الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق

صلاح بدرالدين

2021 / 12 / 4
القضية الكردية


( في غضون أسبوعين استشهد اكثر من خمسة عشر عنصر من البيشمةركة وجرح اعداد أخرى على آيدي مسلحي – داعش – في عمق كردستان، والمناطق المتنازعة عليها – .المصدر : حكومة الإقليم )

في عام ٢٠١٤ وفور سيطرة مقاتلي – تنظيم الدولة الإسلامية – على الموصل ، كتبت مقالة نشرت في بعض منابر الاعلام بالاقليم ، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي ، حذرت فيها من نوايا هذا التنظيم الخبيثة ، وأهدافها المبيتة مابعد الموصل ، متوقعا ان جنود الخلافة لن يتوجهوا الى بغداد بالرغم من كل ماقيل ونشر ، بل ان طريق عبورهم كما هو مرسوم يتوجه نحو أربيل ، صوب الشمال انتهاء بزاخو وحدود كردستان مع تركيا ، ولو قيض للبغدادي تحقيق ذلك يكون قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد ، ومهد له السبيل بتحالفات عراقية ، وإقليمية تحمي دولته الإرهابية المزعومة ولو الى حين .
ولكن لماذا هذا العداء ؟
بداية لابد من القول أن المقصود هنا بالإسلام السياسي ،هو جميع التشكيلات التنظيمية ، العسكرية ، والسياسية ، والجهادية ، المتطرفة بخطابها ، او المعتدلة شكلا ، التي تجمع مابين العمل السياسي والديني ، ولاتفصل بينهما ، وقد افرزت الاحداث والتطورات ، في بلدان المنطقة خلال العقود الأخيرة ، اشكالا لاتعد ولاتحصى من الجماعات ، والمنظمات السرية والعلنية ، وبينها أنظمة وحكومات ، تجد للوهلة الأولى وجود اختلافات بينها ،ولكن في حقيقة الامر تنطلق من منبع واحد ، وتؤمن بآيديولوجية واحدة ، ونهج شمولي واحد ، تزعم بمختلف مسمياتها انها خليفة الله على الارض ، وتستند بذلك على فتاوى خيالية لسفك الدماء دون رقيب او حسيب .
هناك دروس عديدة استخلصت من التجارب المريرة للحركة الكردية ، في اكثر من مكان ، وفي مراحل مختلفة من تاريخها القديم ، والحديث ، من ابرزها عدم قبول الاعتراف بالكرد وجودا ، وحقوقا تحت ستار الدين الإسلامي ، والقوى المتحكمة السائدة التي تذرعت بهذا السبب وتسترت بلبوس الدين كانت بجوهرها قومية عنصرية تنبذ الاخر القومي ، وترفض وجوده .
هناك مجموعة أسباب لهذا العداء المستحكم من جانب جماعات الإسلام السياسي ، ضد الكرد ، وقضيتهم العادلة ، وحركتهم القومية التحررية من أبرزها :
أولا – الى جانب الجوهر العنصري المقيت ، السالف الذكر الرافض للآخر المختلف لجماعات الإسلام السياسي تلك ، فانها تركب أيضا موجة المشاعر الغالبة السائدة نتيجة تدني الوعي الديموقراطي ، وذلك بالمواقف المزايدة ( الحريصة !) على ( وحدة الامة ؟! ) من اجل حشد المزيد من الطاقات لخدمة اجندتها الحزبية ، والآيديولوجية ، المرسومة بالغرف المغلقة المظلمة .
ثانيا – من المعروف ان طبيعة الحركة الكردية القومية التحررية بشكل عام ، ديموقراطية ، علمانية ، لاتنطلق من مفاهيم دينية ، او مذهبية طائفية ، ولاترتبط بمحاور إقليمية متورطة في الصراع المذهبي السني – الشيعي ، ( باستِناء تيار – ب ك ك – الذي يعتبر حديثا ولايتمتع بالاحتضان الشعبي ، ولايشكل قاعدة بل استثناء وقتيا عابرا ) وتتجلى هذه الصفات المميزة بالتجربة الراهنة لإقليم كردستان العراق ، حيث تحول الإقليم الى نموذج لتعايش الاقوام ، والأديان ، والمذاهب ، وموئلا لكل الاطياف المهددة من جانب الجماعات الإرهابية ، وبالأخص مجاميع الإسلام السياسي ، من ( داعش و مسلحي الحشد الشعبي ، ومجاميع مسلحة أخرى ) .
ثالثا – ترافق ظهور تنظيم – داعش – كاحد اخطر جماعات الإسلام السياسي السنية الإرهابية ، وقبله – تنظيم القاعدة – ومسميات أخرى ، صعود أنشاطة الإسلام السياسي الشيعي متجسدا في – الحرس الثوري – الإيراني ، بقيادة قاسم سليماني ، وحزب الله اللبناني ، وجماعة الحوثي ، والحشد الشعبي العراقي بكل فصائله الولائية الإرهابية المتطرفة ، والتقاء الطرفين بأكثر من ساحة ، وكما هو معروف فان ايران الخمينية أصبحت ممرا ، ومقرا لفلول القاعدة ، كما ان سيطرة – داعش – على الموصل بتلك السهولة لم تكن بمعزل عن تواطؤ مجاميع الإسلام السياسي الشيعي بالعراق الموالية لإيران ، والمرتبطة بقاسم سليماني أساسا ، وذلك من اجل تمهيد الطريق للهجوم على كردستان كما سبق واشرنا اليه .
رابعا – لم يقتصر تحالف مجاميع الإسلام السياسي ضد الكرد وقضاياهم على فريقي – السنة والشيعة – فحسب بل شمل مجاميع كردية ( غير متدينة وتعتبر نفسها علمانية !) مثل جماعات – ب ك ك – في سوريا ، وكذلك في سنجار ، ومناطق أخرى ، واطياف من – الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق – التي تورطت في مخططات تامر الشيعية السياسية خلال الاستفتاء – الريفراندوم – عام ٢٠١٧ ، وقد وجدنا نماذج أخري سارت بنفس الطريق مثل نظام حزب البعث السوري الذي تحالف مع عتاة الإسلام السياسي الشيعي ، والسني ، لضرب الثورة السورية ، وتصفية القضية السورية وضمنها القضية الكردية .
وهكذا نجد ان هناك تناقضا عميقا بين نهج الحركة القومية الديموقراطية الكردية بالمنطقة عموما ، وبين مجاميع ، وتنظيمات ، وأنظمة الإسلام السياسي بكل أصنافها ، ومراتبها ، ومسمياتها ، ولن يتوقف الصراع التناحري هذا الا بالانتصار على قوى الإرهاب ، وأصحاب الفكر الظلامي الذين يسعون الى القضاء على كل منجزات البشرية ، ومكاسب الشعوب في المدنية ، والتقدم ، التي تحققت بفعل التضحيات الجسام منذ قرون وحتى الان .
من واجبات الكرد الحفاظ على مسار حركتهم في الطريق الديموقراطي ، وصيانة نقاوتها من كل مظاهر الطائفية ، والمذهبية ، وذلك يستدعي تضافر الجهود من اجل إعادة بناء الحركة الكردية التي يعتريها الوهن ، والتعثر ، والانقسام ، في كل جزء ، وتوحيدها ، وتزويدها بالمشاريع الوطنية المتقدمة ، واستعادة شرعيتها المهددة ، وتحقيق التنسيق ، والعمل المشترك بين قواها في جميع الأجزاء على قاعدة عدم التدخل ، واحترام الخصوصيات ، والاستقلالية ، كما ان من واجب قوى شعوب المنطقة الديموقراطية الحية المساهمة أيضا في تعزيز ، وترسيخ الحركة الكردية التي تشكل روافد معطاءة للمعارضة الوطنية من اجل الخلاص من الاستبداد ، واجراء التحولات السياسية ، والاجتماعية .
ولاشك ان المجتمع الدولي مسؤول أيضا عن دعم واسناد قوى التقدم والديموقراطية في المنطقة وبينها القوى الكردية الديموقراطية ، من اجل مواجهة مشتركة لقوى الإرهاب الظلامية التي تشكل خطرا على الجميع ، وذلك ليس بالحرب المسلحة وحدها ، بل عبر المواجهة الفكرية ، والثقافية ، والسياسية أيضا ، ولم يعد سرا ان شعوب المنطقة بدأت تشعر باالريبة ، والقلق ، من تصرفات ، وسياسات الدول العظمى ، والكبرى تجاه قوى ومصادر الإرهاب في المنطقة وفي المقدمة نظام ايران وتوابعه من أنظمة ، وتنظيمات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم يتضمن عقوبة الإعدام.. قانون جديد في العراق يجرّم المثلية


.. غانتس: لا تفويض لاستمرار عمل الحكومة إذا منع وزراء فيها صفقة




.. شبكات | الأمم المتحدة تغلق قضية وتعلق 3 في الاتهامات الإسرائ


.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل




.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800