الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبداع الفني والمخدرات

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 12 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفن والمخدرات
دخلت العقاقير المخدرة - الحشيش أو Cannabis أو الماريوانا والأفيون - أوروبا إثر حروبها الاستعماريّة، في البداية كمادة للتجربة والإختبار لدى العلماء والأطباء لمعالجة الإضطرابات النفسية والإختلالات العقلية، ولكن سرعان ما أثارت إنتباه الشعراء والفنانين الذين كانوا يبحثون عن هذا "الإختلال العقلي والخيالي" وتغذيته للوصول إلى حالات جديدة للوعي وفتح أبواب الخيال. دخلت الماريجوانا إلى إنكلترا في بداية القرن السابع عشر، وعرفت فرنسا الحشيش أثناء حملة نابليون بونابرت، الذي أدخل لمصر العديد من التقنيات الجديدة ومن ضمنها المطبعة الحديثة، واستورد في مقابلها، أو "سرق" العديد من الكنوز المصرية والآثار الفرعونية التي لا تقدر بثمن، ومن ضمن ما أخذه معه إلى فرنسا مادة "الحشيش"، بوصفها عقارا طبيا ذات آثار مهدئة يمكن إستعمالها لمعالجة الأمراض العصبية. غير أن هذه الإهتمامات الطبية والعلمية سرعان ما تحولت إلى تجربة جمالية، أدبيّة وفنية سحرت الطبقة المثقفة في باريس ذلك الوقت. بدأت هذه الحركة مع ترجمة كتاب "توماس دي كوينسي - Thomas De Quincey"، "اعترافات إنكليزي آكل أفيون-Confessions of an English Opium-Eater"، الذي ترجمه إلى الفرنسية عام 1828 "الفريد دي موسيه - Alfred de Musset". وقد ساهم هذا الكتاب في فَتح أعين المثقفين والفنانين والشعراء على تجربة هذه المواد، بوصفها تختزن طاقة جماليّة وإبداعية، فجذبت الرومانسيين من الكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين والموسيقيين. وقد اشتهر في باريس أواسط القرن التاسع عشر ما يعرف بـ"نادي الحشاشين" – Club des Hashischin، الذي أسسه الطبيب Jacques-Joseph Moreau de Tours في سنة ١٨٤٤، بدأ نشاط النادي بين 1844 حتى 1849، وتردد عليه مثقفو تلك المرحلة في أوتيل لوزون، "المعروف حالياً بفندق بيمبودان" في جزيرة سانت لويس الواقعة على نهر السين وسط باريس، الذي نراه مغلقاً للعوام منذ عام 2011. والمكان مازال قائما حتى الآن كفندق في بباريس. كانت تنظم في هذا النادي جلسات دورية تحضرها شخصيات متنوعة لها دور كبير في مجال الفن والأدب، كالرسامين - يوجين دولاكروا Eugène Delacroix، وهنري دومييه Honoré Daumier، والكاتب الروائي ألكساندر دوما Alexandre Dumas، وفيكتور هوغو، وبلزاك Honoré de Balzac، فلوبير Gustave Flaubert، جيرار دو نرفال Gérard de Nerval، إلى جانب الشاعر شارل بودلير الذي أنجز كتابه "فراديس اصطناعية"- Les Paradis Artificiels - تحت تأثير الحشيش والأفيون الذي كان يتعاطاه في النادي. بودلير في هذا الكتاب يصف مادة الحشيش ويعطي بعض المعلومات التاريخية وبأن هذه المادة جاءت من الشرق ويذكر فرقة الحشاشين العربية. ويقول في المقدمة "الحس السليم يخبرنا بان الأشياء الأرضية - الواقعية -لا تتمتع سوى بقليل من الوجود، بينما الواقع الحقيقي La vraie Réalité لا يوجد سوى في الأحلام". ويرى أنه في الإمكان خلق حالة إصطناعية تقربنا من حالة الأحلام هذه يسميها المثال أو العالم المثالي الإصطناعي L Idéal Artificiel، ويقول بأن أفضل مايمكن أن يقودنا إلى تحقيق وعيش هذه التجربة هو الحشيش والأفيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقل جريحين برصاص الاحتلال الإسرائيلي في شارع القدس بنابلس


.. غارة إسرائيلية تستهدف سيارة ببلدة شعث بمنطقة البقاع شرقي لبن




.. توسع رقعة الحرب في السودان تتسبب بأزمة نزوح وجوع حادة


.. صحيفة إسرائيلية: احتلال غزة عسكريا لن يضمن أمن إسرائيل بل سي




.. آثار قصف إسرائيلي على مركز مساعدات تابع للأونروا وسط قطاع غز