الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عروس بفستان اسود!!

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2022 / 1 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حكايتها شائكة بكل فصولها منذ ولادتها وحتى موعد اعلان خطوبتها والذي كان سببا لنا لنشعر كم هي تعيسة وحزينة ووحيدة. الحسرة التي سكنت قلوبنا لن تنهي معاناتها اعرف ذلك ويعرف كل من حضر حفل خطوبتها، ولكن الصدمة اكبر من نرضى بخاتمة حزينة لإنسانة ذنبها الوحيد انها ولدت لعائلة مفككة. فيما الام انهت معاناتها بالطلاق وبالزواج مرة اخرى، بقيت الابنة بمكانها بمستنقع القهر والظلم مع أبيها الذي نشأ هو ايضا في اسرة مفككة فأخذ يتزوج المرأة تلو الاخرى ويترك اطفالا دون رعاية. هذه الابنة التي اتمت من العمر ثماني عشرة سنة تهرب من قهر الاب وزوجته الى قهر اخر اشد واصعب بقبولها الزواج من العريس الذي تقدم لها بتزكية من بنات عمها اللواتي يسكن بمدينة اخرى ظنن منهن بأن في ذلك خلاصها من بطش الاب وخدمة زوجة الاب. هنا كانت الصدمة اكبر من تختبئ من على وجوه كل من حضر اعلان الخطوبة بعد ان اصبح الزواج رسميا وعلى عيون الشهود! مبروك كانت غصة لم تكن لتخرج من افواه الحاضرين الا بصعوبة. ان شلة المتآمرين على هذه الجريمة يستحقون التقريع وليس المباركة. كان الاجدر بهم ان ينقذوها من هوة البؤس التي تنتظرها من هذا الزواج! الذي لن يكون لها سترا من الوقوع بالخطأ وان براءتها تلك ستفقدها مع اول خلاف مع زوجها او عائلته لترى سريعا في اي مستنقع رمت بنفسها هروبا من حياتها البائسة الى حياة اكثر بؤسا. الكارثة بأن اقاربها اخذوا يتلاومون فيما بينهم بعد اعتراض احدهم على مصير تلك الصغيرة وفي يقينهم انها ستتقاضى شيئا سعيدا من هذا الزواج، ولن تتقاضى الا اليأس والعجز وربما الانتحار.
انسانة منغلقة على نفسها لم يصقلها التعليم ولا طول العمر، لم تتعلم من احد ولا تدري شيئا عن هذا العالم، حياتها الماضية لا تؤهلها ان تتحمل مسؤولية الزواج بشكله الطبيعي فكيف لو كان هذا الشريك فاقدا لنعمة البصر وقدراته العقلية لم تصقلها مدرسة ! نعم ليس كل اعمى مؤهلا لان يكون طه حسين! ان هذا العريس الذي كان يستمتع بعصير الحبيبات الذي قدم ضيافة للحضور كما وكأنه احد الحضور المساكين وليس كل الحضور. اهل العريس يريدون من هذا الزواج ان يخلعوا عنهم مسؤولية العناية بهذا الابن العاجز ويضعونه امانة في عنق انسانة لا تعرف ان تقود نفسها حتى تقود غيرها او تقود ابناءها فيما بعد.
لأول مرة اصاب بالعجز من فكرة النصيب والمصير، وعقلي اخذني الى تلك الام التي نسيت انها انجبت اطفالا لهم عليها حق الرعاية، لماذا لم تشارك في تسبيب اسباب النصيب؟ لماذا ارتضت ان تترك ابنتها تصارع واقعها الحزين وحدها ولم تفكر مرة بإنقاذها.
اعرف بأن تلك البائسة تعيش مثلها مثل غالبية الناس من دون هدف تسعى لتحقيقه، ولكن هذا لن يبعد عنها ان مسؤوليتها اصبحت الضعف بقرارها قبول الزواج من هذا الانسان العاجز والخارج عن سياق المألوف وفي قدرتها على تحمل نقل الوصاية من والديه اليها فيما يخص كل شؤونه.
ان المسرحية التراجيدية لحياة تلك الصبية لابد ان تزداد تعقيدا ما دام دور الاهل معطل او مغيب اما بسبب الانانية او لفشلهم في توفير حياة سعيدة وحياة فضلى لأطفالهم. ولا بد ان تتكرر مشاهد المأساة مع اطفال تلك الصبية التي تهرب من الاضطهاد والعنف الى مزيد من الاضطهاد بصورة ابشع. الحقيقة ان الامل في ايجاد حل لمأساة تلك العروس اصعب من الصعود الى القمر ذلك لانها لم تعرف السعادة يوما حتى تفكر بها او تسعى لها او تحلم بها، فكان همها ان ترتاح من صراخ والدها لتصرخ هي ببيتها لا ان تضحك به كما ارى وربما يرى غيري ما اراه وبأنها عروس بفستان اسود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روان الضامن، المديرة العامة لمؤسسة إعلاميون من أجل صحافة إست


.. لينا المومني منسقة منظمة سيكديف بالأردن




.. اختتام أعمال ملتقى عمان الإقليمي وشبكة مناهضة العنف الرقمي ض


.. -اخترت الفن التجريدي كونه يحررني من كافة القيود-




.. تربية الحيوانات الأليفة جزء من الطبيعة التي تعتز بها الريفيا