الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيمالكا: بين تجسير الهوة ، وهدم الجسور.

صلاح بدرالدين

2021 / 12 / 27
القضية الكردية


معبر سيمالكا (فيش خابور)، هو معبر حدودي غير رسمي ، بين سوريا ، وكردستان العراق، عبر نهر دجلة. ويقع المعبر في محافظة دهوك ، ومن الجانب السوري يتبع قضاء – المالكية – ديريك ، محافظة الحسكة .
بعد المواجهات العسكرية الدامية المؤسفة التي طالت أعواما بين مقاتلي الحزبين الرئسيين بكردستان العراق ( الديموقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني ) وتقاسم مناطق النفوذ ، وانفصال إدارة السليمانية عن عاصمة الإقليم في أربيل ، وفي الوقت ذاته اشتداد الحصار العسكري ، والاقتصادي من جانب حكومات بغداد المتعاقبة ، بدات سلطات الحزبين بإدارة المعابر الرسمية القديمة ، واقامة ، واستخدام معابر جديدة خاصة بمعزل عن حكومة بغداد ، مع الدول المجاورة ( ايران – تركيا – سوريا ) لكسر الحصار ،. والحصول على المساعدات ، واختراق جدران العزلة ، وتسيير أمور مواطني مناطق نفوذ الحزبين .
استخدم معبر – سيمالكا – فش خابور – بالفترة الأولى ، بالطرق البدائية المقتصرة على نقل الافراد ، من جانب سلطات – الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، وبصورة محدودة ، غير معلنة ، منذ أواخر سبعينات القرن الماضي ، وذلك تلبية لضرورات تنقل أعضاء أطراف المعارضة العراقية من والى سوريا ، حيث كانت لها علاقات تعاون مع نظام حافظ الأسد .
ومن اجل الحفاظ على سرية الحركة المتعلقة بالافراد والأمور الأخرى ؟! ، ولأن النظام السوري كان يعتبر العلاقة مع أطراف المعارضة العراقية والكردية شأنا أمنيا بحتا ، فقد سلم امر المعبر من الجانب السوري الى المخابرات العسكرية حيث كان يترأسها في محافظة الحسكة الضابط الأمني المعروف – محمد منصورة – الذي اقام ( مخفرا ) لجهازه على حافة – دجلة – من الجهة المقابلة لسيمالكا ، والذي ادارته سلطة – ب ي د – فيما بعد .
وبالإضافة الى أن – منصورة – كان يعبر منه في زياراته الى أربيل فقد كان يستغل المعبر أيضا لاغراضه الأمنية ، والسياسية ، والمالية ، ويقايض البعض ممن يضطر الى العبور بشروطه ، وذلك بشراء الذمم ، والحصول على معلومات حول الحركة الكردية خصوصا ، وحسب علمي قدمت شكاوى عديدة من مواطنين عراقيين ، ومقيمين بهذا الخصوص الى القيادة السياسية ، والأمنية في أربيل .
تم تنشيط حركة المعبر ، وتنظيم ادارته ، وتوفير المستلزمات اللوجستية اكثر اعتبارا من أواخر عام ٢٠١٢ بعد ان نزح اكثر من ٢٥٠ الف سوري الى كردستان العراق غالبيتهم الساحقة من الكرد ، وذلك بدواعي التواصل الإنساني والزيارات ، ومعالجة المرضى ، والتبادل التجاري .
وبعد اعلان الحرب على قوات تنظيم الدولة الإسلامية – داعش – من جانب التحالف الدولي ، ازدادت أهمية المعبر الاستراتيجية ، بعد استخدامه للأغراض العسكرية ، ونقل السلاح ، والعتاد عبره للقوات الامريكية وحلفائها في مناطق سورية عديدة .
ومما هو جدير بالذكر لاطلاع القراء ،فان تطورات الأوضاع الاستثنائية في كردستان العراق ، وظروف الاقتتال الداخلي ، والانقسامات السياسية ، في السنوات الماضية ، قد خلقت وقائع على الارض مازال بعضها قائما ، ومن بينها استفراد الحزبين الرئيسيين ( البارتي والاتحاد ) في مناطق نفوذهما ، بالاحتفاظ بمعابر في بعض نقاط الحدود المشتركة مع ايران ، وسوريا ، لم تخضع رسميا حتىى الان لحكومة ، وادارة إقليم كردستان العراق ، ومن بينها معبر – سيمالكا – فش خابور - ، وكذلك الامر فيما يتعلق بإدارة – ب ي د –للمعبر ذاته بالجانب السوري ، حيث يدار حزبيا أيضا .
ومن جهة أخرى فان حكومات المركز الاتحادي ببغداد ، لاتعترف بشرعية مثل تلك المعابر ، بل تطالب في أوقات الازمة بالاستيلاء عليها ، كما حصل عام ٢٠١٧ – ٢٠١٨ ، بعد اجراء استفتاء تقرير المصير .
وهنا وللامانة التاريخية يجب التميز بين طبيعة إدارة المعبر على جانبي الحدود ، حيث لايخطئ العين مدى اهتمام إدارة سيمالكا في ضفة كردستان العراق بسلامة ، وراحة العابرين ، وتنظيم أمور الجميع بروحية – إدارة دولة – وكذلك تسيير المعاملات التجارية بسلاسة ، ودون تميز ، بحيث لاتقارن بالعقلية الحزبوية ، والميليشياوية التي تدير المعبر بالطرف السوري ، وهي صورة معبرة عن النهج المغامر لجماعات – ب ك ك - ، من جانب آخر فان إدارة المعبر من جانب كردستان العراق تنتمي الى مؤسسات قومية ، ووطنية ، فيدرالية منتخبة ، وشرعية ، ومعترفة بالدستور العراقي ، والمجتمع الدولي ، اما الجانب الاخر من الحدود ، فتديرها مجموعات ميليشياوية لا تحظى بالاجماع الكردي ، ولا بقبول السورييين من معارضي النظام .
خلال سنوات العقد الأخير ، ازدهر النشاط التجاري من خلال المعبر خصوصا بعد نصب جسر ضخم صالح لاستخدام الشاحنات ، والآليات المتوسطة والكبيرة ، على نهر دجلة يربط بين الطرفين المشرفين على تنظيم الجمارك ، ونقل الافراد ، وهما : سلطات الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، وسلطات الامر الواقع بالقامشلي التابعة ل – ب ي د - .
حتىي الان لاتتوفر معلومات موثقة عن حجم التجارة المزدهرة ، والبضائع ، والسلع ، ورؤوس الماشية ، والمستفيدون كاحزاب ، ومؤسسات ، وافراد ، ولكن ماهومعلوم للعيان نمو فئات مليونيرية حديثة النعم من مسؤولي سلطة الامر الواقع وانصارها في قامشلو ، منذ اكثر من عقد من خلال معبر – سيمالكا – ،. من دون اغفال حقيقة تشغيل الالاف من الايدي العاملة على جانبي الحدود ، وتنشيط الدورة الاقتصادية في المدن ، والبلدات ، والقرى القريبة ، وهي على أي حال نسبة ضئيلة في مجتمع يعاني الفقر بغالبيته ، بشكل خاص في المناطق الكردية السورية .
اذا كانت العلاقات السياسية قائمة ، ومتطورة ، بين سلطة جماعات – ب ك ك – والنظام السوري ، وتجارة النفط ، والسلع الغذائية نشطة ، والمواصلات على قدم وساق بين القامشلي وباقي مدن المحافظة من جهة ، وبين دمشق والمدن ، والبلدات التابعة لسلطة النظام ، واذا كانت رحلات مطار القامشلي المسيرة نحو دمشق لاتتوقف ، فان كل الادعاءات ضد سلطات إقليم كردستان ، واتهامها بوقف العبور ، والتجارة ، أو بتجويع كرد سوريا ، يبقى باطلا .
فوق هذا وذاك فقد كانت العقلية الميليشياوية المغامرة التي تستولي على مقدرات الكرد السوريين ، تبحث عن معابر أخرى بالشراكة مع ميليشيا الحشد الشعبي العراقي وغيرها ، لحرمان شعب كردستان العراق من الفوائد الاقتصادية ، كما انها كانت تستخدم معبر سيمالكا لأغراض حزبية خاصة بما في ذلك التواصل مع قنديل ، وهي من ارادت غلق المعبر لحسابات خاطئة ، وهي من ستدفع الثمن بالنهاية .
الاشقاء في إقليم كردستان العراق الذين وضعوا أساسا متينا لحقهم في تقرير المصير ، وحققوا إنجازا تاريخيا لشعبهم ، من كامل حقهم ان يصونوا امنهم القومي ، ويحافظوا على تجربتهم الواعدة ، ونحن واثقون انهم لا اليوم ولا بالمستقبل ، لن يفرطوا بمبادئ الاخوة ، والحرص على مصير أشقائهم الكرد السوريين .
بات معروفا بجلاء طوال تاريخنا القديم والحديث ، ان ليس هناك عداء مزمن متأصل بين الكردي ، والكردي ، ولكن الأحزاب الكردية خاصة في العصر الحديث هي مصدر الفتنة ، والعداوة ، والاقتتال ، والكردي العادي غير المتحزب يدعو الىى الوحدة ، والوئام ، والتسامح ، ويعمل من اجل – تجسير – المسافات ، و – مد الجسور – للتفاهم ، اما الحزب ( الكردي السوري على وجه الخصوص ) فيؤجج الصراعات الجانبية ، ويهدم ، ويغلق الجسور ، كما في حالة جسر – سيمالكا - ، وختاما أقول :اغلاق هذا المعبر من شأنه تحجيم طموحات أحزاب – الانكسي – في المراهنة على محاصصة شرطة المعبر ،وواردات الجمارك ، مع إدارة – ب ي د – في الجانب السوري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية