الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفين و المؤثرين الاجتماعيبن

آدم روبي
ناشط حقوقي وسياسي مغربي وباحث سوسيولوجي

(Roubi Adam)

2022 / 1 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد عرفت الثقافة في القرن الحالي تحولات عديدة واكبت التطور التقني والتكنولوجي الذي عرفه العالم في العقدين الأخيرين، تميزت تلك التحولات بضعف الدلالة التي كان يحملها مفهوم الثقافة في القرن الماضي، اعتبارا لارتباط هذا المفهوم بثورات التحرر الوطني أو بالمفاهيم القومية أو الدينية أو العرقية..الخ. بل أصبحت التمثلات التي يمكن أن نتخيلها من هذا المفهوم مرتبطة بشباب و شابات يخلقون محتوى بصري ذو معنى وتأثير معينين، وكل ما كان معناه بسيط و سلس و سهل للفهم كل ما كان تأثيره اعمق.

فالمثقفون الجدد في هذا العصر هم "اليوتوبرز" و رواد تويتر وفايسبوك و "المؤثرين الاجتماعيين" عموما، الذين يتابعهم الملايين من الشباب حول العالم في البداية، وبعد ذلك اصبح يتابعهم ملايين البشر، هؤلاء المؤثرون الذين يتحدثون في مواضيع مختلفة، هم استمرار للمثقفين التقليديين الذين تحدث عنهم المفكر الايطالي انطوني غرامشي، فالمثقفين عموما هم فئة ظهرت منذ ان انقسم المجتمع الى طبقات، بعد ان حدث انفصام بين العمل و اللعب، بين الفائدة والمتعة بين الصناعة والفن، حينئذ اقتصرت الثفافة على فئة فقط عوض ان تشمل جميع الفئات، و عملت كل الطبقات التي سيطرت على قوى المجتمع الاقتصادية على السهر على هذا الفصل بين الثقافة و العمل، حتى يبقى دور المثقفين هو القاء الكلام و دور الجماهير الاخرى تلقيه. غير ان بعد هؤلاء المثقفون عن الجماهير لا يعني حيادهم عن صراع الطبقات؛ بين الجماهير والفئات المسيطرة في المجتمع، بل أنهم كانوا قريبين دوما من تلك الطبقات الحاكمة ومدافعين عنها بشكل او بآخر.

إن هذه التحولات التي عرفتها الثقافة، فرغتها من قيمتها الحقيقية والتي تكمن في الرفع من الوعي الجماهيري والالتحام بالطبقات المسحوقة، الى سلع رقمية، هدفها يكون تحقيق اكبر عدد من المشاهدات لتحقيق قيمة تبادلية نقدية، يمكن ان تكون اكثر من القيمة التي يحققها العامل بعمله طوال شهر من العناء و التعب، فكما يقول المفكر الماركسي السوري بوعلي ياسين: "من سخرية القدر ان تكون اسعار السلع الكلامية اعلى من اسعار السلع الحياتية، وما هذا الا لان ليس العمال من يحددوا اسعار التبادل، بل الطبقة المتسلطة".

إن مهمة المثقفين العضويين اليوم في نظري هي أولا تفسيير هذه الازمة التي تعيشها الثفافة في يومنا، والدعوة لإعادة الارتباط بين المثقفين اليساريين و الجماهير وتوحيدهم في جبهة ثقافية، لنشر ثقافة جماهيرية، تستلهم الشعب و تخدمه، يكون هدفها مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية المنشود، الخال من تعالي ثقافة على أخرى، و ليس فيه فئة مثقفة متميزة وممتازة عن بقية الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام