الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضاءة في بدأ التشيع

يوسف يوسف

2022 / 1 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أستهلال :

بداية أرى أنه من اللازم أن نعرف كلمة تشيع ، فقد جاء في موقع المعرفة ( لفظ شيعة في الأساس من الفعل تشيع وهو يعني في اللغة مال إلى أو اتبع ، فيقال تشيع الرجل لفلان أي مال إلى فلان أو اتبع فلان ، وشيعة الرجل أي أتباعه أو أنصاره . وعلى مدار التاريخ الإسلامي أطلق لفظ شيعة على بعض المجموعات مثل شيعة عثمان وشيعة علي وشيعة معاوية ) .

الموضوع :
كتب عن هذا الموضوع الكثير ، ولكنني أرى أن البحث الذي قدمه د . أحمد الوائلي 1928 – 2003 م ( أشهر خطيب حسيني وواعظ معاصر عند الشيعة وشاعر وأديب عراقي ) هو الأقرب طرفا لواقع قضية التشيع ، والبحث منشور بموقع / مركز الأشعاع الأسلامي ، ويبين د . الوائلي : أن السقف الزمني للتشيع يمتد لمدى ما بين حقبة رسول الأسلام والى مقتل الحسين بن علي / واقعة الطف 61 للهجرة ، وتوزعت الأراء الى مايلي : ( 1 . رأي يرى أنهم تكونوا بعد وفاة الرسول : ومن يذهب لهذا الرأي هم ، أبن خلدون و د . أحمد أمين .. وقد أكد المستشرق جولد تسيهر : إن التشيع نشأ بعد وفاة النبي ، وبالضبط بعد حادثة السقيفة / 11 للهجرة . 2 . رأي ذهب إلى أن التشيع نشأ أيام عثمان ، ومن الذاهبين لذلك : جماعة من المؤرخين والباحثين منهم : ابن حزم . 3 . رأي أخر قال أن تكون الشيعة كان أيام خلافة الإمام علي ، ومن الذاهبين إلى هذا الرأي النوبختي في كتابه " فرق الشيعة " وأبن النديم . 4 . رأي ذهب الى أن ظهور التشيع كان بعد واقعة الطف 61 للهجرة ، ويقولون أن بوادر التشيع التي سبقت واقعة الطف لم تصل إلى حد تكوين مذهب متميز له طابعه وخواصه وإنما حدث ذلك بعد واقعة الطف ، ويقولون أيضا أن وجود المذهب قبل واقعة الطف كان لا يعد النزعة الروحية . 5 . رأي الشيعة وغيرهم من المحققين . قالوا أن التشيع ولد أيام النبي ، وأن النبي نفسه هو الذي غرسه في النفوس عن طريق الأحاديث التي وردت على لسانه ، وكشفت عما لعلي من مكانة ، إضافة الى ما رواه السيوطي عن ابن عساكر عند تفسير الآيتين 6 و7 من سورة البينة ، بسنده عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي فأقبل علي ، فقال النبي : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة : فنزل قوله " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .. " / سورة البينة ) . ويبين الوائلي ( ولهذا ذهب الباحثون إلى تخطئة من يؤرخ للتشيع وظهوره بعصور متأخرة مع أن الأدلة التاريخية متوفرة على وجودهم أيام الرسول : يقول محمد عبد الله عنان في كتابه " تاريخ الجمعيات السرية " عند تعليقه على الحادثة التي روتها كتب السيرة حين جمع النبي عشيرته عند نزول قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ ، ودعاهم إلى اتباعه فلم يجبه إلا علي بن أبي طالب فأخذ النبي برقبته وقال : هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا الخ ) . ويضيف د . الوائلي ( إن بعض هذه الآراء يرجع بالبداية الزمنية في ظهور الشيعة إلى وقت مبكر في حياة النبي ، حيث التأمت جماعة من الصحابة تفضل عليا على غيره من الصحابة وتتخذه رئيسا ، ومن هؤلاء عمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري وبنو هاشم ) .
* ما سبق كان بعضا من المقتطفات لمقال د . الوائلي ، وهي تعطي خلفية بحثية تستحق أن نقف عندها بعقلانية الباحث .

القراءة :
أولا – أني .. مع كل أعتباري لما ورد من أراء ، حول توصيف متى بدأ التشيع لعلي بن أبي طالب ، فأني أرى أيضا أنه هناك بعض الحوادث والوقائع ، دفعت الى التعصب أو التشيع لعلي ، لمواقفه المميزة ، بل أن " الحلقة الضيقة للرسول " / آل البيت وبعض الصحابة ، قد أحست بذلك ، بالطبع عدا أبو بكر وعمر - اللذان من المؤكد قد أحسا بدوره المؤثر في الحكم بعد موت الرسول . وهذه " الحلقة الضيقة للرسول " ، ثمنت وقييمت دور علي ، مثلا في عملية التحضير لدفن الرسول . حيث كان باقي الصحابة مهتمون بمن سينصب خليفة بعد محمد في " سقيفة بني ساعدة " ، وقد جاء في موقع منشور ، التالي ( في الوقت الذي كان فيه أهل الرسول يعملون على تجهيزه وتغسيله تمهيدًا لدفن جثمانه ، اجتمع عدد كبير من الأنصار في مكان يُعرف بـ« سقيفة بني ساعدة » ، ليتفكروا ويتشاوروا في مسألة خلافة الرسول . ومن قادة الأنصار الموجودين في ذلك الاجتماع ، سعد بن عبادة الخزرجي وبشير بن سعد والحباب بن المنذر ، يبدو أن قادة الأنصار قصدوا أن يتموا أمر السقيفة في معزل عن المهاجرين . إذ تؤكد الروايات التاريخية أن المهاجرين لم يعرفوا بأمر اجتماع الأنصار في السقيفة إلا عن طريق المصادفة ، عندما أخبر أحد المسلمين عمر بن الخطاب بالأمر ، فأرسل في طلب أبي بكر الصديق وانطلقا ، ومعهما أبو عبيدة بن الجراح ، إلى السقيفة مسرعين ... وقد أنتهى الأجتماع بمبايعة أبو بكر / نقل من موقع منشور ) .

ثانيا - كذلك قيام علي بن أبي طالب بتغسيل وتكفين الرسول ، أعطى مكانة مميزة لعلي( وعن ابن عباس قال : لَمَّا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِغَسْلِ رَسُولِ اللهِ ، وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ إِلا أَهْلُهُ : عَمُّهُ الْعَبَّاسُ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَصَالِحٌ مَوْلاهُ ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ يُقَلِّبُونَهُ مَعَ عَلِيِّ ، وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَصَالِحٌ مَوْلاهُمَا يَصُبَّانِ الْمَاءَ ، وَجَعَلَ عَلِيٌّ يَغْسِلُهُ ، رواه أحمد في " المسند " .. / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) .

ثالثا - كذلك من الوقائع التي لفتت الأنظار الى مكانة علي هي واقعة دفن الرسول ( أن من قام بدفن الرسول ، هم : العباس عمّه وعلي والفضل وقُثَم ابني العباس وأسامة بن زيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، فحفروا له في المكان الذي مات فيه .. / نقل من موقع سطور ) . وأن عليا أيضا هو من نزل لقبر الرسول أثناء دفنه ( قال محمد بن إسحاق ‏:‏ وكان الذين نزلوا في قبر رسول ، علي بن أبي طالب ، والفضل وقثم أبني العباس ، وشقران ، مولى الرسول .. / نقل من موقع نداء الأيمان ) .

خاتمة :
1 . أن المراحل الثلاث التي ذكرتها ، والتي هي التحضير ل " تغسيل وتكفين ودفن الرسول " ، قد تمحورت بشكل رئيسي حول علي بن أبي طالب ، موقفا ودورا ومكانة في الأهتمام بالرسول ، وباقي القوم منشغلين بالحكم ! / أبو بكر وعمر .. ، فأني أرى أن هذا المراحل قد عززت في نشوء" شيعة علي " أضافة لما ذكر في أعلاه من أراء وحجج . وأرى أيضا ، أن الأعتماد على الأحاديث والمرويات وتفسير المفسرين للأيات لا تكفي وحدها لنشوء المذهب ، لأن الأحاديث والروايات والتفاسير عامة في التأويل ، ولكن الوقائع والأحداث ثابتة الوقوع والحدوث ! .

2 . أما ما كتب في بعض المصادر / السنية المرجع ، من أن بدايات التشييع كانت يهودية الهوى ، فلا أرى من هذا الرأي من ثقل في نشوء الشيعة ( .. ثم بدأت تنتشر الاعتقادات الفاسدة ، وتنقسم هذه الفرق بعد هذه السبئية ، ولكن أصل نُشوئِها " هو عبد الله بن سبأ " اليهودي ، الذي ادّعى الإسلام وزعم محبة أهل البيت وغلا في علي ، وادّعى الوصية بالخلافة له ،وأن النبي أوصى له بالخلافة / نقل من موقع طريق الأسلام ) وأبن سبأ كان أيضا من المحرضين لقتل عثمان.

3 . أرى أخيرا : أن الخلافات السياسية على الحكم والخلافة قد تقود أو قد تتطور الى خلافات عقدية ، خاصة بمرور الأزمان والعهود ، وهذا الذي حدث مع الشيعة ، فقد بدأ الأمر بخلاف سياسي سلطوي على من يتولى الخلافة بعد محمد ، وأنتهى الحال الى نشوء " شيعة علي " وتطور أخيرا الى خلاف عقائدي ، ومن ثم قاد الأمر الى ان الأسلام ذاته تجزأ الى العشرات من الفرق والطوائف والمذاهب شيعيا وسنيا ، والقادم أعظم تفرقا وتجزءا بوجود الخلافات السياسية في الحكم !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟