الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادة الباكالوريا و دلالاتها في الميزان

طارق الورضي

2022 / 1 / 22
التربية والتعليم والبحث العلمي


مضى وولى ذلك الزمن الذي كانت فيه شهادة الباكالوريا المغربية تحتل مكانة تسمو بحاملها إلى مراتب قيمة كان يحتفي بها المجتمع، و تنطبع دلالاتها بالتفوق و الامتياز في المخيال الاجتماعي المغربي، حيث ارتسمت لدى المجتمع انطباعات تؤكد أن شهادة الباكالوريا لا يتحصل عليها إلا كل من جد و اجتهد و سهر الليالي رغبة في التميز والتألق و التعالي.

على أن الزمن لم يعد هو الزمن، و صار الحصول على شهادة الباكالوريا لا يتطلب أي إخلاص في التحصيل و انقطاع إلى الدراسة و المراجعة و البحث، بقدر ما يتطلب قدرة التلميذ على المراوغة و حنكته في الغش و مهاراته المكتسبة في استعمال الوسائط الالكترونية وعلى رأسها الهاتف النقال. لقد كنا بالأمس نشهد مفارقة التلميذ الذكي مقابل الهاتف النقال، فصرنا اليوم نشهد العكس تماما، استعمال مهول للهواتف من طرف المترشحين في عملية الغش و اعتماد تام عليها، حتى صارت طقسا مقدسا عند التلاميذ و حقا مكتسبا لا يقبل النقاش أو المعارضة، و صار الأستاذ المكلف بالحراسة يعتبر عدوا لدى التلميذ، أو عقبة كؤودا في وجه النجاح يجب إزاحتها عن الطريق المعبد نحو الباكالوريا، فالعديد من الأساتذة يسجلون حالات متكررة من التهجم عليهم و استفزازهم داخل قاعات  الحراسة، أو رفع الدعوات و الابتهالات لهم من أجل دفعهم إلى التساهل مع عملية الغش الممنهج، و كل ذلك تحت طائلة أن الغش عنصر أصيل في المنظومة السياسية و الإجتماعية المغربية وأن الذين تحصلوا على أعلى المناصب في الدولة إنما بلغوا ذلك بسلاح الغش و المحسوبية و الزبونية، و بالتالي لا غضاضة من انتهاج نفس الأساليب الملتوية التي انتهجها من حققوا النجاح و نالوا المناصب و الامتيازات في دولة لا يكافؤ فيها المتميزون ، و تستنزف فيها الكفاءات الحقيقية لصالح الانتهازية و الوصولية.

أما الوزارة الوصية فهي تصم آذانها و تغلق أعينها عن ما  يكتنف المنظومة التربوية من أزمات، على اعتبار أن الوزارة تستسيغ و توثر منطق الوصاية و التعالي و  الاستفراد بحل مشاكل المنظومة بشكل أحادي بعيدا عن إشراك الأساتذة و الهيئات المدنية و النقابية و جموع الفاعلين التربويين في نقاش عمومي جاد يفضي إلى النهوض بالقطاع من وسط ركام الأزمات المتتالية.

فالمنهجيات البيداغوجية المعتمدة في صياغة بعض الامتحانات الإشهادية يجب إعادة النظر فيها، على أساس أنها لا تنمي حس المساءلة والنقد و التحليل و إعمال العقل في المادة التي يمتحن فيها المترشحون، بقدر ما تمنحهم فرصا مجانية للإجابة يسهل فيها الغش و المراوغة و استعمال الوسائط الاكترونية من أجل الحصول على الإجابة الصحيح دون تمحيص و لا تدقيق و لا مقارنة.

إن منظومتنا التربوية في حاجة ملحة إلى رجة حقيقية تضع النقط على الحروف، و تشكل قطيعة مع سنوات التساهل و الفشل و التذمر، لتقلع بقطاع التعليم إلى ركب مصاف الدول المتقدمة.

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ