الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأريخ محاربة الفكر و حرق الكتب في الإسلام:

عزيز الخزرجي

2022 / 1 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تأريخ محاربة ألفكر و حرق الكُتب في الأسلام:

حكمة كونية : [إن أمة كأمة الإسلام تحرق مكتباتها لتصنع من جلود كتبها النعال و الأحذية وكتّابها يهلهلون(إجتمع فلان وصرح فلان وووو)؛ حري أن تُذلّ للنهاية].
كان العرب قبل و حتى بعد الرسالة الإسلامية وإلى زمن طويل تجاوز القرن؛ يعتمدون على الحفظ و ليس التدوين فمعظمهم كانوا عاطلين عن العمل الحقيقي و يحصلون قوتهم بآلإغارة و القنص و إلى يومنا هذا يعتمدون على النفط, غير أنه ما إن إنصرم قرن و نصف على بعثة النبي محمد(ص), و ما إن آل الحكم إلى العباسيين حتى بدأت أولى بوادر الأهتمام بآلفكر و التدوين لكن بشروط سلطانية و حزبية تتم تعينها من قبل الحكام و الأحزاب الرائجة و في هذه الفترة تم تأسيس بيت الحكم و خزانة المنصور فضلا عن المكتبات التي أنشأها المسلمون في الأندلس غير أن ذلك لم يأت إلا متأخراً , أي بعد نضح المسلمين في التعامل مع ثقافة الآخر أي ثقافة البلدان التي فتحوها, غير أن مرحلة ما قبل حصول هذا الوعي للمسلمين, تميزت بجرائم في حق ثقافة و ذاكرة باقي الشعوب التي دخلوا عليها فاتحين.

كانت بلاد فارس تزخر بحركة ثقافية و فكرية عظيمة جداً كما إنبعثت فيها حضارات عريقة , إذ كانت هذه البلاد تتوفر على مكتبات تظم من الكتب النفيس و الناذر في مصنفات الفلسفة و الطب و الفلك و غيرها , غير أن المسلمين ما إن إستوثق لهم الأمر و تحققت لهم الغلبة على أهل الدار حتى إصطدموا بتلك المكتبات العظيمة, فأشكل عليهم الأمر , إلّا أن يعرضوه على الخليفة عمر بن الخطاب , فبعث له قائد جيش المسلمين "سعد إبن أبي وقاص" مستفتياً الخليفة عمر ؛ ماذا نفعل بهذه الكتب يا أمير المؤمنين؟

فجاء جواب عمر كآلتالي : [إن يكن فيها من هدي , فقد هدانا الله إلى ما هو أهدى منه و إن يكن ضلال ؟ فقد كفانا الله تعالى شره , فإطرحوها في النهر أو إحرقوها, فطرحوها في الماء .. فذهبت علوم الفرس].
راجع مقدمة إبن خلدون, ص373. للأطلاع على التفاصيل.

و هكذا أتلف المسلمون في دقائق أثمن مصدر للعلم و الفن و الفلسفة و أفسدوا أرقى المكتبات التي كانت موجودة و قتئذ في بلاد فارس و أضاعوا عن أنفسهم و عن غيرهم فرصة التعلم و الدراسة و الحكمة و التقدم و علوم الأولائل.

أما في مصر , فهي الأخرى أصابت من الحضارات ما هو أعرق و أفخم من غيرها , كما كانت فيها أعظم مدينة علمية عرفها العصر الوسيط و هي مدينة الأسكندرية التي كانت تحتوي بين أسوارها علماء من طينة (إيراثوستينوس) و هو أول من حسب محيط كوكب الأرض في تأريخ البشرية , و من أوائل ممن أقاموا دلائل عقلية على كروية الأرض , ثم أفلاطون و أفلوطين الفيلسوفين, و "إقليدس" أشهر علماء الرياضيات و المنطق في التاريخ و باطليموس صاحب كتاب الماجسطي و هيباتيا عالمة الرياضيات و الفلك و غيرهم من لالئ الفكر و العلم في التأريخ , حيث كانت تجمع كتبهم و مصنفاتهم في مكتبة الإستكندرية التي كانت أنذاك أعظم مركز علمي فوق كوكب الأرض, و كغيرها من البلاد القريبة من غزية العرب تعرضت مصر و الأسكندرية للغزو العربي فدخلها المسلمون فاتحين و ما كان منهم كذلك إلّا أن يستفتوا الخليفة عمر في شأن المكتبة العظيمة التي وجدوها في الأسكندرية؛ أيَبقون عليها أم يعدموها؟

إذ يذكر المؤرخ العربي المسلم المقريزي في كتابه (المواعظ و الأعتبار) في ذكر الخطط و الآثار ج1 ص 195, و أكد الخبر من بعده المؤرخ جورجي زيدان في الجزء الثالث من كتابه [تأريخ التمدن الإسلامي]؛ أنّ عمر بن الخطاب أجاب عمرو بن العاص؛ بأن يتقدّم إلى المكتبة و يحرقها و يتلف ما فيها من كتب و مخطوطات و ذلك ما حصل فعلاً, حيث كانت تظم هذه المكتبة أكثر من 700,000 ألف مجلّد من مختلف أنواع المعرفة البشرية ساعتئذ و بذلك أقدم المسلمون على واحدة من أبشع الجرائم الثقافية و الفكرية التدميرية في التأريخ الأسلامي!
إذا إرتدّت الإسكندية إلى مدينة طقوس و أساطير بعد أن كانت أعظم منارة للعلم و المعرفة قبل دخول العراق إليها.

و هكذا في مصر , فقد كانت في القاهرة أحد أهمّ المكتبات المودودة أنذاك و هي مكتبة (القصر الكبير) التي أسسها الحاكم بأمر الله الفاطمي , حيث كانت تظم أكثر من 1,600.000 مليون و ستمئائة ألف كتاب مجلد و كان الدخول إليها و ألأستنساخ و الترجمة مجاناً , غير أنها تعرّضت إلى النهب و التلف إثر الخلاف الذي نشب بين المسلمين من الجنود السودانيين و الأتراك , إذ أُحرق الكثير من محتوياتها و هناك مَنْ يذكر أن بعضهم قد جعل من جلودها نعالاً له و ما تبقى منها أجهز عليها حرقاً صلاح الدين الأيوبي الذي كان يقود جيش المسلمين, يوم دخل القاهرة ثم و بسبب إنتشار القحط و المجاعة في مصر في عامي 1348 – 1349م راح بعضهم يعرض مجلداً كاملاً للمقايضة على رغيف خبز .. هكذا إنضافت مكتبة القصر الكبير إلى الكتب في التأريخ الإسلامي و كما تذكر ذلك, (زهراء حسن , حرق الكتب في التأريخ الإسلاميّ ص 286م).

و في المغرب العربي أيضاً , تمّ حرق مكتبة الغزالي سنة 500 هـ,من طرف (يوسف إبن تاشفين) نظراً لأحتوائها على مصنّفات علم الكلام الذي يعادل الفلسفة في آلغرب!

و لنفس السبب أحرق السلطان محمود بن سبكتكين مكتبة مدينة الري سنة 384هـ ثم إحراق مكتبة دار العلم للفقيه الشيعي (أبا عبد الله محمد بن نعمان) , نظراً لاحتوائها على نسخة من قرآن عبد الله بن مسعود الذي ذكر فيها أسباب النزول و بعض القضايا المتعلقة بخلافة الرسول و وصيّه, و كان يختلف عن نسخ قرآن عثمان بن عفان!

ثمّ حرق المسلمون مرتين مكتبة الطوسي في بغداد التي أسسها (سابور إبن أردشير), نظراً لاحتوائها على قضايا تتعلق بآلامامة و الوصاية بعد الرسول(ص)!

كما تمّ حرق مكتبة قرطبة في الأندلس التي أسسها المستنصر بآلله الأموي, إذ تم عزل كتب الطب و الفقه و ما تبقى من علوم المنطق و الفلسفة و الفكر بعد ما حصل إحراق جزء منه و رمي الجزء الآخر في آبار القصر , للتفاصيل راجع : (زهراء حسن؛ ص 284).

من جانب الكُتّاب و المؤلفين فإنهم أيضا ذاقوا عذابات الإضطهاد , إذ شهد (عبد السلام) الحفيد الأكبر للشيخ أحمد إبن حنبل حرق مكتبته الخاصة بأمر قضائي من الفقهاء بعد أن وجدوا في مكتبته مؤلفاً لأرسطو و رسائل (أخوان الصفا), إلى جانب أهانته أمام عوام الناس, راجع (أمير علي بيود, ص 235)!

لقد تسبب عثور الخليفة على مجموعة من الكتب في الفلك و التنجيم عنده جرماً كبيراً , ما جعل الفقهاء يحكمون عليه بآلزندقة .. و لإذلاله نزعوا عمامته عن رأسه فداست عليها العامة تحقيراً لهُ, راجع (أمير علي بيود , الإسلام و العلم , ص 219")!

ثم من بعده حرّض الفقهاء الخليفة على الفيلسوف "الكندي" أوّل فيلسوف عربي , فأمر بحرق مكتبته , ثمّ إألاتيان به إلى أحد ساحات بغداد و كان رجلاً طاعن في السن بلغ عمره أنذاك 60 سنة, فتمّ جَلدهُ 50 جلدة أمام عوام الناس, راجع(أمير علي بيود, الأسلام و العلم ص210).
أما في قرطبة فقد تمّ إذلال العالم ألشّارح "أبو الوليد إبن رشد", حيث تم صده عن الصلاة في المسجد, نظراً لتكفيره من طرف الفقهاء و وصفه بآلزنديق أيضاً, كما أمر الخليفة المنصور بحرق كتبه في باحة المسجد الأعظم بقرطبة و نفي إبن رشد خارج المدينة, راجع (عابد الجابري, المثقفون في الحضارة العربية, ص145 فما فوق).

هكذا إذن فإنّ المسلمين تأريخياً إنتزعتهم نزعة تدمير المعرفة و المفكرين و الفلاسفة و محاصرتهم و التضيق عليهم خصوصا إذا ما برز أو ظهر منهم ما يخالف الدّين بنظرهم طبعأً , و لا نقول أن هذه النزعة قد خفّت أوارها, بل لا زال حامياً إلى يومنا هذا!
فإلى متى هذا الجنون و الحرب ضد الفكر و الثقافة و أهله؟ و إلى متى تبقون تشحذون و بذلة بسبب الجهل يا من تسمون أنفسكم بآلعلماء الفقهاء!؟

فآلحرب ما زالت قائمة ولم تضع أوزارها ضد الفكر و المفكرين و الفلاسفة ؛ بل ما زال قائماً و ما زال ا لمفكريين الحقيقيين و الفلاسفة العرفاء متغربون حتى في اوطانهم, فهذا محمد باقر الصدر تمّ القصاص منه بآلأمس القريب بعد الأعلان على محاربته و محاصرته على كل صعيد من قبل مقربيه و أجهزة السلطة البعثية الظالمة, لانه برهن لأقرانه من آلفقهاء بأن الأسلام لا ينحصر على مجموعة أحكام عبادية أو طقوسيّة و كفى ؛ بل الأسلام يُمثل كل جوانب الحياة الأخلاقية و الأقتصادية إلى جانب العبادية, فقامت قيامة المُدّعين و المراجع و كفّروه و وشوا به للسلطان وشاركوا في قتله و إغتياله .. و رفض مساومة الظالم الذي ركع أمام بيته صاغراً بكلّ معنى آلكلمة؛ طالبين منه فقط كلمة تأئييد واحدة مقابل صك مفتوح و أمكانات هائلة ؛ لكنه قال لهم: طريقي غير طريقكم .. بينما غيره و لاجل دنيا ذليلة ركعوا والهين أمام الطاغية معلنين تأئيدهم بل و وقوفهم أمام السلطان بكل ذلة .. و هكذا مضت الأيام و أخذ العراق و العراقيين نصيبهم من الذل بسببهم خصوصاً الأحزاب الأسلامية و غيرها و التي إدعت بأنها توالي الصدر و تعمل تحت قيادته .. بينما لم يناصره ولا عضو واحد منهم أيام المحنة, بل الجميع تبرؤوا منه و هرب بعضهم من قادسية صدام .. من الموت و ليس لنصرته أو نصرة الأسلام و نهجه.


و ما زال الأمر قائماً ؛ و إن اهل الدكاكين من الأحزاب و التيارات و المراجع المخلتفة : ترى أن أي تطور فكري أو نظرية جديدة ؛ إنّما تؤثر على كسبهم و رواتبهم و إرتزاقهم و ربما إغلاق دكاكينهم ؛ لهذا و لمجرد سماع كلمة أو همسة معاديّة من فيلسوف ينتقد تصرفاتهم و نفاقهم و نهبهم و دجلهم ؛سرعان ما يهبون و يحملون عليه لتكفير ذلك المدعي و كما فعل أجدادهم عبر التأريخ حيث أشرنا لجوانب و أمثلة كثيرة و واضحة على ذلك في مقالات سابقة مشابهة, و ها نحن اليوم نواجه نفس المصير حين أشرنا بأن حزب مثل حزب الله أو حزب الدعوة أو منظمة أمل أو منظمة جعجع أو لحد أو أمثالهم و هم كثر؛ إنما إتخذوا الدّين و الأسلام غطاءاً لجيوبهم و وسيلة لأرتزاقهم لتأمين مصالحهم الآنية مدّعين بغرور كاذب الدفاع و الجهاد للأسلام, بينما لا تجد صفة واحدة من أخلاق و قيم الأسلام و المؤمنين في وجودهم و من بعد يمكنك كشف دنائتهم و تكبرهم و لهوثهم وراء الرب الحقيقي (الدولار) بكل ذلة, و هم يسرقون حتى الفقير الأعمى!

لهذا ترى شعوبنا و منهم – المسلمون – و رغم أنهم يملكون المنابع و الخيرات الاقتصادية و الصناعية و الزراعية المختلفة كآلنفط و المعادن و الأراضي الصالحة و الأنهار و المياة و المواقع المخلتفة: لكن معظمهم يستجدون و يشحذون و يلجؤون لبلاد "الكفر" حال ما وجدوا منفذاً لاجل الإستجداء و الفساد و الظلم و السرقة.

و السبب كما أشرنا لأنهم لا يكرهون ولا يعادون سوى الفكر و الفلسفة و الثقافة و العلم و الادب .. لهذا لا بد ان يكونوا تابعين أذلاء لسلطة الدولار دوماً ما لم يغييروا ما بأنفسهم .

ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر