الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشاط نزيهه الدليمي السياسي وأثره في توليها الوزارة ج 1

سعد سوسه

2021 / 12 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نشاطها السياسي أبان ثورة تموز 1958
أشترك الحزب الشيوعي العراقي في جبهة الاتحاد الوطني التي نسقت مع تنظيم الضباط الأحرار لقيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958, وكان له الدور الكبير في ذلك ( 1 ) , فضلاً عن توجيه منظماته الجماهيرية للانضمام إلى الجبهة, والتوقيع, على ميثاقها وكانت رابطة الدفاع عن حقوق المرأة برئاسة الدكتورة نزيهة الدليمي من بين تلك المنظمات ( 2 ) .
في يوم الحادي عشر من تموز عام 1959, تم إبلاغ الحزب الشيوعي بموعد التحرك العسكري, وفي يوم الثاني عشر منه أصدر الحزب توجيهاً عاماً لإبلاغ الكوادر المتقدمة في تنظيماته, كما وضع الجهاز الحزبي في حالة إنذار ( 3 ) وجاء في نص التوجيه " نظراً للأوضاع السياسية المتأزمة الداخلية, والعربية, ووجود احتمالات تطورها بين آونة وأخرى. وبغية ضمان وحدة النشاط السياسي لمنظماتنا الحزبية في الظروف الطارئة أو المعقدة نرى من الضروري التأكيد في الوقت الحاضر على أن شعاراتنا الأساسية هي :
- الخروج من ميثاق بغداد, وإلغاء الاتفاقية الثنائية مع بريطانيا والوقوف ضد مبدأ أيزنهاور.
- أطلاق الحريات الديمقراطية لجماهير الشعب ( حرية التنظيم الحزبي والنقابي وحرية النشر والاجتماع... الخ ) وإعلان العفو العام عن المحكومين السياسيين وإطلاق سراحهم, وإلغاء المراسيم والقوانين الدستورية التي تستهدف ضرب الحركة الوطنية.
- قيام حكومة تنتهج سياسة وطنية عربية مستقلة تدعم نضال الشعب اللبناني وسائر الشعوب العربية وتخدم السلم.. وتحول (( الاتحاد العربي )) إلى اتحاد حقيقي بين العراق والأردن يضمن مصالح شعبنا ويخدم النضال ضد الاستعمار والصهيونية ومن أجل الوحدة العربية, وإقامة اتحاد فدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة. ونرى من المناسب التأكيد على :
1- ضرورة تجنب إبراز شعارات مبهمة أو متطرفة أو تلك التي تمجد هذا الزعيم أو ذاك من قادة الحركة الوطنية أو العربية على حساب طمس شعاراتنا الأساسية, أو التقليل من شأن نضال الجماهير الشعبية والجبهة الوطنية
2- ضرورة إبداء اليقظة السياسية العالية تجاه مختلف المناورات والمؤامرات, وتجاه نشاط عملاء الاستعمار, والعمل بحزم وبأمانة تامة لسياسة الحزب. واعتبار أن واجبنا الأساسي في كل الظروف هو تعبئة أوسع الجماهير الشعبية ولفها حول الشعارات الصائبة في اللحظة المعينة, وحول الشعارات الكبرى لحركتنا الوطنية الديمقراطية" ( 4 ) .
كانت الدكتورة نزيهة الدليمي في تلك المدة مسؤولة اللجنة النسائية في لجنة بغداد للحزب الشيوعي العراقي, إذ أن الأخيرة كانت تعد من أهم وأوسع منظمات الحزب, بحكم موقعها واحتكاكها مع الأحداث ( 5 ) , فضلاً عن كون نزيهة عضوة اللجنة المركزية للحزب, التي كانت تتكون من خمسة عشر شخصا( هم كل من سلام عادل, جمال الحيدري, عامر عبد الله, شريف الشيخ, عزيز الحاج, صالح دكلة, ثابت حبيب العاني, نزيهة الدليمي, حمزة سلمان الجبوري, ناصر عبود, عبد الرحيم شريف, هادي هاشم, كريم أحمد, فضلاً عن عضوين كانا خارج العراق هما محمد صالح العبلي في موسكو للدراسة الحزبية, وجورج تلو في دمشق يتولى علاقات الحزب مع الأحزاب العربية ومع الحركة الشيوعية العالمية ) ( 6 ) , وبحكم موقعها المتقدم في الحزب فأنها كانت على اطلاع بما يجري, إذ تم إخبارها بالحدث وتسلمت التوجيه الحزبي, وتذكر الدكتورة نزيهة الدليمي ذلك اليوم إذ تقول " أتذكر جيدا ذلك اليوم 12تموز, عندما ذهبت إلى البيت الحزبي في الكاظمية بناء على موعد أرسل إلي, ولم أجد جمال الحيدري بل كان هناك صالح دكلة وعضوان آخران من لجنة بغداد, فقد رتبت المواعيد بحيث لا يلتقي أكثر من ثلاثة في البيت في آن واحد, وقد بلغنا صالح دكلة بالموضوع وسلمنا النشرة الداخلية وهي تحتوي على شعارات الحزب وتوجيهاته عندما يقع الحدث المنتظر. وتركنا الدار سريعاً لكي نقوم بالتبليغات وإيصال التوجيهات. كلا حسب الخط الحزبي الذي كان ينظمه" ( 7 ) , إن هذا يعكس مدى الثقة الكبيرة التي كانت توليها قيادة الحزب للدكتورة نزيهة الدليمي, فهي من القلائل الذين تم تسليمهم البلاغ الصادر عن الحزب لتوزيعه على كوادرهم .
في ساعات الفجر الأولى ليوم الرابع عشر من تموز 1958, أذيع بيان الثورة الأول من إذاعة بغداد وعلى أثر سماعه, نزلت الدكتورة نزيهة الدليمي من بيتهم الكائن في الأعظمية, متوجهة إلى الشارع العام هدفها تنفيذ تعليمات الحزب الذي تضمنها التوجيه الداخلي الصادر يوم الثاني عشر من تموز, إذ تقول عن ذلك: " خرجت أنا من بيتنا في شارع المغرب وتوجهت إلى الشارع العام, وبعد عدة خطوات كنت وسط المظاهرات القادمة من الأعظمية, ومن الكاظمية عبر الأعظمية, وقبل إن نصل إلى البلاط, شاهدت سلام عادل ( كان سكرتير للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حينذاك ) وهو يرتدي سترة وبنطلونا, وبالنسبة لي رأيته أول مرة بتلك الهيئة وليس بالملابس العربية التي كان يتنكر بها, وأقترب مني قائلاً : أنني الآن قادم من البريد حيث أرسلت برقية بإسم اللجنة المركزية تهنئة بانتصار الثورة... وكان هذا, بعد العمل السري الطويل شيئا هزنا تماماً.. وبعد ذلك قال عليكم أن تنشطوا من أجل نشر شعارات الحزب في هذه المظاهرة وأن لا تكونوا سلبيين.. لان مختلف القوى السياسية في الشارع, وأشار إلى مجموعة قليلة من المتظاهرين تحمل صور عبد الناصر, فأكد ما جاء في التوجيهات الحزبية ( ضرورة تجنب إبراز شعارات مبهمة أو متطرفة أو تلك التي تمجد هذا الزعيم أو ذاك من قادة الحركة الوطنية أو العربية على حساب طمس شعاراتنا الأساسية ). وبعد هذا الكلام وبعد أن سار إلى جواري عدة مئات من الخطوات أندمج مع خضم المتظاهرين وتوارى عن نظري. وسُرتُ في المظاهرات حتى عبرت معها إلى جانب الكرخ عبر جسر الشهداء, وكان الناس يعبرون عن فرحتهم بتقديم اللبن البارد أو الشربت البارد, وبالهلاهل من قبل النساء. وكانت شعارات الحزب الشيوعي تصل إلى الناس بالهتافات والهوسات المنطلقة من الحناجر في جو من الحماس والفرح الغامر. وظلت الشوارع الرئيسة في بغداد بجانبي الرصافة والكرخ تعج بمئات الألوف من الناس حتى ساعة بدء منع التجول مساءً " ( 8 ) .
كان الحزب قد اصدر في اللحظات الأولى للثورة تعليمات إلى أعضائه, تضمنت تشكيل لجان شعبية للدفاع عنها, وفي اليوم التالي, أي الخامس عشر من تموز بعثت اللجنة المركزية للحزب, برقية إلى رئيس الحكومة عبد الكريم قاسم أكد فيها على ضرورة تشكيل مثل تلك اللجان وفي يوم التاسع عشر منه أصدرت الحكومة قانوناً يقضي بتشكيل لجان للمقاومة الشعبية
نشطت الدكتورة نزيهة الدليمي بالدعوة إلى الانخراط في لجان المقاومة الشعبية, وطالبت بإشراك المرأة فيها, وذلك من خلال زيارة وفد رابطة الدفاع عن حقوق المرأة برئاستها إلى الزعيم الركن عبد الكريم قاسم في الثاني عشر من تشرين الأول عام 1958, إذ طالبن من الأخير ضرورة إشراكهن جدياً في فصائل المقاومة الشعبية بالتدريب الفعلي والعملي الواسع النطاق كما يظهر توجه الدكتورة نزيهة الدليمي في هذا الاتجاه من خلال دعوتها النساء إلى الانضمام للجان المقاومة الشعبية, وذلك في مقابلة صحفية أجرتها معها جريدة الزمان البغدادية, إذ دعت فيها النساء إلى التسجيل والانتماء إلى تلك اللجان كما أنها شاركت بوفد ضم عدد من الشخصيات الشعبية والحزبية التقى الزعيم عبد الكريم قاسم في الرابع من كانون الأول عام 1958, وطالبت من خلاله الحكومة بإطلاق حرية الرأي والتعبير, عن طريق إجازة الصحف التي يمكن إن تُسهم في تنوير الجماهير, وتعبئتها فكرياً ضد أعداء الثورة (تالف الوفد من ستة وعشرين شخصية غالبيتهم من الكادر المتقدم في الحزب الشيوعي العراقي برئاسة عزيز الحاج عضو اللجنة المركزية إذ قام بإلقاء كلمة الوفد..
عليه يمكن القول أن الدكتورة نزيهة الدليمي كانت قد كثفت من نشاطها وبفعالية كبيرة في أحداث ثورة تموز عام 1958, ويظهر ذلك من خلال دعمها لميثاق جبهة الاتحاد الوطني والتوقيع عليه, كما إن نشاطها في صفوف الحزب الشيوعي العراقي تنظيمياً, وميدانياً, كان واضحٌ من خلال الأحداث, فضلاً عن نشاطها في صفوف الحركة النسوية, كل ذلك أدى إلى أن تضع حكومة الثورة ثقتها فيها بمنحها حقيبة وزارة البلديات.

توليها وزارة البلديات :
كان الحزب الشيوعي العراقي قد وقف إلى جانب ثورة الرابع عشر من تموز 1958, منذ أول لحظة انطلاقها, وأعلن عن مساندته للثورة وصيانة الجمهورية الوليدة, فبادر إلى تشكيل فصائل المقاومة الشعبية التي هيمن على تشكيلاتها, فضلاً عن هيمنته الواضحة على المنظمات الشعبية الأخرى كاتحاد الشبيبة, واتحاد الطلبة العام, وحركة أنصار السلام, ورابطة المرأة العراقية, واتحاد نقابات العمال, واتحاد الجمعيات الفلاحية, ونقابات المعلمين, والمهندسين, والأطباء, و جمعيات الصداقة المختلفة
كان لتلك التشكيلات دورٌ بارزٌ في مساندة الثورة, والوقوف إلى جانب عبد الكريم قاسم, والتصدي لكل المحاولات التي حدثت للإطاحة به, ومن أخطرها الحركة التي قادها العقيد عبد الوهاب الشواف في الموصل في السابع من آذار عام 1959 ( 9 ) .
تزامنت تلك الأحداث مع قرب الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة الرابع عشر من تموز, وحدوث تقارب كبير بين عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي, مما زاد في قناعات الأخير بحقهم في الاشتراك بالسلطة, لاسيما أنهم استُبعدوا منها في التشكيلة الحكومية الأولى التي أعلنت بعد الثورة ( 10 ) وفي الثالث من أيار عام 1959, أصدرت حكومة الثورة قانون السلطة التنفيذية الذي أستحدث عدداً من الوزارات منها التخطيط والصناعة والنفط والإصلاح الزراعي, فضلاً عن وزارة البلديات, الأمر الذي عزز من مطالب الحزب الشيوعي للاشتراك في السلطة ( 11 )
أثارت تلك المطالب اهتمام السفارة البريطانية في بغداد, وبالذات بعد إن انتشرت أخبار عن قرب أجراء تعديل وزاري لمناسبة الذكرى الأولى لثورة تموز, ففي السابع والعشرين من نيسان 1959, كتب همفري تريفليان Humphrey Trevelyan , السفير البريطاني في بغداد إلى حكومته قائلاً : "تأجلت عملية إعادة تنظيم الحكومة, وحتى الآن لم يوافق قاسم على التعيين المقترح لأثنين من الشيوعيين في الوزارة, ذلك المقترح الذي دافعت عنه وأيدته الصحف ذات الاتجاه القريب من الخط الشيوعي" ( 12 ) .
في الرابع من أيار 1959, كتب همفري تريفليان برقية إلى حكومته ذكر فيها ما نقله له ديزواريفيك Dazoarevik, السفير اليوغسلافي في بغداد, عن نية عبد الكريم قاسم في إشراك الشيوعيين بالوزارة الجديدة, ومما جاء في تلك البرقية: " إن قاسماً وافق على اشتراك وزيرين من الحزب الشيوعي في الحكم... أن بعض قادة الحزب الوطني الديمقراطي يفضلون مشاركة الحزب الشيوعي في الحكم ويعتقدون أن تلك المشاركة ستجعل السيطرة على الحزب الشيوعي أسهل مما لو ترك خارج الحكم ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا