردستان العراق
هذه التجربة ومنذ بداياتها ، وبشهادة الجميع جمعت بين الجانبين القومي ، والوطني ، أو الشكل القومي ، والمضمون الوطني الشامل ، وذلك باعتراف دستوري ، وقانوني بوجود ، وحقوق قوميات ، واتباع اديان ، من السكان الأصليين بكردستان مثل التركمان، والكلدان ، والاشوريين ، والارمن ، والعرب ، ومختلف الطوائف ، والمذاهب المسيحية ، والمسلمة ، حيث التسمية الرسمية تتوقف على ( شعب كردستان العراق ) وليس الشعب الكردي فقط ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر هناك المفهوم الوطني العراقي أيضا ، حيث الإقليم جزء من العراق الفدرالي ولشعبه دور وتاثير في العملية السياسية العراقية ، وبمصير البلد ،ومستقبله بحسب توزيع السلطات ، والصلاحيات في الدستور المتبع .
التجربة نموذج في حل القضية القومية بالمنطقة
معلوم ان هذه التجربة ومنذ ثورة أيلول ١٩٦١ ، وثورة كولان ، واتفاقية آذار للحكم الذاتي ، وإعلان الفيدرالية ، كانت تتعرض للخطط ، والمؤامرات الداخلية ، والإقليمية ، وكانت مخططات تصفيتها تحبك معظم الأحيان في عواصم الدول المجاورة ، المقسمة لكردستان ، ولكن بفضل صمود شعب كردستان العراق ، وحنكة قيادته ، تمت صيانة التجربة ، وتطويرها ، وترسيخها ، والحفاظ عليها ، الا ان أصبحت الان نموذجا يحتذى بها ليس على صعيد حل القضية الكردية في الجوار ، بل على صعيد البقية الباقية من حركات الشعوب التي لم تحقق بعد أهدافها .
ومن الواضح ان العديد من الأطراف الإقليمية التي كانت معادية لاي حق كردي او كردستاني بالمنطقة ، بدات بالتراجع بعد فشلها في تصفية هذه التجربة الرائدة ، والاعتراف بها ولو على مضض ، ولكن مازال البعض من تلك الأطراف يواصل حربه على تجربة الإقليم بوسائل مختلفة عبر الوكيل المعتمد وهو حزب العمال الكردستاني – ب ك ك – وشراذم من المرتدين ، والانتهازيين في بعض مناطق الإقليم .
التجربة بطبيعتها مناقضة لشتى أنواع الإرهاب
قد تكون تجربة شعب كردستان العراق ، الوحيدة بين تجارب حركات التحرر القومي – الوطني بالمنطقة ، والعالم ، التي لم تستخدم وسائل التصفيات الفردية ، ولا استهداف المدنيين ، والمناطق السكنية ، ولا أساليب الخطف وغيرها من اعمال العنف ، كما انها ومنذ البداية ميزت بين الأنظمة والحكومات ، وبين الشعب ، والأهالي ، واعتبرت مواجهة إرهاب الدولة و واسقاط نظمها من الأولويات ، وقد ظهر كيف ان تنظيم – داعش – الإرهابي وضع في مقدمة أهدافه بعد السيطرة على – الموصل – الزحف نحو أربيل ، وباقي مناطق كردستان العراق ، وتحديدا الخط الممتد من – مخمور – مرورا باربيل – وبلدة – صلاح الدين ، وشقلاوة ، نحو الشمال ، والشمال الغربي انتهاء بزاخو ، والحدود العراقية التركية ، ولكن شعب الإقليم ، وبيشمركته البواسل كانوا بالمرصاد ، وواجهوا قطعان داعش في مساحات شاسعة بطول يفوق الالف كيلومتر و وقدموا العشرات من الشهداء بينهم قادة عسكرييون كبار ، واثبتوا للعالم ان تجربتهم لن ولن تتعايش مع أي نوع من الإرهاب ، إرهاب دولة ، أو ميليشيات او تحت راية الأديان ، والمذاهب .
الحملة الأخيرة بخصوص بعض المهاجرين
أعداء تجربة شعب كردستان العراق ، يواصلون حملاتهم الإعلامية ، ولن يتركوا وسيلة الا ويستخدمونها في حملتهم الظالمة المضللة ، وآخرها محاولة استغلال وجود عدد من العائلات المهاجرة من على الحدود بين ( بيلاروسيا وبولونيا ) ، ومن المفارقات أن جماعات الميليشيات الطائفية الولائية المتحكمة في بغداد وبعض انحاء العراق ، والتي تشكل السبب الرئيسي لهمجيتها والتمرد على القانون ، والنظام ، في تهجير مئات الالاف من العراقيين الى مدن كردستان العراق والخارج ، هي التي تقف وراء تلك الحملات ذات الطابع السياسي .
جميع القوى القومية الديموقراطية الكردستانية ، وسائر الوطنيين الصادقين يقفون الى جانب تجربة الاشقاء الواعدة ، ونهج القيادة السياسية المعتدل ، والصائب ، ويعتبرون ان مواصلة نجاحات تلك التجربة ، تصب في مجرى نضال الكرد بكل مكان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان


.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو




.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ