الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلهة وشياطين

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2022 / 1 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"الإله"
هو ذلك النزوع داخل الإنسان، ليضفي الانتظام والجمال، على جزر في محيط الكون الفوضوي العشوائي.
"الشيطان"
هو ذلك النزوع لدى الإنسان، لإشاعة الفوضى والقبح، في جزر الانتظام والجمال في محيط الكون الفوضوي العشوائي.
الوصايا الأخلاقية والمبادئ الدينية والاجتماعية والقوانين،
وجميعها مصحوبة بتهديد بعقوبات، سواء أخروية أو دنيوية اجتماعية أو قضائية، كلها تؤثر في سلوك الإنسان في المجتمع، ليتجنب هذه العقوبات.
لكن خشية العقوبات وحدها تظل محدودة التأثير، طالما ظلت بالنسبة للشخص مفروضة من الخارج. ويختلف مدى الالتزام بها من شخص لآخر. وفقاً لاختلاف ظروف الإنسان التي قد تدفعه لمخالفتها، ووفق قدرته الشخصية (أو شجاعته) على كسرها.
يختلف هذا عن حالة استيعاب الإنسان عقلياً ووجدانياً للوصايا والمبادئ الأخلاقية، لتكون جزءاً من تكوينه العقلي والوجداني. بحيث تكون كأنها نابعة منه ذاتياً، وليست مفروضة عليه خارجياً.
هنا فقط يجتهد الإنسان مخلصاً وبكل كيانه للالتزام بها.
كانت الأديان عبر التاريخ هي مستودع الوعي البشري بالحياة والوجود. وكانت تتطور بتطور الوعي الإنساني.
لكن أمرين أعاقا تطور الأديان بمعدل يجعلها تواكب تطور الوعي، بل وجعلاها في مراحل متقدمة معوقاً ومحارباً له.
أولهما نسبة مقولات الأديان إلى مصدر سماوي. ما جعل التطور يحتاج إلى ظهور من يزعمون استلهام رؤاهم من السماء، بما يصاحب ذلك من جدل وتكذيب وفرقة بين البشر.
ثانيهما ظهور الكتابة ثم الطباعة، التي ثبتت النصوص الدينية إلى حد بعيد، مقارنة بسهولة التطور في العصور الشفاهية.
لذا كان لابد مع الثورة العلمية أن ينفصل العلم ورؤاه الجديدة المختلفة تماماً عما سبق، عن الأديان التي صارت بالنسبة له زنزانة تحجب عنه النور والهواء.
لدينا نموذج البابا فرنسيس، بما يصدر عنه من تصريحات إنسانية الطابع، وصلت لحد إدخال الملحدين لملكوت السماوات. هناك مثله الملايين من المؤمنين بالأديان.
ممن لا يسجنون أنفسم في زنزانة الدوجما.
يختلف هؤلاء جذرياً عمن يأخذون بالتزام صارم كل ما بالدوجما ونصوصها. ولا يرون بالحياة سواها. ولا يرون الحياة إلا من خلالها فقط وحصرياً.
ليس كل من يعلن إيمانه بعقيدة دينية إذن هو مستغرق بكامله فيها. بحيث نستطيع ننسب له من الصفات والفكر والأخلاق، كل ما نعرفه ونجده نحن داخل صندوق العقيدة المؤمن هو بها. كما أن الفكر والسلوك الإنساني الراقي الذي قد يصدر عمن يؤمن بعقيدة ما، من الخطأ التسرع بنسبته إلى عقيدته الدينية. فقد يكون الأمر هكذا بالفعل.
وقد يكون اقتطعه تعسفياً من بين مكونات عقيدة تحوي بطبيعتها متناقضات. وقد يكون صادراً عن جانب آخر في شخصيته، هو الجانب الإنساني الفطري في طبيعته.
أو الجانب الثقافي المعاصر الذي تشبع به. نعم قد نعيب على هؤلاء احتفاظهم في سلة واحدة بمتناقضات. تلك التى تكون بين نصوص الدوجما المقدسة وبين إنسانيتنا المعاصرة. لكن هذا شأنهم الخاص. وعلينا نحن أن نجيد فهمهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه