الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يعبدون أردوغان.

اسكندر أمبروز

2021 / 12 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعلم جميع الإخوة المتنورين عموماً و واللادينيين خصوصاً ما حصل ويحصل اليوم وفي السنوات الماضية الأخيرة من تطبيل إعلامي كبير ورضوخ تامّ من عموم الحمير في دول الشرق الأوسط وبول البعير , للمعتوه أردوغان وحملاته الواسعة التطبيلية الدعدوشية , والبروباغاندا المتمثلة بالقوّة الناعمة كالإعلام والتلفزيون والمنتوجات المرئية من أفلام ومسلسلات وغيرها من الأساليب المعروفة والمكشوفة التي يتبعها أي حاكم طاغية.

وطبعاً كل هذه الأساليب السابقة هي طُرُقٌ مختلفة يتبعها الطاغية للترويج لصورته وتخدير الناس ووضع ذاته وحاشيته موضع البطل المغوار المناضل , الذي يقف في وجه الأعداء الذين صنعهم هو في المقام الأوّل ليظهر بمظهر المناضل في النهاية أمام شعبه والبهائم الذين يسهل السيطرة عليهم بهكذا هراء.

وطبعاً نعلم جميعاً أن أردوغان لم يقدّم أي شيء سوى الخراب السياسي والتدهور الاقتصادي لبلاده والعبث في البلاد المجاورة , ومن يعتقد أنه قام بأي انجاز اقتصادي أو حضاري عليه بمراجعة التاريخ المعاصر والحديث للسنوات الماضية فقط ليعلم مدى كذب وتدليس الإعلام المروّج لأردوغان .

ولكن ومع معرفة الأساليب التي يتّبعها أردوغان للترويج لنفسه ونظام حكمه الفاسد مما سبق ذكره , إلّا أننا نظل أمام ظاهرة غريبة نوعاً ما , ألا وهي ظاهرة المواطن العربي المندمج كلّياً بهذا السيرك التركي السخيف !

ولكن لماذا ؟ ولتوضيح هذا الأمر أود سرد قصّة قصيرة حدثت معي شخصياً في الأيام الماضية مع سائق تكسي , حيث بدأ بالحديث السياسي والذي أتجنّبه بشكل دائم ومستمر شخصياً مع بهائم الصحراء وحتى أنني أداري العالم الموازي الذي يعيشون فيه , ولا أود أن أوقظهم من غيبوبتهم في مواقف عابرة كهذه...

ولكن ما استوقفني من حديث السائق المسكين (الذي هو من فوق الأساطيح طبعاً , كعادة الشعوب العربية الغارقة بنظريات المؤامرة والشيزوفرينيا والجهل) هو جملة عابرة ولكنها تحمل معان خطيرة جداً , حيث قال الرجل...

" أنظر ماذا بنى لهم أردوغان من جسور ومطارات وشوارع !"

وقد تبدوا هذه الجملة المتواضعة بسيطة وعادية ولكنها مليئة بالمشاكل ! فأولاً أردوخرا بنى هذه الأمور من الأموال التي اقترضتها تركيا من صندوق النقد الدولي , والتي كان من المفترض أن تعطى على شكل قروض للشعب التركي ليتم استثمارها , وهو وإدارته قام باستغلال هذه الأموال في مشاريع بنية تحتية عوضاً عن مشاريع ربحية , والآن تركيا تغوص في الديون والمشاكل الاقتصادية بسبب هذا العبث وغيره من السخافات الاقتصادية الحمقاء لبطل أمّة لا عدوى.

ولكن المشكلة ليست هنا أيضاً ! فالرجل قال"أنظر ماذا بنى لهم أردوغان" بنى لهم ! وكأن المعتوه يبني من مال أبوه مثلاً ؟ أم يبني من إرث ورثه عن أجداده ؟ أم من ماله الشخصي الذي كسبه بشكل مشروع ؟ أم ماذا ؟ فكلمة سائق التكسي هذه تبين لنا تصوّر العوام من أمّة بول البعير لذاتها على أنهم قطيع من البهائم وأن الحاكم هو الراعي لهذا القطيع !

ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في تمجيد هذه الأمور أصلاً , فلو افترضنا أن كلامه صحيح , وأن كل هذه الأمور بنيت بفضل أردوغان , وأنها لم تسبب أي مشاكل اقتصادية , وأن الرجل حاكم من طراز أنجيلا ميركل ورينالد ريجان , وأن تركيا اليوم والمنطقة بأفضل حال بفضله (على عكس الواقع طبعاً) , فكل هذا لا يستحق أي ثناء أو حتى ذكر , فالحاكم في عرف الشعوب الحرّة والمجتمعات المتحضرة هو موظف دولة مثله مثل المدرّس والنائب وغيرهم من الموظفين الحكوميين.

فالموظف الحكومي الذي يؤدي عمله كما يجب هو ما يعتبر طبيعياً , فهو من يمتلك المسؤولية وعليه أن يؤديها حقها دون أي مشاكل تذكر , ومن يتسبب بالمصائب والمشاكل أو من يستغل منصبه بشكل فاسد كأردوغان مثلاً , فهذا ما يجب فضحه وتسليط الضوء عليه نظراً لحساسية هكذا منصب وتأثير فساد من يحتلّه على الدولة ككل والمنطقة عموماً أيضاً.

ففكرة تمجيد القائد والحاكم وتعظيمه , مقترنة تماماً بالهلاوس الدينية الداعشية التي نعرفها , ودغدغة أردوغان لعواطف المؤمنين الدينية واستعماله للدين للأغراض السياسية هو طبعاً ما صُنِعَ الدينُ من أجله أولاً , وثانياً , هو ما يمكّنه من تحويل خرابه وتخريبه وفساده وإفساده إلى بطولات وأمجاد وإنجازات , لا بل وصل بالناس الى أن باتوا يشكرونه كالإله على نعمة الطرقات والبنية التحتية , أو محاربة العدو الذي اختلقه هو أصلاً , في سيرك تحوّل فيه الجمهور الذي من المفترض أن يتلقى خدمة التسلية , الى مهرّجين يعملون لإرضاء صاحب السيرك ولتسليته وملئ جيوبه بالمال ومدّه بالنفوذ والطغيان والظلم , وفي النهاية , يشكرونه كالإله على بنائه لهذا السيرك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بحلو


.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار




.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa