الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية لحديث .. السلام على غير المسلمين

يوسف يوسف

2021 / 11 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتردد ويتداول كثيرا بين المسلمين ، هل يجوز السلام على غير المسلمين / الكفار - أي اليهود والمسيحيين و .. ! ، ففي هذا المقال المختصر سأبحث في تقاطعات هذا الموضوع .

الموضوع :
في هذا المقام سأسرد بعض التفاسير من بعض المصادر ، حول موضوعة " السلام على غير المسلمين / الكفار " :
(1) فمن موقع / حبل الله ، يجيب على هذا التساؤل ، ويبين : (( يجوز للمسلم أن يبدأ غير المسلم بالسلام ، فقد سلّم إبراهيم عليه السلام على والده ( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ / سورة مريم ، 47 ) ، وكان المؤمنون يواجهون لوم الكافرين إياهم بالقول ( لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ / سورة القصص 55) ، وقال سبحانه لنبيه ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ / سورة الزخرف 89) . نفهم من الآيات السابقة أنه لا حرج من ابتداء غير المسلم بالسلام ، وابتداؤه بالسلام هو جسر للتواصل والتعاون معه ، وربما يؤدي ذلك لأن يتعرف على الاسلام ويؤمن به )) .
(2) وأما حديث « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، (( يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث ، ولا شك أن حالة الحرب لها مصطلحاتها وقوانينها ، ويصح أن نسمي هذا بمقدمات الحرب ، ولا يمكن أن يُعمم قول النبي في الحالة الطبيعية ، لأن التعميم يعارض ما ذكرنا من آيات )) .
(3) ومن موقع / الشيخ د . خالد السبت ، - الموقع يبين أن " النهي بمعنى التحريم " ، ومنه أنقل التالي : (( فهذا باب تحريم ابتداء الكافر بالسلام ، وكيفية الرد عليهم ، واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار . تحريم ابتداء الكافر بالسلام ، وذلك للنهي الصريح في قول النبي في الحديث الذي صدّر به المصنف هذا الباب: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام . فهذا نهي ، والأصل أن النهي للتحريم ... )) .
(4) أما إذا سلم عليكم أهل الكتاب :(( وذكر حديث أنس قال : قال رسول الله: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم - متفق عليه . يعني : نرد عليهم ، لكن لا نقول : وعليكم السلام ، فضلًا عن أن نقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)).

القراءة :
أولا - مرة أخرى ، هناك تقاطع دوما ، بين النص القرآني وبين الأحاديث النبوية ! ، وهنا لا بد من القول كيف تنص الآيات في جواز السلام على غير المسلم : ( سورة مريم 47 ) و ( سورة القصص 55 ) و ( سورة الزخرف 89 ) / المذكورة في أعلاه ، وكيف لرسول الأسلام أن يخالف الوحي القرآني ! ، ولكن من جانب أخر ، أن الرسول نفسه ، لا يتكلم من هواه ، وأنما : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / سورة النجم: 3 ، 4 ﴾ .. وهنا لا بد من القول أي القولين أصدق ! : الوحي القرآني ، أم وحي الأحاديث ! .

ثانيا - ولكن ما الوضع في حالة مبادرة غير المسلم بالسلام ، فهل يمتنع المسلم عن الأجابة ، علما أن النص القرآني يقول ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا / سورة النساء:86 ) هذا أيضا مجرد تساؤل ! . علما من أن بعض المصادر تتساأل : " هل إذا قال غير المسلم : السلام عليكم ، نقول : وعليكم السلام ، أو وعليكم السلام ورحمة الله ، أو نزيد وبركاته / نفس المصدر السابق " .. هنا أرى أن المروث الأسلامي وضع المسلم في حيرة من أمره في موضوع التعايش الاجتماعي مع الأخرين ، وبالتحديد في موضوع كيفية وطريقة الرد على غير المسلم ! .

ثالثا – كذلك يظهر أن رسول الأسلام كان لديه " تكتيك مرحلي " ، حتى وأن خالف هذا التكتيك النص القرآني ، وهذا ماقاله المفسرون حول حديث « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث / كما أشرنا في الفقرة ( 2 ) أنفا .. ويظهر أن الرسول كان يؤمن بما يطلق عليه حديثا بالمبدأ الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة " . بمعنى أخر ، كان الرسول يكييف النصوص القرآنية ، بما تخدم الظروف الزمانية والمكانية للوضع القبلي السياسي آنذاك ، وأذا لم يخدم النص الحدث ، يستعيض عنه بحديث ! لكن الأشكال أن التضييق على الكفار مستمر لحد الأن.

رابعا - في بعض المصادر يذهب المفسرون الى موضوع شائك أخر ، وهو " الطبقية " ، وهذا الموضوع هو الذي تفاقم لغاية الوقت الحالي ، وجعل من المسلم يظن نفسه الأعلى شأنا والارفع مكانة من الأخر - الكافر ، فقد ورد في موقع / طريق الأسلام ، التالي أنقله بأختصار (( ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون ، لأن الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .. )) .

خامسا - بعض المفسرون يربط أبتداء الكفار بالتحية ، بمبدأ أخر ، وهو " مبدأ التقية " / بشكل أو بأخر ، حيث يسرد موقع / الأسلام سؤال وجواب ، التالي أنقله بأختصار " وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :" و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك " انتهى .

الخاتمة :
في ختام هذا البحث المختصر ، لا يسعني ألا أن أقول ، ان الأحاديث النبوية تذهب دوما الى المناطق الخطأ في تقاطعها مع النص القرآني ، وذلك لأن تبادل السلام والتحايا ، هما من أساليب التعايش الأجتماعي الراقي والانساني معا ، كما أن مفردة " السلام " هي من أسماء الله الحسنى " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ " سورة الحشر:23 . وفي صحيح البخاري ، أن النبي يقول : " فإن الله هو السلام . وهنا أيضا نلحظ وجود تقاطع بين بعض الأحاديث مع النصوص والأحاديث معا ! . وخلاصة القول : أن المجتمعات لا تبنى ، ولا تقوم على الحقد والكراهية والطبقية والغل واللؤم ! ، بل تؤسس على قواعد الشراكة والتكاتف والتعاضد والتضامن والتكافل ، واللبيب يفهم ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا