الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع التعليم الأهلي ومستقبله في العراق قراءة في ضوء دعوة السيد مقتدى الصدر إلى إلغائه

إحسان عمر الحديثي

2021 / 12 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


شغلت دعوة السيد مقتدى الصدر المتعلقة بإلغاء التعليم الأهلي في العراق - سواء أكان ذلك يشملُ مستوى التعليم العام أم التعليم الجامعي - اهتمامًا واسعًا من لَدُنِ الأوساط المجتمعية والتربوية ؛ إذ إنَّ التعليم الأهلي في العراق لم يكن هو الآخر بمنأى عن منظومة الفساد الذي يعاني منه العراق على مدى عقود من الزمن، ففي الوقت الذي يُفترضُ فيه أن يكونَ التعليم الأهلي عونًا للتعليم الحكومي وسندًا له في بناء الإنسان، ورافدًا مهمًّا للمجتمع بالموارد والطاقات البشرية المؤهلة لخدمته، إلّا أنّه أصبح اليوم يُشكِّل هاجسًا مقلقًا ولاسيما في تخريج طلبة دون المستوى المطلوب، حتى غَدَت النظرة الى هذه المؤسسات كأنَّها تُمَثِّلُ دكاكين لبيع الشهادات لا أكثر، وتناسى أصحابُ هذهِ المؤسَّسات أن هدف التعليم الأهلي هو الإسهام في بناء الإنسان لا هدمه.
إنَّ حال التعليم الأهلي لا يختلف كثيرًا عن واقعِ التعليم الحكومي الجامعي والعام ؛ إذ إنّ الاثنين بهما حاجةٌ الى إصلاح أحوالهما والارتقاء بمؤسساتهما، وهذا ما يدعونا للعودة إلى دعوة السيد مقتدى الصدر لأخذها على محمل الجد فالمطالبة بالإلغاء تدفع باتجاهين ، الأول: إصلاح التعليم الحكومي وتحسين نوعيته وجودته، أما الاتجاه الآخر: فيتطلّب تقويم التعليم الأهلي والتحقق من رصانته.
وهنا وجبَّ علينا القول: إنَّ الاستغناء عن التعليم الأهلي في الوقت الذي يشهد فيه التعليم الحكومي تراجعًا كبيرًا صعب للغاية، ولاسيما وهو يُسهم بشكل او بآخر باستيعاب أعداد غير قليلة من الطلبة على المستويين التعليم العام أو الجامعي تقدر باكثر من (200) ألف تلميذ وطالب ، لا بل ان هناك الكثير من الطلبة يدرسون خارج العراق وهذا بحد ذاته أحد المؤشرات المهمة على ازدياد الطلب على التعليم من الطلبة العراقيين _ وان عُدَّ هذا الامر استنزافًا للموارد المالية خارج العراق_ ، فضلا عن أن التعليم الاهلي يوفر وظائف للكثير من الخريجين وهو بذلك يسهم نوعًا ما في الحد من البطالة التي يشهدها البلد وإن كانت الأجور دون مستوى الطموح.
لقد عقدت مؤتمرات وندوات وورش عمل للنهوض بالتعليم الأهلي في العراق وخرجت بتوصيات مهمة وآليات عمل واضحة، ومفاتحة الجهات الحكومية لتنفيذها في ضوء ما حدد لها من اطار زمني محدد، ومن ذلك ورشة العمل: (واقع ومستقبل التعليم العالي الأهلي في العرق 2019) وورشة العمل: ( واقع ومستقبل التعليم في المؤسسات التربوية الأهلية 2018) لهيئة المستشارين والتي توضحت فيهما المشكلات والتحديات ،وقدّمت مجموعة من التوجيهات المطلوبة للنهوض بالتعليم الأهلي والارتقاء به للوصول نحو العالمية والوقوف بمصاف الدول المتقدمة.
أقول: لقد أعددت ورقتين (توصية سياسية) في دار الخبرة للدراسات البرلمانية، وتم تقديمها إلى لجنتي التربية والتعليم العالي في مجلس النواب العراقي، ولاسيما بعد إقرار نظام التعليم الأهلي والأجنبي رقم (5) سنة 2013، وأقيمت آنذاك طاولة مستديرة لمناقشة تلك الورقة في لجنة التربية النيابية التي كانت ترأسها الدكتورة سعاد الوائلي والموسومة بـ (( النظام رقم (5) التعليم الأهلي والاجنبي لسنة 2013 في العراق جدلية النظام وفاعلية القانون)) دعت الى تشريع قانون بدلا من النظام بعد إجراء عددٍ من التعديلات والإضافات، أما ورقة التوصية الثانية فكانت حول ((قانون الجامعات والكليات الأهلية المرقم بـ (13) لسنة 1996 في العراق رؤية واقعية مستقبلية)) التي دعت الى تعديل القانون وقدمت عدة مقترحات الى لجنة التعليم العالي والبحث العلمي بذلك.
إن المسوؤلية الوطنية تدفعنا جميعا للنهوض بالتعليم لكونه الركيزة الأساس في بناء الإنسان والوطن وتحقيق التنمية والسلام سواء أكان الحكومي منه أم الاهلي. وأن ما يحتاجه التعليم في العراق الجامعي والعام الأهلي والحكومي وضع رؤية تتوافق ومتطلبات التنمية المستدامة 2030 وأهدافها والتي اتفق عليها المجتمع الدولي من جهة، ورؤية العراق 2030 التي تُعد خارطة طريق لتحقيق تلك الاهداف، ولاسيما البند ثالثا منها المتعلق ببناء الإنسان من جهة أخرى.
أخيرًا أقول: إن الدعوة إلى إلغاء التعليم الأهلي من دون بدائل جيدة سيفاقم من المشكلات التي تواجه التعليم ويزيد من تحدياته، فالتعليم بحاجة الى حلول غير تقليدية وغير ترقيعية، التعليم الذي نريد هو الذي يدفع بعجلة التنمية والتقدم نحو الإمام، ويعمل على تحقيق أحد مبادئ الدستور العراقي في توفير فرص التعليم الكفء للجميع، وإيجاد نوع من التميز في التعليم الأهلي اذ لا ينبغي أن يكون مكررًا للتعليم الحكومي ولاسيما في التعليم العالي، والإفادة من التجارب العالمية في هذا المجال، وتبقى دعوة السيد مقتدى الصدر رسالة واضحة للحكومة القادمة بوضع التعليم بأنواعه كافة أولوية للاصلاح والتغيير نحو الأفضل، فالتغيير والإصلاح يبدأ من التعليم الذي أصبح إصلاحه وتحسين جودته مطلبًا جماهيريًّا لا يمكن التنازل عنه، وعلى الدولة توفيره وحمايته والدفاع عنه.

#التربية
#التعليم
#التعليم_الاهلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم