الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقة إصلاح التعليم التقني عام 2002...شهادة للتاريخ

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2022 / 1 / 24
التربية والتعليم والبحث العلمي


باشرت مهام رئاسة هيئة المعاهد الفنية التي تتخذ من مبنى وزارة التعليم العالي مقرا لها في أواخر شهر آب من العام 2001. وجدت طريقة عمل الهيئة مختلفة نوعما عنه في الجامعات,حيث أنها تتسم بالمركزية الشديدة التي تجعل إدارتها أقرب إلى إدارة المدارس منها إلى إدارة مؤسسات التعليم العالي . وكخطوة أولى على طريق تطوير عمل معاهد وكليات الهيئة , قمت بزيارات ميدانية إلى جميع المعاهد الموزعة في جميع محافظات العراق والبالغ عددها يومذاك (27) معهدا , والكليات التقنية البالغ عددها (9) كليات. إلتقيت بمجالسها للإستماع من عمدائها ورؤساء الأقسام وبعض التدريسيين ,عن معوقات عملهم ومقترحاتهم للنهوض بمعاهدهم وكلياتهم , والتعرف على قدرات وإمكانات كل معهد وكل كلية.
أعددت تقريرا بعد إنتهاء هذه الزيارات الميدانية , تضمن واقع حال الهيئة وإقتراح سبل النهوض فيها , حيث أشرت واقع الهيئة بالآتي :
1.إفتقار جميع الكليات التقنية للمباني الخاصة بها على الرغم من مرور نحو ثمان سنوات على تأسيسها , حيث ما زالت تتخذ بعض أجزاء من مباني المعاهد , وتعتمد كليا على ورشها ومختبراتها وكوادرها التدريسية.
2.لم تلتزم بعض الكليات بشروط تأسيسها بوصفها كليات تخصصية , فالكلية التقنية الزراعية في المسيب مثلا, لم تعد كلية تقنية زراعية بإستحداثها تخصصات الهندسة الكهربائية على الرغم من عدم توفر مستلزماتها المادية والبشرية كونها تتخذ من المعهد الزراعي في المسيب مقرا لها , وكذا الحال في الكلية التقنية البتروكيمائية في البصرة التي هي الأخرى أصبحت متعددة التخصصات ولا تمتلك الكوادر التدريسية في تلك التخصصات,ولا يمكنها الإستعانة بكوادر من خارجها في البصرة, فجامعة البصرة الأقرب إليها تفتقر إلى الكوادر التدريسية بتخصصات الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية . ولا يختلف الحال كثيرا في بقية الكليات التي أفضلها تفتقر إلى الحد الأدنى من التدريسيين الواجب توفرهم للبدء بأية تدريسات جامعية مؤهلة لمنح شهادة البكالوريوس , فضلا عن عدم توفر الورش والمختبرات . يبرر بعض العمداء أن فكرة تأسيس هذه الكليات كانت على أساس الإستعانة بالكوادر من حقل العمل للتدريسات وتدريب الطلبة في مؤسساتهم , وبذلك تنتفي حاجة هذه الكليات إلى حد كبير لتوفير تدريسيين متفرغين ومختبرات خاصة بها , وهذه بدعة لم تشهدها مؤسسة تعليمية من قبل ,فالأساس أن توفر الكلية كوادرها ولا بأس أن تستعين بمحاضرين خارجيين لسد بعض شواغرها. وخلاصة القول وجدت هذه الكليات كيانات مصطنعة , مما يستلزم رعايتها والعناية بها , حيث أنها أصبحت واقعا لا مفر منه.
3.تفتقر بعض أقسام المعاهد إلى توفر الحد الأدنى من التدريسيين اللازم توفره في أي قسم علمي على الرغم من مرور أكثر من ربع قرن على تأسيسها .
4. لم تنفذ معظم المعاهد والكليات أعمال تعشيق عمل الطلبة مع حقل العمل من قبل الطلبة أنفسهم طبقا لأمر رئيس الجمهورية, بهدف إكسابهم الخبرات والمهارات العملية لصقل قدراتهم وتمكينهم من ممارسة العمل بعد تخرجهم, بل نفذ معظمها من قبل التدريسيين وبعضها نفذ في ورش أهلية ومن قبل أشخاص لا علاقة لهم بالهيئة مقابل منفعة شخصية متبادلة بينهم وبين إدارة الهيئة وبعض عمدائها. كما إقتصرت عملية التعشيق على عدد محدود من المعاهد والكليات ولم تكن شاملة لجميع الطلبة.
5.ما زالت أعداد غير قليلة من التدريسيين العاملين في المعاهد من حملة شهادة البكالوريوس ويحملون القابا علمية جامعية.
6.لاحظت أن أعدادا غير قليلة من طلبة المعاهد من خريجي المدارس المهنية وأن أعدادهم في تزايد مستمر بسبب تناقص أعداد طلبة المدارس الإعدادية المتقدمين للدراسة في المعاهد , نتيجة فتح مسارات جديدة للتعليم العالي في العراق ممثلة بالكليات الأهلية والدراسات المسائية في جميع الجامعات العراقية ,حيث ما زالت الدراسات الأكاديمية الجامعية وحتى يومنا هذا وجهة الدراسة المفضلة لدى الطلبة وعوائلهم , بينما ما زالت المناهج الدراسية معدة على أساس قبول الطلبة من خريجي المدارس الإعدادية والتي يجد فيها خريجو المدارس المهنية صعوبة كبيرة بسبب ضعف تأهيلهم الأكاديمي. وهو أمر يستلزم إعادة النظر بهذه المناهج لتكون أكثر ملاءمة لطلبة المدارس المهنية الذين باتوا يشكلون الحجم الأكبر بعدد الطلبة المقبولين.
7.تفتقر المعاهد إلى الكثير من القيم والمعايير والتقاليد السائدة في الأوساط الجامعية برغم كونها مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.
وللنهوض بواقع التعليم التقني في العراق الممثلة حاليا في الهيئة التي لم تعد تضم معاهد , بل أضيفت إليها كليات تقنية, حيث صدر عام 2002 مرسوم جمهوري بتعديل تسميتها بهيئة التعليم التقني لإستيعاب واقعها الجديد . رفعت تقريرا إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يتضمن شرحا وافيا لواقع الهيئة,وإقتراح بعض سبل إصلاحها وتطويرها .
نستعرض هنا بإيجاز أبرز ما تضمنته ورقة الإصلاح والتطوير المقدمة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي يومذاك , من مقترحات لتطوير الهيئة من منطلق أن الهيئة بتركيبتها الحالية وإنتشارها الواسع في جميع أنحاء العراق وتخطيها لهدفها الأصلي المتمثل بإعداد الكوادر التقنية الوسطية التي تحتاجها المؤسسات المختلفة وبخاصة المؤسسات الصناعية والزراعية , وممارستها الآن بعض وظائف الجامعات المتمثلة بإعداد الكوادر العليا من مهندسين وتقنيين وسواهم بمستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه, لم يعد بإمكانها النهوض بهذه المهام بوضعها الحالي, مما يتطلب إعادة النظر بتشكيلتها وتسهيل حركة إنسيابية عملها . ولهذا الغرض نقترح تفكيك الهيئة إلى خمس مؤسسات كالآتي :
1.جامعة بغداد التقنية ويكون مقرها في الزعفرانية , وتضم جميع كليات ومعاهد بغداد التقنية.
2.جامعة الفرات الأوسط التقنية ويكون مقرها مدينة الحلة ,وتضم جميع معاهد وكليات مدن الحلة وكربلاء والنجف والديوانية التقنية.
3.جامعة البصرة التقنية ويكون مقرها مدينة البصرة , وتضم جميع معاهد وكليات مدن البصرة والناصرية والعمارة التقنية.
4.جامعة الموصل التقنية ويكون مقرها مدينة الموصل, وتضم جميع معاهد وكليات مدينة الموصل التقنية والمناطق القريبة منها .
5.هيئة التعليم التقني ويكون مقرها مدينة بغداد , وتضم جميع المعاهد التي لم تضم إلى الجامعات المقترحة في أعلاه , وتكون معنية بإعداد الكوادر التقنية الوسطية التي تحتاجها المؤسسات.
لم تتطرق الورقة إلى معاهد وكليات محافظات أربيل ودهوك والسليمانية التقنية , لكونها خارج سيطرة الحكومة العراقية . وبذلك يمكن أن ينهض التعليم التقني ويزدهر إزدهارا حقيقيا في العراق.
وزع التقرير على أعضاء هيئة الرأي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمناقشته بإجتماعها القادم , إلاّ أنه لم تتح لي الفرصة لعرضه على الهيئة , حيث شاءت الإقدار نقلي إلى وظيفة أخرى , وهذا موضوع آخر بحد ذاته يحتاج أن يروى في مقال آخر لما فيه من حكايات وروايات مؤلمة , لم يتوقعها أحدا في الوسط الجامعي حيث القيم والتقاليد والأعراف الجامعية الرصينة التي يفترض أن تحكم سلوك العاملين فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م