الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة نقدية حول منصب البابا؟

منسى موريس

2021 / 11 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


https://www.facebook.com/menasa.mories

هذا المقال عبارة عن طرح لبعض الأسئلة النقدية حول " منصب البابا" وليس موجه لأشخاص بعينهم ولأن هذا المنصب هام جداً ويؤثر على حياتنا نحن المسيحيين سواء بالسلب أو بالإيجاب فمن حقنا أن نطرح الكثير من التساؤلات النقدية والتي ليس الغرض منها الهدم أو الهجوم ولكن غاية هذه الإستفسارات البناء لأن النقد يجعلنا نستطيع أن نميز بين الصحيح والخطأ وهذا ما ألتمسه من وراء هذا المقال .

السؤال الأول : كيف يتم إختيار البابا ؟

هذا السؤال يعد أهم الأسئلة التي ينبغي التركيز عليها لأن الإختيار يعتبر الركن الرئيسى الذى يحدد الكفاءة والقدرة ومدى الرعاية وإذا صح المعيار الذى بناءاً عليه يتم الإختيار ستكون النتيجة ملائمة للواقع وأكثر نجاحاً وإذا فشل المعيار بالطبع من الممكن أن تفشل النتيجة لكن ما هو المعيار الحالي الذى يتم من خلاله الإختيار؟ وهل فعلاً هذا المعيار كتابى وعلمى ؟ تعد " القرعة الهيكلية " هي النمط والمقياس لإنتخاب " البابا " والقرعة من حيث تعريفها بأقتضاب هي وسيلة نعرف من خلالها مشيئة الله في أمر معين بحيث أن الإختيار يتوقف فيها على الإرادة الإلهية أكثر من الإرادة الإنسانية ، وكانت تستخدم في العهد القديم في الغالب لتقسيم الأرض وبعض الأحيان أُستخدمت لتحديد مناصب ووظائف متنوعة في الهيكل واستخدمها الرسل في " العهد الجديد" في تعيين " متياس " بدلاً من " يهوذا " وهذا المعيار أي "القرعة " لم يستخدمه فقط اليهود لكن نجد شعوب أخرى استخدموه كما نجد في قصة " يونان" والبحارة وكما أقترع أيضاً الجنود الرومان على ملابس " السيد المسيح " فهذه الممارسة لم تكن وسيلة مقتصرة فقط على التصور اليهودى ، والسؤال الذى ينبغي طرحه هنا هل هذا المعيار كتابى وعلمى وكافى ؟ دعونا نطرح بعض الأسئلة والإشكالات ونختبر هذا المعيار تحت مجهر النقد .

الإشكال الأول : هذا المعيار يُكرس للسُلطة المُطلقة التي لاتتقبل أي نوع من أنواع النقد لأن الإختيار هنا يكون " لله " فمن يستطيع أن ينتقد أي " بابا تم تعيينه من قبل الرب؟" فالبابا هنا ينفذ مشيئة الله على الأرض فمن أنت حتى تنتقد وتسأل وتناقش أو حتى تعترض على المشيئة الإلهية ولانستغرب من وجود عقيدة مثل " عصمة البابا" عند الكاثوليك والتي مضمونها أن البابا كل أرائه اللاهوتية مقدسة وإلهية ، فهل الله في المسيحية يتعامل مع البشر بهذا المنطق السلطوى ؟ بالطبع محال لأن " السيد المسيح" يتعامل معنا بمنطق البنوة ومنطق البنوة يتعارض مع هذا المنطق التسلطى .

الإشكال الثانى : يقولون أن هذا المعيار هو معيار كتابى وكما ذكرنا أنه موجود في العهد القديم وفى قصة " متياس " دعونا نقول أن العهد العتيق ليس عهداً كاملاً ومثالياً و يُعبر عن رؤية الله الكلية وإذا كان ذلك كذلك فلماذا يوجد عهد جديد ولماذا يتجسد الإله لكى يكشف عن نفسه بصورة مباشرة وواضحة ، فالله يتدرج بالبشرية ومن الممكن أن يستخدم بعض الطرق والأساليب التي ليس بمعيارنا اليوم كافية لكن كانت كافية في العصور الغابرة لأن الوعى الإنسانى يتطور والله يضع في حسبانه كل هذا التطور ، أما الإستشهاد بقصة " متياس " فهو إستشهاد أيضاً قاصر لأن هذه الواقعة كانت قبل حلول " الروح القدس " فلايمكن أن تكون حجة نبرر بها هذه الوسيلة ثم أن " بولس الرسول " لم يضع شرط القرعة من ضمن شروط أختيار الأسقف ولم يضع العهد الجديد بأكمله هذا المعيار كتشريع إلهى ولا حتى التاريخ المسيحيى المبكر يذكر لنا بوضوح عن هذه الممارسة بشكل واضح فكيف يكون هذا المعيار ضرورى وفى غاية الأهمية في حين لانجد تشريعاً واضحاً ؟

الإشكال الثالث : لماذا لايكون المعيار هنا شبيه بمعيار البرامج السياسية بدل القرعة بحيث كل " بابا " عليه أن يقوم بتقديم رؤيته وخطته نحو الإنسان وقضاياه ومشكلاته ومن يقدم الرؤية الأفضل هو من يستحق الإنتخاب أليس هذا المقياس أجدر وأكثر نجاحاً وأفضل من الناحية الواقعية ؟ أليس هذا المبدأ يكفل للفرد حق النقد والتفكير وينزع هالة القداسة التي في الغالب تُعطل ملكات العقل "التحليل والفحص والتقييم "؟

السؤال الثانى : لماذا يجب أن يكون البابا من فئة الرهبان؟

رغم أن الكتاب واضح كل الوضوح فهو لم يشترط عدم الزواج في أي موضع بل على العكس نجد " بولس الرسول" يقول "فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امرأة واحدة، صاحيا، عاقلا، محتشما، مضيفا للغرباء، صالحا للتعليم،" (1 تي 3: 2) ونجد أن " القديس بطرس" كان متزوجاً فمن أين جاء هذا الشرط ؟ ولعل شخص ما يقول يجب أن يكون البابا غير متزوج كى يتفرغ لخدمة الرعية ولكن هذا الدليل متهافت للغاية ويمكن الرد عليه بكل سهولة فلو كان فعلاً الأمر كذلك لكان الله منع الزواج للأنبياء والرسل ومن ناحية أخرى رؤساء العالم والعلماء والمفكرين أغلبهم متزوجون ولم يؤثر هذا على طبيعة عملهم ، لكن من وجه أخر هذا أمر طبيعى ويجعل الإنسان مدركاً لروح الأبوة ومُشكلات الواقع فهناك فرق بين الذى يعيش في الواقع وفى همومه وبين الذى يتحدث من عالم آخر بعيد كل البعد عن الحياة الحقيقية ، نعم الزواج مسألة شخصية وهناك من يمتنع عنه لكى يعطى كل طاقته للعمل الذى يؤديه لكن لايمكن منعه كشرط لقبول منصب دينى .

السؤال الثالث : لماذا يجب تحديد سن معين؟ أيضاً هذا الشرط غير مقبول عقلياً لماذا مثلاً يكون البابا قد بلغ من العمر خمسة وأربعين سنة حتى يحق له الترشح؟ أين هذه الشرط في الكتاب المقدس حتى " السيد المسيح " نفسه بدأ الخدمة في الثلاثين من عمره ، ثم أن السن ليس دليلاً لاعلى الإيمان ولا على القدرة العقلية فهناك علماء ورؤساء دول متقدمة ناجحون أعمارهم أقل من هذا السن المحدد؟

في الأخير هذه مجرد أسئلة أعتقد علينا طرحها لأن مثل المناصب الكبيرة تؤثر على شعوب ومصائر ومستقبل ومن يعتقد أن هذه الأسئلة ليس لها قيمة فله حرية الإعتقاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي