الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- يابختك- هل تحتاج طبيباً نفسياً؟ -اسمها محمد 37-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2021 / 12 / 8
الادب والفن


عندما دخلت سنيّة إلى دبيّ الجميلة، لم تعرف أن الحياة ستسبقها تماماً، وأن حياتها البسيطة في مصر، ستلبس رداء الطابع الغربي للعمل، فستقلّ أوقات فراغها وتكثر احتياجاتها الماديّة…
كانت سنيّة ولم تزل الابنة البارة والأخت الوفيّة التي ندرت حياتها لإخوتها، فلا تزوجت ولا حتى سمحت لذكر ما بأن ينقص من قدر مسؤوليتها تجاه أخوتها…
حوارتها الافتراضيّة معي تشغل أوقات فراغنا على قلتها..

-لو أطلق حكام العرب سراح معتقلي الرأي وأصحاب الفكر المختلف، لما كان هذا حالنا..
الحرية مقموعة ضمن حدودهم الكبيرة، فلمَ السجون؟
لم يبقَ ممن يخاف على البلد إلا الندر اليسير.. الغالبية مهجر، معتقل، أو يحتضن أطفاله بفن الخَرَس…

-أقول لك بالهجة المصرية “يا بختك”، كيف تقدرين على الخروج من قوقعة اليوميات وتفاصيل مشكل حياتنا كمغتربين أو حتى كنساء.. أو أقول كبشر، لتفكري في الشأن العام، وفي المعتقلين؟
-هل تعتقدين إذاً أن أنظمة العرب أفلحت في تلقيننا فن الخوف، وفن التخبط في مشاكل الحياة اليومية، أنا تلميذة أنظمة كسولة، كل مفكري العرب في وجهة نظر حكوماتهم كسالى أو معتقلين…
-هل تقصدين أنني لست مفكرة؟
-لا أبداً.. قصدت أنك من أنجح الناس، فمالك لماذا لست سعيدة؟

صمتت سنيّة:
-لا أعرف.. اكتئاب؟ لماذا نرتاح لوجود بعض الأشخاص حولنا، ونكتئب من وجود البعض الآخر، مع أننا لا نعرفهم…

-أسباب كثيرة، هل تسألين من وجهة نظر الطب النفسي؟
-أجل…
-طيب نبدأ بالعلاقات غير المرغوبة والتي غالباً ما تتمحور حول اللاوعي والنواقل الكيميائية في الدماغ…
بعض الأشخاص يُنقصون السيروتونين بشكل أو بآخر.. أعطيك أمثلة بسيطة ومعاشة:

عندما يقوم بعض الأشخاص بتوجيه الكلام لكِ بشكل غير مباشر عن طريق مخاطبة شخص ثالث، ما يقال عنه في الأمثال العربية “ الكلام لكِ يا جارة واسمعي يا كنة”
هذا الموقف يؤثر في السيروتونين ويكلف العلاقة أكثر بكثير من جملة مباشرة وصريحة…
مثال آخر عندما يقوم شخص بتحوير موقف ما،ليقنع نفسه أو طرفاً ما بعدم أهليتك…
عندما يقنص الشخص أحلامك، ويتسبب في التشكيك بهم…
وعندما يضع سلبياتك تحت المجهر، عندما لايضع نفسه مكانك، عندما يفهم أية جملة بطريقة سلبية.. وأمثلة لا تعد ولا تحصى…

أما العلاقات الجميلة النقية، فتتلخص في جملة واحدة:
الشخص الذي سند ضعفي هو صديق مهما حصل من خلاف، بالحب وحده تحلّ كل المشاكل، الكراهية تسمم حياة صاحبها أولاً…


-فهمت منك أنني ومع كوني مغتربة في بلد عربي، لم أنجح في تكوين صداقات حقيقية.. ولهذا أعاني من الاكتئاب…

-لا مجال لتشخيص من قبل صديقتك يا سنية الغالية، لكن الصداقات الحقيقية في هذا الزمن تشبه الطعام الصحيّ، الطفولة الحالمة وأمان بلدان تستخدم “القضيّة” في التجارة…
عندي صديقة جميلة مثلك في دبي اسمها غاردينيا، تحب اسم غاردي.. ساعرفك عليها، واثقة أنا من أنكما ستتفقان جداً…
***********



-استمر ولا تستسلم: هذه هي الوصفة السحرية للنجاح.
-لكن عمري يضيع يا دكتورة…
-على العكس تماماً، اسمعني:
بعد كل فشل أنت أقوى، أنت مثال يحتذى..
جملة حديث النبي:"أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"..

جاءت من هذه الفكرة.. من فكرة كون ضعفك وفشلك منارة طريقك، كما طريق غيرك..

لا يضيعُ عمرُ مثابر…
***********



-أحتاج أن أرتاح نفسياً.. كيف يا حكيمة؟
-هذا سهل جداً.. اسمعني:

قل لنفسك:
أحتاج أن يمرّ الهواء في عقلي ويداعب الأفكار الصغيرات المستلقيات على ضفاف التلافيف والبطينات الدماغية..
هناك فكرة قلقة على رصيف الفص الجبهي في طريقها لترعب اللوزة الدماغية، عصبونات الصدغي على وشك أن تغني لها قليلاً،
أريدها واثقة، شجاعة لا تخاف من الغد…

-كيف يا دكتورة الدماغ والروح؟

-فكرة أكبر منها تهدئ من روعها، طمأنينة حضن صديق أو طمأنة خبرة معالج نفسي..رياضة، هواية ما.. وقلة طعام..

-وإن كان قلقي أكبر من كل ذاك؟

-فدواء يزيد سيروتونين الدماغ، ويمنحك الشجاعة والقدرة على خلق مزيد من الأفكار…

-طبيبة نفسية إذاً؟

-أجل لكن ليس أنا يا صديق، ليس من الأخلاق ولا العلم أن تراجع طبيباً نفسياً بينك وبينه معرفة شخصية…

-شكراً يا أديبة…


-أنت تظنني ملكة الكنايات والاستعارات، لكن أهل الطب والمهتمين بطريقة عمل الدماغ يعلمون أن ما أقوله علم وطب.. يعلمون عن وظيفة الفصوص الدماغية وقدرة النواقل الكيميائية…

إن الطريقة الساحرة التي يعمل بها الدماغ تؤكد على وجود الله كما هي تؤكد على قدرة الطب النفسي على تغيير حياة الإنسان…

************



يوم عطلتي مضى في حواراتي الافتراضية.. قد تظنون أن الطب النفسي يفترض على ناسه الحوارات العميقة، ومنكم من علّق يوماً بأن المحظوظ فقط يصادق طبيباً نفسياً…

أما أنا، فأرى الموضوع بشكل مختلف:
أصدقائي حكماء وأنقياء، لهذا ولهذا فقط تصدمهم بشاعة الحياة ويناقشون تفاصيل الأمور…

اللئيم ليس في حاجة الطب النفسي، الجحود ليس في حاجة سيروتونين ولا غيره…

غير الأخلاقي لا يذهب إلى طبيب نفسي، النرجسي يعتقد أنه أكبر من أي مرض نفسي…

المجنون ليس أبداً المريض النفسي، بل عديم الضمير أو الأخلاق…


فيما عدا ذلك أي منّا.. كلٌّ منا في حاجة إلى الطب النفسيّ في مرحلة ما من حياته…


كتبتُ هذا على صفحتي الافتراضيّة.. وأنا ممتنة جداً لضمائرنا .. أمراضنا وأخلاقنا…


يتبع...


-الرواية تحمل بين صفحاتها الجزء الثالث من رواية عليّ السوري

للتحميل المجانيّ: عبر الرابط
https://www.lamamuhammad.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس


.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي




.. انتظروا لقاء مع أبطال مسلسل دواعي السفر وحوار مع الفنان محمد


.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال




.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت