الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس السنة الميلادية

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 12 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تتعدد احتفالات رأس السنة بحسب كل شعب طبقا لتقويمه وتأريخه، كما أن أصول هذا الاحتفال تختلف باختلاف الثقافات والحضارات؛ في ظل كل العصور القديمة، كانت أيام النسيء الخمسة المضافة إلى العام المكون من ثلاثمائة وستين يوم، تحت رعاية الآلهة التي ولدت في أيام النسيء هذه، وبها تبدأ السنة (أنظر بلوتارك).
وتتفق النصوص المصرية والإغريقية على أن أسماء هؤلاء الآلهة هم أوزيريس، وايزيس، وست، ونفتيس، وحورس. ولما كان رأس السنة يبدأ بظهور سوتيس (نجم الشعرى اليمانية)، ورع، والنيل، فقد تم اختيار أوزريس، إله النيل والنبات، راعيا ـ ومن المفترض أنه ولد في اليوم الأول من تلك الأيام الخمسة ـ ولذا فبوسعنا أن نستخلص من ذلك أن عَبَدة أوزيريس كانوا واسعي النفوذ في هليوبوليس، حتى عندما أنشأ فلكيو هذه المدينة التقويم.
يحكي بلوتارك في كتابه عن "الإيزيس والأوزريس" (بصيغة الجمع) أن الإله أوزريس ولد في أول الأيام الخمسة، كما كتب موريه، أي في اليوم الـ361، وهو ما يتفق مع يوم 26 ديسمبر، وفقا للتعديل الذي أجري على التقويم. وقد حدد البابا يوليوس الأول (في القرن الرابع الميلادي)، مولد المسيح في 25 ديسمبر، ولكن من المعروف أن المسيح لم يقيد في سجلات للمواليد وأن تاريخ ميلاده غير معروف. فما الذي أوحى إلى البابا باختيار هذا التوقيت الذي لا يبعد سوى يوم واحد عن تاريخ مولد أوزريس، إذ لم يكن التقليد المصري الذي واصله التقويم الروماني؟
يصبح ذلك جليا عندما يتم الربط بين مولد المسيح وفكرة شجرة الميلاد: فقد يكون كل ذلك ضربا من التعسف لو أننا لم نكن نعلم أن أوزيريس كان أيضا إله النبات بل إنه كان يُصبغ أحيانا باللون الأخضر على غرار النبات الذي كان يرمز إلى تجدده بعد دفنه في الأرض، وكان يُرمز إلى أوزيريس بشجرة قطعت فروعها، يتم نصبها للتبشير بعودة الحياة النباتية. لقد كان الأمر يتعلق إذن بأحد الطقوس الزراعية المميزة لمجتمع حضري.
كان هذا الرمز النباتي لأوزيريس يسمى دجد باللغة المصرية، وتوجد بلغة الولوف كلمات: دجد: قائم، منتصب، مغروس رأسها... ؛ ذلك هو إذن الأصل القديم لشجرة عيد الميلاد، ويتضح مرة أخرى، بالتوغل في الزمن، أن العديد من السمات المميزة للحضارة الغربية والتي لم يعد أصلها معروفا، لا يمكن تفسيرها إلا بربطها بأصلها الزنجي ـ المصري. (شيخ أنتا ديوب. الأصول الزنجية للحضارة المصرية، ص 113).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إله النبات أوزريس
عبد الفادي ( 2021 / 12 / 29 - 04:50 )
الشعوب الفاشلة التي لا تحب ولا تحاول صنع الفرح دائما تلجأ الى النقد إما حسدا او شعورا بالنقص جراء تأخرهم في اللحاق بالشعوب المتحضرة ، كل احتفال في مناسبة تاريخية معينة والتي تهدف الى صنع الفرح والبهجة لا يشترط ان ترتبط بتاريخ حقيقي دقيق ، فيكفي انها ذكرى معبّرة للبهجة والسرور ، الذي يضايق البعض ان ذكرى الميلاد اصبحت عادة يحتفل بها العالم كله بما فيهم بعض الشعوب الإسلامية لأنها ذكرى جميلة تبشر بقدوم عهد جديد يعبّر عنه بشجرة الحياة (شجرة الكرست ماس) وحتى إن صادف يوم الأحتفال في نفس يوم الأحتفال بميلاد إله النبات أوزريس فما المشكلة ؟ فهل مثلا إن صادف يوم ميلادي مع ميلاد اي سفّاح فهذا يعني انني احتفل بميلاد ذلك السفّاح ؟ ما هذا التعسف في المنطق والتفكير، اتركوا ثقافة ان الله لا يحب الفرحين فالشعوب تريد ان تفرح وتنسى هموم الحياة حتى إن كان تاريخ الأحتفال يصادف مع ميلاد إله وثني فما هي المشكلة ؟ لم تبقى لوحة فنية جميلة في الحياة إلا وحاولتم تشويهها ، كل عام والجميع بخير وسلام

اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار


.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة




.. أستاذ في جامعة كولومبيا الأمريكية: لم ترفع أي شعارات معادية


.. مراسل الجزيرة: 7 شهداء بينهم 4 أطفال في غارة إسرائيلية على م




.. في أول تعليق له حول احتجاجات الطلاب.. ترمب يحذر من هجرة الفل