الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البخيتي و محاوروه!

سالم اليامي

2021 / 11 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البخيتي ومحاوروه!
………
استمعت مع الكثيرين الى حوارات ساحات تويتر مع علي البخيتي الذي أعلن اعتناقه فكر آخر يؤمن في وجود قوة خالقة وكفر بحقيقة الأديان والرسالات والكتب السماوية.
وفي الحقيقة ،
ان علي البخيتي وخلال ثلاثة ايام متلاحقة على ساحات التويتر تفوق على كل محاوريه وكشف ضعف منطق بعضهم كعقول خاوية من فكر عميق ومعرفة مستنيرة تملك الحجة والاقناع ،ليس لأن البخيتي يملك منطقاً وحججاً وأدلة قوية لا تقبل الشك وانما لضعف حجج بعض محاوريه الذين تعودوا على التلقين في مناهجهم الدراسية ثم سقطوا من اول حوار مع رجل بسيط . اضافة الى أن بعضهم تعود أنه على حق وغيره على باطل ويملك مفاتيح الجنة ،ولا يرى لأحد غيره حق ان يمارس حرية الاختيار.
وقد تفوق البخيتي اخلاقيا وهو الكافر كما يدعي ، لتمسكه بأدب الحوار ومنح كل محاوريه حرية ان يعبروا عن افكارهم كيفما يريدون فتفوق على بعض اولئك المؤمنين الذي لجأوا الى استخدام كل العبارات البذيئة والشتائم المسيئة واللجوء الى الطرق المتخلفة التي تعودوا عليها في الاستنجاد بالأفكار الطائفية الى درجة انهم وصفوا البخيتي بالانتماء الى مذهب اسلامي اخر كعادتهم في استخدام المذهبية كسلاح حين تضيع حججهم كي يقنعوا تابعيهم الذين يسهل قيادتهم وقت الأزمات عند مخاطبة عقولهم المؤدلجة!

والمشكلة في كل هذا الحوار ان أولئك المؤمنين يأتون لاقناع البخيتي كي يتراجع عن كفره . بينما وهو الكافر كما يصف نفسه يحاورهم بمنطق القرآن الذي هو يكفر به ( لا اكراه في الدين ) ( وإنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) . ولايدعوهم أن يتبعوا منهجه بقدر مايدعوهم الى نظام يكفل للجميع حرية التفكير والاعتقاد . وأخشى أنه قد تمكن من إقناع الكثير بالإلحاد في الوقت الذي لم يتمكن ذلك العدد الكبير من المؤمنين المحاورين له من هز قناعة من قناعاته، حيث شاهدنا كيف كان البخيتي يتنقل من ساحة الى أخرى منتشياً وكأنه فارس يمتشق سيفه ويمتطي حصانه ليقول : هل من مبارز وكأنه عمرو بن ود في معركة الخندق؟ ت
فلو ان المؤمنين آمنوا اولا بحرية الانسان ان يؤمن او يكفر .. وكل عقابه وثوابه عند الله .. لما احتاجوا الى كل هذه الجدالات من اجل هداية شخص اتخذ طريقاً يخالف طريقهم ، وقد اتضح انهم يجادلونه
بحجة هدايته ظاهرياً بينما يبدو عليهم أنهم يجادلونه لإقناع انفسهم وهدايتها لاشعورياً قبل أن يقنعوه!

لذلك لو ان هؤلاء المؤمنين قالوا للبخيتي نحن نجد اطمئناناً في مانؤمن به من قرآن نراه كلام الله وفي نبي نراه رسول الله ،
ومادمنا واياك نؤمن في قوة نسميه الله وانت تسميها ماتشاء … فانه يجوز لنا ان نتعبد الى هذا الاله الذي نؤمن به بالطريقة التي تحقق لنا الاطمئنان … ولك الحق ان تختار الطريقة التي تؤمن فيها .
وكلنا يعلم أن كل فلاسفة التنوير الغربيين المؤمنين قد عجزوا بكل ما يمتلكونه من عقول جباره أن يثبتوا بالدليل العلمي التجريبي العقلي حقائق الميتافيزيقيا ، وتوصل المؤمنون منهم الى حقيقة أن الإيمانيات شعور وجداني لا علاقة له بالعقل الذي كل عمله أن يثبت الحقائق بالدليل والبرهان المادي ، وهذا سيضع كل مجادل مؤمن في مأزق الإثبات المادي كما فعل البخيتي مع محاوريه وأسقطهم واحدا تلو الآخر ، علماً أن البخيتي ذاته لايملك دليلاً علمياً عقلياً تجريبياً على إنكاره لما يؤمن به الآخرون ، لكنه كان يشعر بالإرتياح وهو يضع محاوريه في ذلك المأزق الخطير !

وبهذه الطريقة التي تؤمن في حرية الناس ان يختاروا معتقداتهم كما يؤمنون او يطمئنون حسب التوجيه القرآني الذي يدعون الايمان به… ووضع القوانين التي تعطي لكل الحرية في خياره .. لن يكون هناك داع لهذه الجدالات التي تشغل الناس عن فهم الحياة بشكل افضل وليتجهوا لتطوير فكرهم ووعيهم بما يخلق مجتمعات حرة تحترم الخيارات لكل فرد وكل جماعة ولينصرفوا نحو خلق واقع جديد والدخول مع بقية الشعوب في عالم عصر جديد يتشكل بعيداً عن فكر الأدلجة والطائفية الذي استهلك قروناً من عمر الأمة وجعلها تقبع في مؤخرة الحضارات وليتبعوا قول الله المطلق ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) !
الشعوب المتحضرة تجاوزت هذه العقدة المزمنة عند العرب والمسلمين … وأرست انظمة وقوانين تضمن حرية كل الاديان والمذاهب .. بشرط ان لا يتجاوز أحد حدوده ضد حقوق الآخرين بازدراء مايؤمنون به أو إقصائهم .
لذلك لم تعد حرية الإيمان مشكلة عند تلك الشعوب المتحضرة مما جعلهم ينطلقون نحو عوالمهم الجديدة التي ستكشف عن نفسها قريباً عبر الذكاء الصناعي والميتافيرس في الوقت الذي مايزال العرب والمسلمون قابعين في عصر داحس والغبراء وما أخذوه من فكر التلقين الذي بدأت آثاره المدمرة تظهر على ملامح الملقنة عقولهم ، الذين وجدوا أنفسهم في ورطة لا يحسدهم عليها أحد ، ومحط سخرية العالم الذي يشاهدهم من علو وهم يختصمون حول فكرة البعرة والدجاجة !
سالم اليامي [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت