الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلهة ديمتر

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 12 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تحفل ذاكرة كل شعب بمجموعة من السرديات المختلفة، سواء كانت على شكل أساطير أو كتب مقدسة أو خرافات أو قصص أو أمثال يومية... هي من تحدد تصورها ـ أي السرديات ـ نحو الوجود وسلوكها العادي مع المحيط الاجتماعي. تعد ديمتر (كيريس) أو (سيريس) ربة الأرض ومحاصيلها وثمارها في الثقافة الإغريقية وهي شقيقة جوبيتر، وتضم عبادتها تقديس بذرة الحياة في كل مظاهرها، وهي حامية للفلاحين، وقد صورت تضع إكليلا من سنابل القمح أو شريطا بسيطا حول رأسها، وتمسك في يدها صولجانا أو ثمرة خشخاش، وأحيانا أخرى قرن الإخصاب تتناثر منه الحبوب والثمار، وكانت ابنتها بروسيربينا، ربة وقت الربيع، ومن أشهر الآلهة المرتبطين بالأرض بنوع خاص باخوس (ديونيسوس) وبان.
وقد وجدت الحوريات وهن ربات صغار، أهمهن خمس مجموعات: الدرياد والهامادرياد، وتعيش كل منهن في شجرة، وكان المفروض أن تموت الحورية من هؤلاء بموت شجرتها. والأوقيانيد والنيرييد اللواتي يعشن في مياه المحيط، والناياد المشرفات على المياه العذبة في الينابيع والأنهار والنهيرات والبحيرات وغيرها، والأورباد، وهن حوريات الجبال والكهوف.
وبما أن للأرض الربة الراعية والحامية وربات صغار، فإن للصوص والصعاليك والغشاشين ربة تحميهم في الميثولوجيا الرومانية هي الربة لافيرنا سيدة العالم السفلي ، وفي ترنيمة تُنسب إليها تقول: أنا إلهة الظلام والعالم المظلم لما تحت الأرض، حيث تتحلل الأجساد المدفونة، وتنحل الجواهر، وأنا إلهة الثروات المخفية، أنا اليد التي تشال المحافظ المرفوعة، وأنا المرأة في الظل، التي ترى كل شيء، أنا هنا في الشارع المضاء، لأن الضوء دائما يجعل الظلام أعمق، أرى كنوزا تُلقي بعيدا، ثروة غير مشتركة، أشياء تُحفظ جانبا وتُنسى، أنا سارقة الزمن، التي تزيل آخر نفس من الجسد، وتفتح الوتر المعقود، وتنتزع حتى العظام الأبدية، أنا التي تأخذ آخر عملة من جيبك، والتي لست بحاجة إليها، إذا كنت تخافني أم لا، فهذه نصيحتي، عش حياتك حتى لا تسرق، عش حياتك كسلسلة من الجواهر، مشرقة وجميلة وذات قيمة، لأنه عند موتك، هذه هي الأشياء الوحيدة التي لن تأخذ منك، لذلك عندما تأخذ الحياة منك، تكون قد استمتعت بها.
تشترك ربة الأرض ديمتر مع الربة لافيرنا في صفة الحماية، وهذا ما يجعل من هذا التقاطع الثقافي تقاطعا مجتمعيا وذهنيا وصراعا أبديا بين من يحمي الأرض ومن يحمي اللصوص، إن ما تقوله هذه السرديات له أساس وراهنيه في واقعنا المعاصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا