الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقبل الآخر !!!!

زكي بوشوشة
كاتب

(Zaki Bouchoucha)

2021 / 12 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"يجب تقبل الآخر" من بين العبارات الاكثر شيوعاً و تداولا و في نفس الوقت هي اكثر العبارات عقما من حيث الممارسة و السلوك ، فتقبل الآخر ليس قرارا يتخده الإنسان في لحظة ما او هو معلومة سحرية تغير سلوك الانسان و وعيه ، فلا قيمة ابدا لطرحها بصيغة الامر او تقديمها في قالب النصيحة ، لأن الإشكال اعمق من ذلك ، و هذا النوع من الحلول غير مجدي و هو اشبه بتعليم احدهم تقنيات لعب التنس نظريا مدة طويلة ، ثم ترسله للملعب و تنتظر منه أداء خرافيا ، و ستعلم أن الكلام لن يعلمه اللعب ابدا و لو دامت فترة التعليم عقودا من الزمن .
اول ما نحتاج إليه هو القبول و ليس التقبل .
فقبول الآخر هو حالة من الوعي بالتنوع و الاختلاف كضرورة طبيعية ، بينما التقبل هو حالة من التملق و المجاملة التي مفادها تصنع القبول . أي أن تنظر للاخر على انه مرفوض و لكنك تتقبله من باب التعالي و الرفعة و prestige الثقافي ، و هذا الأخير لا يعيش إلا مع الآخر المستضعف و في حالات الهدوء و الثقة و سيتلاشى فجأة بمجرد الشعور بالغضب او الخطر ، سيكشر المتقبل عن انيابه .
" لا يفعل الانسان الشر ، إلا و هو جاهل به سقراط .
طبعا هذا النمط المنغلق من الفكر او شبه الفكر هو الشر نفسه ، و انا لن الومك على قتل غيرك اذا كنت تعيش اليقين إذا كنت تنظر اليه على أنه الشيطان بعين اليقين ، إذا كنت تنظر لنفسك بعين العصمة . و بالمقابل انا لا أستطيع ان اجعل نفسي وصيا على اعتقادك و انهاك عن اعتقاد س و إنكار ع ، لأن هذا يتنافى بالاساس مع فكرة تقبل الآخر ، و طبعا كل شخص حر في اعتقاده من المفروض و المعتقد لا يناقش اساسا .
صحيح ان هذه الازمة مرتبطة إرتباط وثيق بالجهل كما قال سقراط ، سواءا بجهل الآخر او بجهل الذات او بجهل كيفية ضمان مصلحتنا الشخصية داخل الصالح العام ... إلخ .
و في الحقيقة لا حل لهذه الحالة على مستوى النتائج ، سواء كان ذلك من خلال اصلاح الخطاب الديني أو من خلال ترويج اعلامي لثقافة تدعي التسامح ابدا ، لان ذلك لن يغير شيئا بل سيزيد رد الفعل قوة فقط ، فهذا المتطرف او الرافض للاختلاف ليس ضحية الخطاب الديني بل هو من اختار هذا الخطاب أولا أي أن هذا الخطاب المتطرف هو من وافق ميله و طبيعته ، و في هذه الحالة حتى لو تم إلغاء الخطاب الديني المتطرف كليا سيظهر هذا النمط من التطرف و مركزية الانا في اشكال اخرى لا تمت للدين بصلة ، لان المشكل نفسي إجتماعي بالاساس .
لاشك نحن لا نملك من الادوات ما يجعلنا قادرين على حل هكذا مشاكل لا من حيث القرار و التسيير الصادر عن السلطة ولا من حيث الإنتاج الثقافي الذي تقدمه النخبة ولا على مستوى الأسرة و المجتمع ، و لكن يمكن أن نقر على الأقل ان الحل ان وجد فسيكون على مستوى الاطفال و التنشئة المتقدمة اي في المراحل العمرية الاولى ، فالطفل الذي لم ينشأ على الاختيار لن يتمكن من احترام إختلاف غيره بسهولة فيما بعد أبدا ، و الاختيار هنا يخص كل نواحي حياة هذا الطفل ، فكل ما يفرض على الطفل في مرحلة يرتبط فيها مع عالمه الحسي ارتباطا مطلقا سيكون جزءا من تصوره للطبيعي و الالهي و ليس غريبا ان يعجز عن فهم من يختلف عنه بل و النظر إليه بعين الشذوذ و بحس التوجس .
من جهة ثانية و احد اخطر اوجه الازمة الخفية هي الفصل التعسفي بين الجنسين سواء كان بصورة مباشرة او بالتهكم و القمع الساخر ، قبل وعي الطفل فكرة الاختلاف الجنسي و بعد بداية تشكل هذا الوعي في مراحل المراهقة . فالطفل الذي يمنع من اللعب مع اقرانه من الجنس الثاني بخطاب الفضيحة سيصعب عليه تقبل المرأة كإنسان مساوي له في انسانيته لأنه حرم من معرفة المختلف عنه و تعلم انها ادنى منه قبل ان يتعلم اليات الفهم و التحليل و قبول و رفض الفكرة و المعلومة و هكذا تترسخ الصورة في ذهن الطفل كمسلمة لا تقبل النقاش فيما بعد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لهذا السبب.. روسيا تحذر من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط


.. العميد إلياس حنا يتحدث عن ملامح معركة جباليا الجديدة وخطة ال




.. الفلسطيني محمد شوحة يروي تفاصيل نجاته من مجزرة ارتكبها الاحت


.. قصف إسرائيلي على بيروت يخلف دمارا في منطقة سكنية




.. مدير مستشفى كمال عدوان من غزة: أناشد العالم عدم إخراجنا من ا