الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي الأسطوري الكردي

محمد مصطفى

2021 / 12 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الوعي الأسطوري الكردي؟
بلغ الوعي الاسطوري ذروته في الألف الثالث قبل الميلاد وهو استمرار لسيرورة الوعي منذ ظهور الإنسان الواعي على سطح الكوكب إذ حاول تفسير الكون المحيط من حوله ، المجال الحيوي ، التضاريس والأجواء المناخية وتغيرات الطقس من خلا ل أساطير وخرافات أخذت أشكال طقوس دينية ، بدائية ،قبل ظهور الديانات التوحيدية الإبراهيمية بألاف السنين .
اعتبر الانسان البدائي اكتشاف النار من أهم المعجزات إذ أصبح يقدسه ويعبده . بسبب ضعف الإنسان وخوفه أمام قوى الطبيعة ، نسج خياله أوهام وأساطير وخرافات حول الكون والمخلوقات، منذ الألف الثالث قبل مثل الأنوناكي ،قصة الخلق السومرية، نرى في الميثولوجيا الإغريقية استمدت الحكمة والقوة من كيوس الفراغ العشوائي أو السديم الأولي .
كان اليونان يتربع على عرش الملاحم ، ملاحم الألة والبشر الخالدة كالإلياذة و الأوديسية ،قام الشعراء هوميروس وهوزيود بتدوينها في القرن 700 ق م وقد قام أكسوينوفان 570 ق م بانتقاد أتباع الآلهة بأنهم ينشئونها على شاكلتهم . إذ كانت تعتبر النجوم أشباه اّلهة في اليونان قبل توسكانيلي.
وقام الرومان بتقليد الاساطير اليونانية، بأسماء جديدة فسمي زيوس بجوبتير، وبدل الإلياذة وضع فرجيل الألنيادة.
بتسطيرها ، أصبحت قصص اسطورية تتداولها الأجيال ،وفي أسطورة الخلق اليابانية كان العالم عبارة عن فضاء لانهائي إزناكي وإزنامي .وقصة الكون عند الفراعنة المصريين القدامى ،ظهور نون من العدم أو من مياه مظلمة لا نهائية قضة ايزيس واوزوريس وحورس وست .الأسطورة النوردية
ظهور الكون من الجليد والنار .والاسطورة الرومانية ريموس وريمليوس والذئبة وأ سطورة الشعوب التركية أرغنا كون والميثولوجيا الصينية ظهور البيضة من الفراغ الكوني والإله تانغو والينغ واليانغ ،وغير ذلك من الأساطير عند الشعوب البدائية. أي معظم الأقوام كانت لديها رؤيتها الخاصة قبل ظهور الديانات التوحيدية الإبراهيمية عن ظهور الخليقة هذا ما سمى بعلم الإدراك بالأساطير أو الوعي الأسطوري ،أو الميثولوجيا كعلم للأساطير والخرافات ،هي المحاولات البدائية لأعمال العقل من قبل الانسان وقد هيمن الوعي الأسطوري على عقل الإنسان الى القرن السادس قبل الميلاد ،مع حلول عصر الحكمة والوعي الفلسفي وظهور الحكماء الثلاثة كونفوشيوس وبوذا وزردشت والفلاسفة الطبيعيين في اليونان في اليونان طاليس المليطي في السواحل الغربية لأسيا الصغرى في المستعمرات اليونانية إذ تتقاطع ثلاثة بحار .إذ كتب برتراند راسل يقول:
إن الفلسفة والعلم يبداّن بطاليس المليطي في اوائل القرن السادس قبل الميلاد.
وكانت نصوص الفيدا الحكمة قد ظهرت في الهند قبل الف وخمسة مائة سنة قبل الميلاد ، وفي الصين ظهرت المدارس وانغ ،مانغ .وتكونت الممالك وإزدهرت المعارف في عهد أسرة تانغ ،وتم الغاء العبودية وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين . واعتبر بوذا أن الجشع والكراهية والوهم هو سبب معاناة البشر ،،ولا خير في اليمين دون اليسار وطرح النيرفانا ،السلام الابدي ، والنار لا تطفئ بالنار بدأ الفكر الفلسفي بالتبلور في القرن الرابع ،الهليني ثم الهلينيستي.بعد غزو الكسند ر لبلاد المشرق.
مع ظهور المدارس الفلسفية حسب ول ديو رانت الذي درس الحضارات البشرية على مدى أربعين عاما أن الحضارات الشرقية هي أصل الحضارات الغربية في عام 3500ق م بدأت الحضارة السومرية وفي 2950 ثم بدأ التدوين في 2200 ق م بدأت الدويلات السومرية بالتشكل أور وأوروك ولارسا ولكاش ونابور.
ويضيف ول ديو رانت إلى أن الحضارة المصرية ليست أقل اهمية من الحضارة الرومانية واليونانية وأن جذور الفلسفة اليونانية تمتد من الحضارات الشرقية القديمة كالمصرية ، وفينيقيا وبابل، اجتمعت جذور كافة الحضارات القديمة ونتج الفكر اليوناني في أجواء الحرية الفكرية النسبية ظهرت المدارس الفلسفية تطور الشعر والمسرح والديمقراطية وتحول الوعي الفلسفي من دراسة الكون والطبيعة إلى دراسة الإنسان نفسه في إطار ثنائيات متناقضة ، سمية بالمقولات الفلسفية التي ظهرت تباعا ويمكن تلخيص ما ورد بمقولة للفيلسوف نيتشه الذي قام بدحض كل الفلسفات التي قبله:
لا توجد حقائق بل توجد تأويلات حسب نتشه الإنسان هو الذي شكل الوعي ، من خلال اللغة حتى يحمي نفسه ويحافظ على بقائه ، الوعي ليس سوى وهم من صنع الإنسان ، ويتغير حسب الظروف المحيطة بالإنسان . وكان ظهور الديانات السماوية بمثابة اختراق للوعي الإنساني إذ أظهرت للإنسان الخالق الحقيقي للكون ووضعت النواميس الأولى للحياة والمجتمع وخلصت الانسان من الهمجية والتوحش وسنت له القواعد الاخلاقية السامية وكان ظهور الوعي الديني بمثابة تحريم للخرافات والأساطير والبدع ،التي تم محاربتها من قبل أتباع الديانات السماوية ،الذي ساد إلى يومنا هذا على الرغم من استمرار الصراع الفكري مع أتباع المدارس الفلسفية وخاصة في الغرب ، جرت محاولات عديدة للتوفيق بين الفكر الفلسفي والديني إلا أن الفلسفة أصبحت في خدمة اللاهوت في القرون الوسطي ،ثم ظهرت المدارس الدينة المختلفة ودارت صراعات وحروب دينية ومذهبية انتهت بحلول عصر النهضة والاصلاح الديني وفصل الدين عن الدولة، فيما بعد ونادى جاك جان روسو بنزع الحق الإلهي للحاكم ،مع ظهور الدولة القومية التي جاءت ثمرة للثالوث: للصراع الديني العنيف ، وظهور الكالفينية البروتستانتية وتطور البرجوازية الصناعية التي نتجت عن الاكتشافات العظيمة والفكر التنويري وظهور رموز القومية ، مثل غاري بالدي ونابليون وبسمارك وهتلر وموسو ليني فيما بعد فتجمعت ما يقارب 300 دويلة صغيرة أوربية في الاتحاد الأوربي الحالي ، بعد حربين عالميتين اندحر الفكر القومي في أوربا وأنتصر الفكر الاشتراكي بدأت الحرب الباردة ومع سقوط الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية انحسر الفكر الاشتراكي لصالح الفكر العولمي والإمبريالية الثقافية في الشرق الأوسط بدأت الدولة القومية بالتفكك بعد أن تحولت إلى ثالوث من الاستبداد والفساد والتوريث والحكم العائلي ،وتمركز الثروة والاحتكار العائلي لمقدرات الشعوب .وتفشي المحسوبية والمنسوبية في مفاصل الدولة القومية والتغول العائلي واحياء الروابط العشائرية والعصبيات القبلية والمذهبية في ظل الأقطاع السياسي وهيمنة الكبلوقراطية أفقد المقاولين القوميين ، الفكر القومي بريقه إذ جرى تشويهه وحول إلى حالة من الفصام القومي. على الرغم من محاولات التضليل من طرف سحرة فرعون الجدد أن لنا لأجر وأنكم لمن المقربين .
لقد عاش الكرد في المجال الحيوي التركي والعربي والفارسي في فضاءات الثقافة الإسلامية ،وإذا سافرنا عبر الزمن ،يلاحظ عدم تبلور مخيال قومي كردي وثقافة قومية ضامنة ، وذاكرة جمعية مشتركة والتخلف الزمني والعزلة في الزمن الأفقي لم يواكبوا قاطرة التطورات العالمية ، عندما حدثت اليقظة القومية للشعوب المجاورة بتحريض من الإنكليز، عملت بعض القيادات الكردية على خلق عداوة معهم ، استغلها الاخرون ضدهم ، إضافة الى عدم وجود تاريخ مكتوب وحتى أبجدية الى الأمس القريب ،خرج الوعي الكردي الجمعي من السياق التاريخي أو المسار الحضاري في ظل هيمنة العلاقات القبلية والتقاليد والاعراف والمفاهيم العشائرية. ولم تتجاوز الخرافة الكردية حدود القبيلة تم الخلط بين الخيال والواقع ، كان يتم تضخيم صورة بعض الأشخاص في الخيال الشعبي وصفهم بالبطل الفلكلوري الذي لا يقهر على وهج العواطف الجياشة. بقى الكرد في سباتهم .في حين قطعت الشعوب المجاورة أشواط في مسيرة الانعتاق القومي وتكوين الدولة القومية مع تفكك الدولة العثمانية في حين بقي المجتمع القبلي الكردي في خصومة مع ذاته ،شبه معزول عن محيطه في ظل هيمنة التقاليد والأعراف العشائرية البالية و انتشار الأمية والعلاقات الإقطاعية وقيم الأمس.
وما أشبه اليوم بالبا رحة ، في معركة أم الجمارك المعروفة تم قتل وجرح ما يقارب سبعة اّلاف شاب كردي من الأطراف المتصارعة . وصف الضابط الإنكليزي سيسل أد موند ز الذي عمل في العراق في عشرينيات القرن الماضي في كتابه (كورد ،أتراك ،عرب ) الكرد بأنهم لا يصلحون للإدارة وغير قابلين للإصلاح . وهذه الاّفة مستمرة ولو بعد قرون . في الانتخابات الألمانية الأخيرة حصل الأتراك على 18 مقعد في البرلمان الفيدرالي في حين لم يحصل أي كردي على أي مقعد ؟ مع أن الجميع يعيشون في نفس الظروف وقواعد اللعبة واحدة للجميع .
مساهمات الشعوب في بناء الحضارة الإنسانية متباينة فالحضارة الجرمانية ثم الرومانية حسب هيغل تمثل رأس الهرم والعالم الشرقي يمثل لقاع .إلا أن العالم قد تغير وبات أكثر تعقيدا في ظل العولمة الثقافية أو الإمبريالية الثقافية ، لم يكن هناك نموذج ثقافي كردي أو نسق فلسفي ،أو دور يذكر في إنتاج المعرفة، وفجوة معرفية أسطورية وفلسفية أو رموز ماضوية أو موروث ثقافي ، وعامل اللغة ، يتربى عليه الأجيال ، عدم امتلاك رؤية للحياة والكون مثل باقي الأقوام والأمم. و الانعزال ، والخروج من المسار الحضاري.
المثقف السطحي
كتب أفلاطون على بوابة الأكاديمية عبارة لا يدخل إلا من كان رياضياً أي ذو منطق رياضي ،أي استثنى ذوي الإحساس المرهف من الشعراء ء لأنهم يروجون للباطل وللأوهام والموسيقيين بسب احتكامهم الى ا لعواطف وليس إلى المنطق ثم إنهم سرعي التقلب من موقف إلى أخر نقيضه حسب طبيعة الشوشبة، ليعبر عن ولائه لأحد المحاور ، إذ كان العلم في اليونان ضمن أسوار له حصانة ، ثم تحول فيما بعد إلى منظومة ديكارتييه أفلاطونية ثم تفرعت عنه مدارس فلسفية عديدة .ويميل الشعراء إلى المبالغة في الهجاء و الوصف بسبب وتيرة العاطفة العالية لديهم أي ثقافة مدح وهجاء ، فالجاحظ رأى في العرب أول الأمم شعراً ولغة وجنساً . وحتى أمير الشعراء أحمد شوقي الذي يقال أنه من أصول كردية كان يقول: تعلموا العربية فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة . والشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري بالغ المديح في حكام العراق كافة من الملك إلى صدام حسين .وبنفس الدرجة من التعظيم والتبجيل .إذا انطلقنا من قاعدة 2% يتفكرون نرى الغالبية العامة من الشعب لا تحبذ التفكير والمطالعة وإجهاد العقل بل يفضلون سلوك طريق السهل والذوبان في القطيع والتحول إلى أتباع بحكم قوة العادة والتقاليد البالية ويرى شارل بوكوفسكي الحشد على خطأ والحقيقة في الطرف المعاكس منه ، فالحشود تتبع ظل الأشياء وتخدع بالعواطف وتنسج الأوهام ، وقاعدة 5% تشير إلى أن خمسة بالمائة يؤثرون على توجهات 95% بقيت الثقافة الكردية في معظمها ثقافة هواة في ظل هيمنة الدعاية الحزبية المضللة في ظل غياب المؤسسات وإثارة العواطف لتعطيل التفكير المنطقي والإبقاء على التبعية للمؤسسات الأيديولوجية والرسمية .مما يكرس النيوميكافيلية على الرعاع ولأتباع.
بقيت الثقافة الكردية قبل عصر التواصل الاجتماعي ، حكرًا .
على بعض مدرسي اللغة العربية في القرى والبلدات الكردية فكانوا يجمعون بين صفة الشاعر والصحفي والاديب وتحول بعضهم إلى أبواق يشوبش للأقطاع السياسي القومي وهي نوع من الشوبشة الخاصة بمجتمعنا ويقابلها ، العنعنات بقصد التمجيد والتملق ، والتضليل الأيديولوجي للفوز ببعض المكاسب أو يقومون ببعض النشاطات الثقافية في المركز الثقافي العربي في القامشلي وغيرها من البلدات وقد بقيت تأثير مثل هكذا ثقافة محدودا ،ولم تخلق وعيا جمعيًا شعبياً بالمقارنة مع ثقافة الاحزاب التي تروج لثقافة الحشود والاتباع وعبادة وقداسة الفرد، إذ يعاني البعض من إسهال في الكتابة إذا صح التعبير يكتبون أكثر من ما يقرأون ، يستخدمون نفس العبارات والجمل في كل مقام ومقالة منطلقين من قاعدة ثابتة ثنائية ، على مبدأ إما هذا وإما ذاك . يسقط رؤياه الذاتية على الموضوع ينطلق من معرفة ضحلة أحادية الأبعاد تستند إلى الانفعالات وردود الأفعال وليس إلى التحليل المنهجي والمنطق. تطغى فيها المشاعر على المواقف، والكتابات في معظمها باللغة العربية. لم يظهر تيار نقدي يقوم بدور الفاعل التاريخي غير إن البعض كان ينقد الفاعل، بدل نقد الفعل ، فالمثقف السطحي يركز على الاخطاء اللغوية وكما يقول العقاد : من يركز على الأخطاء اللغوية وينسى محتوى ومضمون الموضوع يذكرونني بالمثل الصيني.:
أنا أشير غلى القمر والاحمق ينظر إلى أصبعي. يحاول البعض من انصاف الماركسيين وأشباه الفلاسفة تفسير أسباب الفشل القومي والسياسي الكردي عبر التاريخ ، باعتناق الأكراد للدين الإسلامي، مع أن كافة شعوب الأرض كانت تؤمن بالأساطير والخرافات والأصنام ثم انتقلت إلى الديانات التوحيدية والأكراد ليسوا وحدهم من اعتنقوا الأديان أو الد ين الاسلامي بل عشرات الأقوام أمنو ا بالإسلام . وكونت هذه الأقوام دولة قومية في فترة النهوض القومي ، فقط بقي الأكراد في كبوتهم ،هذا يظهر بجلاء إن الخلل في الأكراد أنفسهم .وليس في الإسلام بل حتى الإسلام لعب دورا مساعدا في النهوض القومي ومكافحة الاستعمار في دول مثل الجزائر مثلا؟
السيد صالح بوظان في الحوار المتمدن حديثا كتب مقالا بعنوان :(الإسلام وتبعية العقل الكردي )عاد واخترع البسكليت بعد ان قرأ كتاب لطه حسين مضى عليه قرن من الزمن وأكتشفه صالح بوظان مؤخرًا ، يحاول إسقاطه على الواقع الكردي والقياس عليه، يضرب به الرمل ،ليكشف للسذج من الكرد إن سبب كل مصائبهم هو الإسلام ؟
إذ كتب يقول لا يمكن معرفة إشكالية العقل الكردي القومية دون معرفة نوعية تأثير الإسلام على هذا العقل ؟
ما دخل السبايا ودولة سيف وسنان والأفق البدوي قبل الف واربعة مائة سنة بالوعي القومي الكردي.؟
هل كان هناك في العالم كله شيء اسمه الدولة القومية ؟
وفي الختام يقول صالح بوظان : (هذه هي جوهر استراتيجية الغزو الإسلامي التي طبقها الخلفاء الراشدون والأمويون والعباسيون بدقة فيما بعد . لا تعتمد هذه الاستراتيجية على السيطرة العسكرية فقط وكذلك السيطرة على عقول الناس ، دينيا لجعلهم .جنودا مخلصين لهذه الإمبراطورية المقدسة ضد تراثهم وثقافتهم وتاريخهم بدافع ذاتي .وهذا ما حدث للعقل الكردي بعد إسلامه).ولا ترددوا كذب الكاذبين تصبحون منهم كما قال محمد سيعد الصحاف هذا كلام لا محل له من الاعراب . فرضية تأثير الاسلام على الفكر السياسي والقومي الكري مبالغ فيها وكأن كل سكرتير حزب نيوكلاسيكي كردي طول لحاه نصف متر والشعب الكردي غارق في الاسلام السياسي الأصولي حتى أخمص قد ميه ؟
حتى أن معظم المؤسسين في الحركة القومية الكردية انحدروا من الحركة الشيوعية ، ففي سوريا من الحزب الشيوعي السوري وفي العراق من الحزب الشيوعي العراقي وفي إيران من حزب تودة . منذ عام 1948 كان الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بمسابة الفرع الكردستاني لحزب تودة. في كانون الثاني عام 1953تبنى الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي برنامجا يساريا إذ أعلن انه حزب ماركسي لينيني. ثم تحول بعد عام 1964 إلى حزب أغوي وراثي ، ديمقراطي . وتأثير الإسلام السياسي طفيف في المجتمع الكردي أو لا يذكر والإسلام الكردي معتدل ومتسامح عبر العصور ومتنور يأمن بالتعايش السلمي والعيش المشترك والمسألة لا تدعي الغوص في الماضي لأثبات بديهيات .
يطرح صالح بوظان السؤال كيف يجب أن نقرأ نحن الكرد الإسلام وتاريخه ؟
ويتابع القول منذ عدة سنوات أطرح على نفسي السؤال التالي :
لماذا أمة عريقة وكبيرة في الشرق الأوسط كالأمة الكردية لم تستطع تشكيل دولة خاصة بها...؟ ويقول بحثت في التاريخ الكردي القديم والحديث عن أجوبة عديدة خلال قراءاتي، لكنها لم أجد أجوبة شافية لإقناعي .بالأجوبة التي صادفتها في التاريخ الحديث ، على سبيل المثال، كانت سطحية سواء من قبل الساسة والزعماء الكرد ،أو من قبل الكتاب والمثقفين الكرد . ويتابع القول ما أريد قوله أن الساسة والمثقفين الكرد لم يستطيعوا معرفة الخصوصية الكردية التي تحملنا المسؤولية الأولى عن حرمان الامة الكردية من تشكيل دولتها . ويضيف هناك مشكلة في العقل الكردي ترسخت خلال قرون .يوجد وراء هذه المشكلة ثلاثة عوامل رئيسية لعبت الدور المفصلي في خلق هذا العقل الاشكالي لدى الكردي : العامل الأول تأثير الدين الإسلامي على العقل الكردي.
العامل الثاني الولاء العشائري القبلي .
والعامل الثالث الاغتراب اللغوي وعدم تمسك النخب الثقافية والسياسية ....
إن اعتبار السيد صالح بوظان مسألة اعتناق الاكراد للإسلام كعامل أساسي لفشلهم القومي والسياسي أمر مفروغ منه من المنظور التاريخي ، يمكننا القول ببساطة أن جميع الأقوام التي كانت تحت لواء الإسلام قامت بثورات قومية في مرحلة المد القومي والتحرري وأنشأت دول قومية ما عدا الأكراد هذا يوضح بجلاء أن الخلل في الكرد أنفسهم الذين بقوا في المجهول في فترة النهوض القومي في بداية القرن العشرين .لا فكر سياسي ولا فلسفة والسجالات تجري في إطار الفلكلور السيكولوجي.
ثانياً : الأكراد لم يلعبوا دورا تاريخيا يذكر في الحضارة البشرية لاما قبل التاريخ ولا قبل الاسلام ولافي العهد الاسلامي ولا بعد الإسلام مقارنة بالشعوب المجاورة كالفرس والعرب والترك الذين حافظوا على كياناتهم السياسية على الرغم من المد والجذر، الصعود والهبوط في المسار التاريخي لهذه الشعوب وهذا ما يبرأ الإسلام من التخلف السياسي الكردي الحالي.
ثالثا :وإذا تتبعنا مراحل تطور الوعي الكردي نرى أن الوعي الاسطوري الكردي شبه صفري والوعي الفلسفي الكردي معدوم ليس لم يكن لهم نسق فلسفي خاص بهم، وتباعا الوعي القومي مشوش والوعي السياسي في أضعفه عدم وجود موروث ثقافي وأبجدية أو تدوين حتى الأمس القريب وتاريخ كردي على الرغم من بعض المحاولات الحديثة من قبل بعض الكتاب مثل شرف خان البدليسي محمد أمين زكي بيك وعبد الرحمن قاسملو أو بعض من المستشرقين ، اللذين كتبوا عن الأكراد أفضل منهم . إن مدى التطور لحضاري لأي قوم وشعب يتعلق بشكل وثيق بمستوى تطور الوعي المعرفي له وهناك جوانب سيكولوجية. تحدد شخصية وسمات أي شعب وتشكل الرابطة القومية ، لقد تميز الكرد بضعف الروح القومية هناك أمثلة عديدة في التاريخ تثبت بجلاء صفحات الغدر والخيانة والتآمر الكردي الكردي ،والكردي كان ذئب للكردي و ليس الغريب ،بل الجهل السياسي وهذا ما دونه معظم المستشرقين المختصين بالشأن الكردي. فالصراعات القبلبية الكرية منذ القدم كانت تدور في مثلث الجهل والجشع أي طمع بقطعة أرض لجاره الكردي تنتهي بخصومة لعشرات السنين والحوادث العديدة مدونة في كتابات المستشرقين .
الثالوث: يمكننا تلخيص أسباب التخلف السياسي الكردي في( الثالوث 3ج )الجهل السياسي، الجشع ،سيكولوجيا الاستحواذ ،والجيوبوليتيك. الجهل السياسي متأصل معظم السياسيين الكرد يمارسون السياسة كهواة وليس كمحترفين إذ لم يدرسوا العلوم السياسة في اكاديميات ويمكن ذكر العديد من الأمثلة عبر التاريخ منذ ظهور الكتابة إلى سقوط روما على يد البرابرة ،حتى فتح القسطنطينية إلى الثورة الفرنسية وعصر الدولة القومية وهذه مدونة في كتابات معظم المستشرقين. الجشع وسيكولوجيا الاستحواذ : فقدان المناعة أ مام المال إذا أصبح ها جش جمع المال والتباهي شغل الشاغل للبعض. ،النهم المرضي لجمع للدولار والدينار والدرهم . المنصب السياسي أبدي وليس تداولي يستغله لثرائه الشخصي ولزيادة الرصيد العائلي والتمركز حول الذات وليس لخدمة الشعب على طريقة كبير القوم خادمهم . ترعرعت الإتباعية السياسية لخلق قطعان وحشود مد جنين تتمحور حول عبادة الفرد. وإضفاء هالة من القداسة عليه. فالسياسي الكردي مؤدلج ولا يقبل الأخر المختلف إلا اذا كان مرآة له. وتبرير الخطأ بخطأ مكافئ، أو يفوقه إثماً .
الجيوبوليتيك: الموقع الجغرافي والمناخ القاري والبعد عن شواطئ البحار وطرق التجارة الأوربية جعل الكرد في شبه عزلة وتقوقع عن العالم الخارجي في مناطقهم ،بقيت مناطقهم ريفية ،تعتمد على الرعي والزراعة ،بعيدة عن خطوط التجارة والصناعة والتطور الحضاري. محكومة بالعامل الجغرافي بالقرب من البحار حيث خطوط التجارة والعمران. غلب على تفكيرهم النزوع الماضوي أي التعلق بالمعلوم ورفض المجهول ،بل الخوف منه فساد الاجترار و التمسك بالمسلمات فتعشعش الوعي القروي بالمثاليات الغيبة والأوهام المنسوجة أي كما يقول أدونيس. (ما يفسر المناخ العقلي الذي ساد هو أن الإنسان لا يقدر أن يتكيف إلا مع الاشياء والافكار التي تستطيع خياله أن يجاريها ويقبل بها، أما تلك التي يعجز العقل عن تفسيرها ،فإنه يرفضها ولا يواجهها ) وقد لاحظ جوناثان راندل الصحفي الأمريكي محدودية العقل السياسي الكردي وضيق أفقه وتخلفه ونزوعه إلى التفرد وحتى ذكر في أحد المصادر أن كروموسوم الانقسام والشقاق متأصل في الانسان الكردي.. وأول من عن الجيوبوليتيك هو الألماني ف . راتزل في عام 1897في كتابه الجغرافيا السياسية . المستشرقون الكبار من أمثال مارك سايكس الذي وضع كتاب القبائل الكردية ، ومس بيل وغيرهم كانوا ينظرون للأكراد في فترة الحرب العالمية الأولى كقبائل همجية لايمتلكون مقومات الأمة .إذ لعبت بعض القبائل الكردية دور رأس الحربة للأخرين في معاداة المسيحيين منذ الإمارة البدرخانية وإلى عام1937 . وختاما لا يجوز تضخيم دور العامل الذاتي فالسيناريوهات الكبرى في المنطقة كانت تضعها بريطانيا ، أي الدولة القومية كانت بدعة بريطانية لمحاربة الدولة العثمانية وتفكيكها، يجب ألا ننسى دور المس غيروترد بيل ولورانس العرب مارك سايكس وفيلبي في تحويل العشائر إلى دول في بدايات القرن العشرين وانتقل هذا الدور إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية فحولوا محميات الخليج الى دول مزدهرة ومتطورة فانتفلت من البداوة إلى الدولة. تاريخيا تشكل الدولة القومية في الشرق الأوسط كانت مصطنعة وفق ما تقتضي المصالح الاستعمارية وتلعب صدف التاريخ ومكر التاريخ دورا في بعض الأحيان ، احتلال فرنسا من الجيش الالماني كسر شوكتها في معظم مستعمراتها فبدأت تخرج من وصايتها وكذلك تدمير لندن من قبل الطيران الالماني وإغراق الأسطول البريطاني ساعد المستعمرات البريطانية على الاستقلال وحادثة الحادي عشر من سنتمر دفعت أمريكا إلى إسقاط نظام صدام حسين وتفتيت العراق وأتت أمريكا بالمعارضة العراقية من إيران و أجلستهم في مجلس الحكم بقيادة بول بريمر وشكلت إقليم كردستان. ولولا هذه الصدفة التاريخية لربما حكم صدام حسين وأولاده العراق لقرون, إن تكوين الدولة القومية في الشرق لا يتعلق بمدى تطور العقل السياسي لشعب ما بقدر ما أرتبط بالدرجة الأولى بمصالح الدول الإمبريالية . إن الجماهير تحب أن تخدع ،وأن أفضل ما تقدمه الجماهير لحكامها كما قال هتلر هي كونها عازفة عن التفكير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير