الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإله الجاهل: خرافة العقل والسماء

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تحفل الكتب الدينية، وخاصة تلك المسماة دينية منها، بالكثير من الخزعبلات والأساطير والمسلّمات، والمعتقدات، التي أصبحت بمثابة حقائق يقينية بالنسبة للمؤمن، غير أنه مع تطور الحياة، وثورات العلوم، والتقدم التقني تبين أنها مجرد وهم وخرافة ولا وجود لها على الإطلاق.

ومن بين، وأهم تلكم التصورات التي ثبتتها وزرعتها الأديان في أذهان أتباعها، مقولة ومفهوم العقل، الذي "خلقه" الإله المفترض ووضعها بالبشر والغاية من ذاك الخلق، هو كي يعلم ويميز هذا المخلوق، ويتأكد من خلال هذا العقل أن هناك إلها موجوداً بالسماء وعليه عبادته فقط وهذه هي المهمة الوحيدة لهذا العقل.

وبالتأكيد، ووفق التصور الإيماني والديني للعفل، فهو مجؤد عضو آخر بالجسم، زرعه وخلقه الله المفترض (الموجود بالسماء) بالإنسان، كواحد من إبداعاته وإعجازاته الكثيرة للتأكيد على عظمة قدرته، ومن هنا، ووفقاً للتصور الديني، فهو عضو ملموس مثل القلب، والكبد، واليد، والأمعاء والكلى، وكما بكل جهاز من تلكم الأجهزة وظيفة محددة، فمهمة هذا الجهاز الوحيد أن يعرف أن الله موجود ويتبعه ويطيعه ويعمل بتعاليمه، وهذا الله ما هو إلا السلطة الدينية والنظام السياسي القائم والطامحون للسيطرة على المجتمع والتحكم بالثروات وقرار البشر.

لاشك هناك خلط واضح بين جهاز الدماغ، وهو عضو حقيقي موجود بجسد الإنسان كذلك عند بقية الكائنات، وبين مفهوم وتصور العقل الذي لا وجود له على الإطلاق. فالدماغ شيء والعقل شيء آخر. وللتبسيط وكما قلنا في مقال سابق، لنفترض أن الدماغ هو "هارد وير"(Hard Ware) فإن العقل هو الـ"سوفت وير"، (Soft Ware)أو البرنامج الذي "ينزل" لاحقاً، وتدريجياً وليس دفعة واحدة على الـ"الهارد وير"، وهو مجموعة الخبرات والذواكر والمعلومات والمعارف والتجارب إلخ التي يجري تثبيتها على الدماغ، وكلما كثرت كلما أصبح هذا "البرنامج" (السوفت وير) أكثر فاعلية، ولو ترك الدماغ من دون تلك الـ"داتا)” (Data مفردها Datum) ) لبقي مجرد جهاز يعمل بدون تميز أو فاعلية كما هو عند بقية الحيوانات...

أسهب وأطنب مؤلف الكتب الدينية، وخاصة تلكم المسماة دينية، بالحديث عن العقل وجعلها مرتكزاَ في مخاطبة أتباعه، وأنه هو من وضع هذا الجهاز والإعجاز أي ركّبه وأوجده في جسم الإسم ليميز به الإنسان عن بقية المخلوقات، وأنت لو تركت أي إنسان في غابة أو كهف اليوم، عشرين عاماً، منذ ولادته، لما نما لديه ولا تشكّل عنده أي عقل، ناهيكم عن ولادة أطفال "منغوليين" لا يمكن على الإطلاق تشكل أي عقل عندهم لو عاشوا مائة عام.

ومن هنا يمكن القول، لا يوجد، عملياً، لعضو ملموس بالجسم اسمه العقل وضعه الله المفترض خالق السماوات والكون للإنسان. يعني أن الله (مؤلف الكتب السماوية) كان يتكلم بكتبه "السماوية" الشهيرة عن شيء وهمي غير موجود، وهو حتماً لا يدري أنه غير موجود، لكنها كانت مجموعة من التصورات والأساطير الموجودة، التقطها ذاك المؤلف، وحشرها بكتبه وبنى عليها حجج وجوده، وهذا جهل واضح..تماما مثلما حكى عن السماء التي رفعها بلا عمد (اي بلا سقف وسطح وحيز مكاني) والتي تبين ان لاوجود لها عمليا بالفضاء الخارجي الذي هو فراغ لا متناه لا بداية ولا نهاية لها وهو تحتنا وفوقنا وليس فوقنا فقط... أي أن السماء المزعومة موجودة في كل مكان وليست قضية "رفع" فوقنا، (ارتبط مفهومها بأنها فوقنا فقط)، لكن تبين لاحقاً أنها في كل الجهات على يميننا ويسارنا وتحتنا كما فوقنا، وهو مفهوم الفضاء الواسع اللا متناهي الذي كان يجهله مؤلف الكتب السماوية المسمّى بـ"الله"،(له مائة اسم آخر)، وليس تصور السماء الديني..اي يمكنك وانت في القطب الشمالي ان تشير الى اسفل الكرة الأرضية وتقول سماء او فضاء...وهذه كلها مؤشرات تفيد وتدل بما لا يدع مجالا للشك بان مؤلف تلك الكتب الشهيرة جاهل بابسط مبادىء ونظام تشغيل وآليات الكون الذي يدّعي ويزعم انه خلقه، ومن هنا يمكن الانطلاق أيضاً نحو، والتحقق من خرافة الله ذاته....
تكبيرررررررررررررررررررررر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي