الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر العشائر-للمصالحة- صور مشوهة للعراق ودليل على غياب الحكومة والدولة والقانون

طه معروف

2006 / 8 / 31
المجتمع المدني


الشيوخ العشائر والقبائل هي من بين "القوى" الاربعة (شيوخ العشائر والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولجنة الطوائف الدينية) التي تشكلت تحت يافطة المصالحة الوطنية ، لتقود جزء من عملية المصالحة الطائفية الفاشلة، حيث عقدت ( العشائر) يوم السبت الماضي في بغداد مؤتمرها استجابة لدعوةالمالكي الطائفية ،بالأعتماد على اكثر المؤسسات والرموز المتخلفة ،اي العشائر والقبائل التي هي في الحقيقة طرف اساسي من المشكلة و المعاناة والمأساة العراقية . ان الدور الذي يتم اسناده الى العشائر و المرجعية الدينية دليل على أن العراق يمر بمرحلة تغيب فيها الحكومة والقانون والدولة ولا يوجد فيه شئ اسمه النظام وان الجماهير تمر بمرحلة صعبة في ظل التوجهات المرجعية او العشائرية المناهضة للأمن والسلام .ان الحديث عن النظام والامن في ظل سلطة العشائر والمرجعيات الدينية ضرب من الخيال لإن وجود (( هذه الكتل الدينية والعشائرية في المجتمع تحتاج الى الفوضى وغياب الأمن مثل حاجة السمك للماء ولذلك فان الحديث عن مصالحة على ايدي هذه الكيانات الغريبة على المجتمع وعلى العصر هي اضافة الى كونها اهانة كبيرة لجماهير العراقية ،فأنها تأكيد ايضا على الاستمرارفي الحرب والاقتتال ولا يمكن انتظار اكثر من ذلك من هؤلاء، لكونهم أجهل الناس في المجتمع العراقي )).
قبل حرب الخليج والحصار الامريكي الغادر على العراق ،كانت العشائر(خلية اجتماعية يعود تأريخها الى تلك العهود التي تنعدم فيها الانظمة والقوانين المركزية) موضع سخرية المجتمع العراقي وحتى النظام البعثي الذي حمل رموزه القاب عشائرية في البداية ، اضطر للتخلي عنها في سبعينات القرن الماضي، ولو لفترة، تحت ضغط المدنية المتصاعدة،لإنه كان يدرك تماما بأن تقدم الحياة المدنية الاجتماعية وصلت الى مستوى من التطور لا تتلائم مع وجود هذه الخلية المتخلفة .
إن احياء هيمنة سلطة ونفوذ العشائرعلى الجماهير جائت نتيجة لكابوس البؤس في العراق كأحد المستلزمات الضرورية للحركات القومية والدينية للسيطرة على الجماهير. فخلال القتال الداخلي في كردستان ،لجأت الاحزاب القومية الكردية الى احياء العشائروأيقضتها من سباته العميق ووضعت امام شيوخها كل الامكانات المادية والعسكرية لتنظيمهم في كيانات تخدم هذا الحزب اوذاك حسب الاجندة العشائرية التي تستند على جني الاموال والثأر والأنتقام وعلى هذا الاساس ارتبطوا بالحزبين القوميين ،الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني ،كوسيلة فعالة لتعبئة المسلحين لتسخين الصراع الرجعي في كردستان واغلب افراد ميليشيات الطرفين متكونة لحد الآن من رجال العشائر لكون الميليشيا هو الاطار الانسب للقبائل والعشائر .
وبعد سقوط النظام البعثي ،نقلت المبادرة السياسية الى ايدي رؤوساء العشائر في منطقة الوسط والجنوب العراقي وكانت مدينة البصرة هي اول مدينة تقع في قبضة رؤساء العشائر بمساعدة القوات البريطانية وتوزعت فيما بعد على الاحزاب الطائفية مع بقاء الغلبة للأنتماء العشائري ، بهذا بدا الصراع والحروب الطائفية واعمال السلب والنهب المستمرة لحد الآن في جميع هذه المناطق .
وفي مناطق وسط ومحيط بغداد قام رؤساء العشائر بتشكيل تنظيمات مسلحة وتحولوا ايضا الى مظلة للأرهابيين الذين دخلوا الى العراق للقتال ضد امريكا ولقتل المدنيين و كان للعشائر دور مهم في توفير المساعدات اللوجستيكية لهم بالأضافة الى التنسيق في تنفيذ العمليلت الارهابية وكان ابو مصعب الزرقاوي يتجول بحرية في مناطق شاسعة في العراق عندما كان متحالفا مع العشائر في تلك المنطقة ووقع في قبضة قصف الطيران الحربي الامريكي ،عندما تخلت عنه بعض من العشائر نتيجة نشوب الصراع فيما بينهم لتوزيع الادوار في حربهم الارهابية. ان الزرقاوي، لولا دعم ومساندة العشائر السخية ،لما تمكن من ارتكاب كل هذه المجازر الدموية بحق المدنيين في العراق.
ان توصيات العشائرفي اختتام المؤتمر حول إصدار ميثاق الشرف الذي يتضمن" 21" توصية اهمها"التأكيد على تحريم الدم العراقي والحفاظ على سلامة العراق " ليس سوى كلاما فارغا لا يتجاوز حدود قاعة المؤتمر لكون هؤلاء من ألد أعداء الأمن و السلام . لا توجد القبائل في العراق بمنأى عن سلسلة من العدائات القبلية و هذه العدائات تشكل احد اهم المصادر المالية و المعنوية لرؤوساء العشائر .فكيف اذن بالامكان الحديث عن المصالحة من قبل كيانات غارقة فيما بينها في العدائات ولا تعرف غير الثأر والانتقام ونهب ثروة المجتمع.
وما يثير السخرية هو الاعلان ، في ختام المؤتمر عن تشكيل اربعة لجان(لجنة اجتثاث البعث، التحاور مع الجماعات المسلحة ،ومكافحة الارهاب،وحل الميليشيات ولجنة بناء قوات مسلحة) " لبسط الامن في ارجاء البلاد ووضع حد للصراع الطائفي" ووو....
ان هذه اللجان هي في الحقيقة لجان وهمية لا تعكس واقع الصراع بصورة موضوعية بعد انزلاق العراق الى الحرب الاهلية . فهؤلاء انفسهم اطراف في الحرب الاهلية واكثرية المسلحين لهم ولائات عشائرية ومنقسمين على الطوائف الدينية. والميليشيات تبقى وسيلة ضرورية لإدامة الحرب الاهلية في العراق وان نفس حكومة المالكي ليست قابلة للحياة لولا حماية ميليشياتها المسلحة. وان بناء القوات المسلحة العراقية التي شكلت احد اللجان من اجلها، تحتاج الى وحدة في النظر والتوجه السياسي ،قبل الحديث عن حل الميليشيات .وواضح ان مثل هذا الانسجام لن يحدث قط بين الاطراف العشائرية التي لا يجمعها شئ ،سوى الحقد والثأر والكراهية .واخيرا فأن القوة الوحيدة التي يحق لها الحديث عن انقاذ الجماهير من هذه المأساة ، هي تلك القوى التي تتمسك بروح العصر؛ التطور والتمدن وتستند على المؤسسات المدنية والعصرية وترفض إلصاق الهوية العرقية والطائفية بالجماهير وتدين المؤسسات القروسطية الرجعية كالعشائر او المرجعيات ،تلك الكوابيس الجاثمة على صدر الجماهير.
أن مؤتمر حرية العراق هو انسب وسيلة نضالية ومثال واقعي للخروج بالعراق من مأساته العميقة ومعاناته الانسانية فخلاص الجماهير يمر عبر هذه الطريق ولذلك فان دعم ومساندة مؤتمر حرية العراق هو بداية النهاية لهذه القوى الرجعية التي تعيش فقط في مناخ الصراعات والحروب و تعتاش عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف محمد سلهب يفتتح مطبخاً في زحلة لمساعدة أهالي المنطقة


.. أفيخاي أدرعي يحذر سكان جنوب لبنان النازحين من العودة إلى بيو




.. تفاقم أزمة النازحين في بيروت وسط جهود حكومية للاستجابة


.. تنديد دولي بعد إطلاق إسرائيل النار على بعثة الأمم المتحدة في




.. سفيرة أمريكا بالأمم المتحدة تنتقد سياسة إسرائيل في غزة