الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزء (7 من 11) – حقيقة نفسك True of Thyself

راندا شوقى الحمامصى

2021 / 12 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"صورة الإنسان:" الأول والآخر - الظاهر والباطن The “Human Gestalt:” First and Last − Outward and Inward
الداخلى والخارجى 23 [23: يستخدم الداخلي والخارجي هنا بنفس المعنى فى جميع المتضادات المقابلة الأخرى مثل: الباطن و الظاهر، الخفي والظاهر، يُرى وما لا يُرى، بيّن و مستور. و في هذه الورقة سوف نستخدم هذه المفاهيم على أنها متماثلة، إلا إذا دلت القرينة على فرق خاص في المعنى.] ، كما يراها ويلبر ليست سوى جانب واحد من الوعي البشري والواقع، والآخر هو الفردي والجماعي. و يتم التعبير عن جوانب الداخلي والخارجي كذلك في التقابل بين الروح والمادة. و هذه ليست فئات منفصلة أو حصرية من الوجود، ولا هي واحدة تعتمد على الأخرى، ولا يمكن أن تقف لوحدها وتجعل الأخرى تعتمد على الأولى. فإنها مترابطة فى تبادل مع بعضها البعض. وقد أعرب تيلار ده شاردان عن ذلك في كثير من الأماكن، مثل في هذا الاقتباس:
"إنها (الروح) بأي حال من الأحوال لا تمثل بعض كيان، وهي مستقلة عن المادة أو مضادة لها، فهى بعض القوة محبوسة أو تسبح في العالم المادي. بالروح أعني روح التوليف والتسامي ، التي تتركز فيها بشكل مؤلم، من خلال المحاولات والنكسات التي لا نهاية لها، قوة الوحدة المنتشرة في جميع أنحاء المتعدادت الكونية: الروح التي ولدت في باطن المادة، و وظيفية لهذه المادة." 24
نتيجة هذا الفهم للعلاقة بين الروح والمادة ظهرت بوضوح في التأليف الإبداعى لويلبر، حيث كلاهما تعبيرات من أربعة أرباع، الجانب الأيسر هو الجانب الروحي أو الداخلى/الباطنى للكائنات، الجانب الأيمن يمثل المادة أو ظاهر/خارج الأشياء. و تأثير هذا التفكير فى أنه يتنصل من فهم المادية الحديثة للعالم، والذي تم إنشاؤه من قِبل العِلموية scientism التى تعرّف الكائن كمادة و أن الواقع هو فقط ذلك الذى يمكن قياسه وتعريفه من الناحية التشغيلية.
الأول والآخِر هى الحيوية /الدينامية الأخرى التي تصف الإنسانية، فالبشرية مشدودة بين هذين القطبين من وجودها. فالأفراد من البشر دائما يكونوا الآخِر بالنسبة للبشرية و فى هذه الآخِرية يصبحون أول، فيما يتعلق بأنفسهم وإلى ما ينتمي إليهم. و هذا يمكن عكسه، أن تكون قادرا بأن تكون أول، فهذا فقط بوجدك كفرد؛ فالمرء يمكن بنفس القدر أن يقبل آخِرية وجوده. و يتم التعبير عن هذا الفهم في مفهوم خدمة الإنسانية.
وأُعرب عن هذه الحقيقة في الانجيل، حيث سيكون الأول آخِر والآخِر يكون أول، حيث أن الحبة المفردة عليها أن تموت، قبل أن يمكنها أن تنتج العديد من الفاكهة. فهذا المصطلح القرآني، من الأول والآخِر، كما إستخدمه ووسعه حضرة بهاءالله يقدم فهماً جديداً ومحسّناً للمصطلحات الويلبرية من الفردي والجماعي.
لذلك علينا أن نسأل، ماذا يحدث عندما يتم إستبدال المصطلح الويلبرى من الفردي والجماعي من قِبل حضرة بهاءالله الى الأول والآخِر؟ فإن وضع هذه المصطلحات من وادي التوحيد وإدخالها في مشروع ويلبر يجعل هذا الهيكل الويلبرى أكثر ديناميكية و المفاهيم المستخدمة أكثر ملاءمة، كما سيظهر أدناه.
في حين أنه من الواضح أن لويلبر فالداخلي والخارجي يجب أن يكونا مفهومين في علاقتهما التبادلية، فالعلاقة بين الفردي والجماعي تصبح أكثر وضوحا عندما يتم استخدام المفاهيم ذات الصلة التبادلية من الأول والآخر لوصف هذه الأرباع. و يشير ويلبر إلى أن تجاهل الجانب الداخلي/الباطنى من حالة الإنسان كان علامة للعِلموية الحديثة، أو الفهم العلمي المادي للعالم. و هذه الرؤية العِلموية للكوزموس (الكون) تعلن بأن المادة فقط هى الموجودة، وجميع الأفكار المتعلقة بالجانب الداخلي/الباطنى للإنسان ليست سوى قصص خيالية، مثل سانتا كلوز. [25: بالنظر من بين أمور أخرى لويلبر في MS، صفحة 15 يقول: "إن المفاضلات الرائعة للحداثة ذهبت بعيدا جدا في التفكيك، والتجزؤ، و الإنسلاخ الفعلي. و أصبحت الكرامة كارثة. و أصبح النمو سرطاناً. و عندما بدأت مجالات القيم تتفكك، سمح هذا لعلوم قوية وعدوانية للبدء في غزو والهيمنة على المجالات الأخرى، مزاحمة الفن والأخلاق لتسقط من أي إعتبار جاد في الإقتراب من الواقع . و أصبح العِلم عِلموية - المادية العلمية والإمبريالية العلمية - التي سرعان ما أصبحت الرؤية للعالم الرسمية المهيمنة للحداثة.]
ويمكن إجراء نقطة مماثلة فيما يتعلق بالفردي والجماعي و هى المعنى السائد لهذين المفهومين. ففي هذا الفهم فإن الفردى مطلق، لأنه يمكن أن يكون موجوداً في المكان والزمان، يحسب و يقاس ماديا. و علاقة الفرد إلى الجمعي للجنس البشري تصبح شيئاً لا يذكر ، في العالم الغربي على الأقل، ويمكن تجاهلها لجميع الأغراض العملية. فالفرد لديه واقع مادي، والجمع من الناس عادة ما يُنظر إليه فقط باعتباره حاصل جمع، كومة أو جمع من الأفراد وليس لديهم بشرية مرفقة أو أهمية في هذه المادية والعلمية (أي، استنادا إلى العِلموية scientism وليس على العِلم science) لفهم العالم، كما هو السائد في العصر الحديث. و هذا هو في الأساس إيديولوجية النزعة الفردية الغربية والرأسمالية، حيث كل واحد هو لنفسه، هو رقم واحد ويجب أن يهتم برعاية الآخرين فقط لحماية الذات. و يفترض هذا الفكر أن الأنانية الطبيعية للفرد من شأنها، إذا ما استخدمت بعقلانية، أن تقدم وضع مثالي للبشرية، حيث كل شخص، من خلال الأنانية، سوف يعمل من أجل تحسين مصير الجميع.
تبعاً لهذا الفهم يمكن للمرء، و في كثير من الأحيان، أن يفهم الشخص أن مصطلح "الفرد" مفهوم قائم بذاته، و بأنه كلى و جوهر مستقل للإنسان. ففي الاستعمال الشائع للكلمة فإن فرد يمكن أن ترمز للإنسان، للرجال أو النساء. و بالقول أن شخصا ما هو "فردى" فإنه يعطي هذا الشخص مكانة خاصة وقيمة في المجتمع. فالفردانية الحديثة Modern Individualism قد وضعت فعلا هذه الفكرة للفرد بوصفه مصطلح وصفي أصيل للإنسان، مُحيلة أي وحدة أعلى الى رتبة أدنى كعنصر ثانوي في حالة الإنسان.
إن الفردانية الليبرالية Liberal Individualism، التي تجاهلت أو قللت من منزلة الجانب الجماعي والإجتماعي للإنسان، فنتيجتها الإجتماعية كانت رأسمالية وَجدت تاريخيا معارضتها في الشيوعية والإشتراكية الجماعية والمادية، و التي إتبعت نفس المنطق بطريقة عكسية، بأن تجاهلت الفرد وقيمته. و دعا كارل ماركس هذا التغيير من المثالية إلى المادية بأنه إنعكاس أساسي و نقله من الفردية إلى الجماعية.
كل هذه الأيديولوجيات ليست سوى تصورات جزئية بماهية البشر، وتسببت هذه الرؤية الجزئية والقاصرة فى ظهورالقوى المدمرة الأبرز التى إعترت الإنسان خلال القرن الماضي. ففي الواقع، توقع حضرة بهاءالله هذا، عندما حذر القادة والبشرية جمعاء أن تجاهل رسالته سيكون له عواقب مدمرة للبشرية. فقط في التواتر والعلاقة بين الأول والآخر، الباطن و الظاهر، والإعتراف بالرتب الإلهية (الأربعة)، يمكن للبشرية البقاء والإزدهار.
عدم الإعتراف بالمقامات /الرتب الحقيقية للإنسان، و عدم القبول بفخر أن البشر هم الأول فضلا عن أنهم الآخِر، ولّدت قوة مدمرة في هذا العالم دمرت الإنسانية تقريبا الى حد بعيد وحتى اليوم يمكن أن تسبب كوارث بيئية.

من كتابات حضرة بهاءالله العرفانية ونظام كين ويلبر للفلسفة المتكاملة The Mystical Writings of Bahá--’u’llá--h and Ken Wilber’s system of integral philosophy
بقلم ولفغانغ كليبل Wolfgang A. Klebel
ترجمة حامد عبدالله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة