الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي والوحي

حميد المصباحي

2021 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


29 الوعي والوحي
إذا كان الوعي مرتبطا بذاته لأنه يعيها كفعل، له استقلاله وارتباطه في الوقت نفسه مع الجسد، فهو يطرح إشكالات على العلم، وبالأخص علم أعصاب الدماغ وعلى الفلسفة أيضا، وكلاهما يسعى لفهم أهم غرابات الكائن البشري، لكن يمكن تقسيم الوعي لقسمين:
ما يمكن معرفته: وهي ردات الفعل التي يدركها الإنسان ويدرك معها درجة توافق بينها وبين شرطها أو ما يدفع إليها، إننا أمام محددات مدركة بأثر لها، وهو تفاعل الجسد وفعله المختلف عن أفعال كائنات أخرى طبيعية، استجاباتها ليست مدركة بسبب فقدانها للغة وسيطة بين الفهم أو الإدراك والفعل،سواء كانت لغة منطوقة أو رمزية وحركية أو صوتية أولية تتجاوز حدود الغرائز، وتعلو عليها، هنا قدم علم أعصاب الدماغ فتوحات من خلال لتجارب والتشريح، فاهتدى لسعة الذاكرة وتداخلها مع المتصور ذهنيا بما هو استحضار للمنسي في تجربة الحواس أو اللغة الحاضنة لصور ومضيفة لها في الوقت نفسه.
ما تصعب معرفته: وهو جانب إشكالي في الوعي، مفاده، إذا كان مصدر الوعي الدماغ، فلماذا لا نحدث تحولات دماغية ونتتبع آثارها؟؟
هنا تطرح مشكلة، لا توجد كائنات يمكن أن تعوض الإنسان تجريبيا حتى أرقاها فيزيزلوجيا، كالشامبانزي والغوريلا،والدماغ البشري لا معنى له إن كان صاحبه ميتا وهو لا يعمل، بل حتى التخذير، يحد من فعاليات دماغية تجعل الإحاطة بمفهوم الوعي ناقصا، من هنا يكون التدخل الفلسفي ضروريا، فلا علم إلا بالكليات أو الماهيات كما قال أرسطو، وهنا نكون أما العقل كملكة تعي ذاتها وعالمها وفق مبادئ، هي فيها غير مكتسبة بخبرات أو متعلمة بعلوم، وربما اعتبرها فلاسفة آخرون أحكام كامنة تعي ذاتها بالتلقي من جوهر مرافق أو محايث وربما مفارق، لكأننا نريد اختزال الوعي بإدراك جوهري للمنتظم، أي العقلي وجودا، سواء كان هذا الوجود ملموسا أو مجردا، فنشبت صراعات كل واحدة تحاول الانتصار لوعيها كما تصورته، وبشكل عام، حاولت إحداها ربطها بالحسي، فلا يكون إلا حصيلة خبرات وتجارب، شخصية وجماعية، بل حتى التي ألحقته بالخيال، عادت بالخيال إلى جذوره الحسية، حفاظا على ما يمكن فهمه بالوعي كأثر أو مؤثر فيما يبدو ويظهر، حتى لا يظل مجردا ومتعاليا، لكن نزعة استقلاليته، عادت به فعاليته المستقلة كمصدر لمعارف تتجاوز الحسي وتسمو عليه في اتجاه حقائق لا تصلها الحواس ولا تحتمل مشاهدتها، لكأنها أعادت الوعي لروح مفارق، يخلق وسائط لبث ما هو ضروري للروح البشري، فيتجلى نفسا بلغة أو حركة وانتظام،من هنا بدا الوحي كأنه بديل لوعي بشري، بإمكانه أن يستبق الحقائق بدون أن يبذل البشر كل تلك المجهودات، فيكتفي الناس بما ورد ويقلدون بأفعال المؤمنين من سبقهم، بدل تأمل أفكار المفكرين ومحاولة توحيدها والتقريب فيما بينها، وقد ساعد على انتشار هذه الفكرة، عدم حسم العلوم وتوصلها إلى ما يمكن اعتباره حصرا لمفهوم الوعي وإدراكا ولو جزئيا لجانب من الوعي، لكن ملحمة معرفة الذات البشرية لم تنته بعد، وهي ما يجعلها أكثر إثارة بتشويقها وتوقعاتها التي لم تتوقف بعد، وما تزال علوم الإنسان خصوصا الدماغية منها، تجد محاولة كشف أسرار الوعي البشري بما هو تمثلات وتخيلات، تتشابه وتختلف، تكون وتتكون في الوقت ذاته، فماذا قدم الوحي كمعرفة حول ذات الإنسان ووعيه وحتى روحه؟؟........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah