الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون والرجل الخطأ

أميرة أحمد عبد العزيز

2022 / 1 / 27
الادب والفن


من مميزات المخرج (ألفريد هيتشكوك) الجميلة والممتعة هي قدرته القوية على نقش الكلمات باستخدام الكاميرا، فكاميرا هتشكوك تبدو شيئا ناطق متكلما بيده، كأنه يستخدمها مثل جهاز الترانزستور سابقا يصنع ذبذبات تحول لكلمات ذات معنى ومغزي، علما أن كاميرا هتشكوك لا تحتاج إلى كتاب فك شفرات، بل حساسية إنسانية فقط.
أخرج هتشكوك فيلم (الرجل الخطأ) بطولة (هنري فوندا) و(فيرا مايلز)، والصادر عام 1956، وقصة الفيلم مبنية على قصة حقيقة، وقد ظهر هتشكوك في بداية الفيلم ليخبر مشاهديه أن هذا الفيلم يختلف عن أفلامه السابقة، فقصته حدثت بالفعل، لكن سنجد فيها أحداث لا تصدق حدوثها إلا في الأفلام والخيال، ولكنها حدثت بالواقع.
وقصة الفيلم عن رجلا عاديا من الطبقة المتوسطة، وهو رب أسرة، وجد نفسه متهما بجريمة لا يعرف عنها شيء وهي السرقة بالإكراه وترويع المجتمع، ووجد العديد من شهود العيان عليه...
بمشاهدة الفيلم، خرجت مدركة جيدا أهمية وضرورة عدم بدأ التحقيق مع المتهم دون محامي، وأدركت أن معقل الشرطة الذي يفترض أن يكون محلا يسكنه القانون، من الممكن أن يشعر الفرد فيه أنه وحيدا كفريسة للضباط، إن لم يكن بجانبه محامي على الأقل، تستطيع تصور هذا المشهد وكأنك في وكر عصابة، وبهذا يصير مقر الشرطة معبرا عن فكرة عكسية تماما عن ما يجب أن ندركه ونستشعره فيه، وقد يشعر المتهم أنهم مخطوف من قبل العصابة، وهو فرد لا حول له ولا قوة، إن المحامي ضروري وحق بسيط من حقوق المتهم (أي متهم) فهو حليف يشعر المتهم أنه ليس وحيدا وأنه ليس مختطف أو فريسة...لقد قال هتشكوك كل هذا وأكثر، ليس بالكلمات، لم يتحدث المتهم ولا أحد عن أهمية المحامي، ولا أحد سأل كيف يتم عمل تحقيق مع المتهم دون محامي، لم يتحدث المتهم عن معاناته تقريبا، لم يتكلم إلا القليل، بل النادر، ولكن تكلمت الكاميرا كثيرا، ورصدت وعبرت، وتكلم آداء الممثل هنري فوندا، وقد تعقبت الكاميرا ملامح تعبيراته.
أنه هتشكوك، وهنا يكمن إبداعه.
بالنهاية، وكما يحدث غالبا معي، أجدني أتذكر كلمات للمفكر الفيلسوف الدكتور (عصمت سيف الدولة)، كلما جاء موقف إنساني أو وطني، وأتذكر هنا كلماته من كتاب إعدام السجان، عن القانون ورجال القانون:
((هل تتذكر الخلاف بين فقهاء القانون في تعريف القانون، ذلك الخلاف الذي قضينا العام الأول في كلية الحقوق ندرس أسبابه ومضمونه ونتائجه. مساكين أولئك الفقهاء. خذها عني: القانون هو البشر الذين ينفذون النصوص التشريعية. وأول ما يلاقيك متجسدا في رجال الشرطة)) ((إن حضور المحامي مساعدة للمتهم في التحقيق سيشل أو يعوق أية محاولة للعبث بحقوق المتهم في الدفاع عن نفسه. إن حضور المحامي يعني أن على المحقق أن يفحص أدلة البراءة كما يفحص أدلة الاتهام. وهذا هو غير مرغوب فيه.. والا فبالله عليك لماذا يحتم القانون حضور محام مع المتهم بجناية ولو كانت قد حققت سرية ولو كانت المحاكمة سرية؟ كيف يكون هذا المحامي محلا للثقة، الثقة في المحافظة على السرية، أمام المحكمة ولا يكون محلا للثقة في أثناء التحقيق؟ الإجابة هي أن المسألة ليست مسألة أسرار وسرية، ولا هي مسألة ثقة أو عدم ثقة، إنما المسألة أن حضور المحامي أمام المحكمة لا يضر شيئا. يضر شيئا بماذا؟ بالسرية أم بالمقدرة على طبخ القضية؟ ... الإجابة واضحة. إذن، أيها المشرع، إذا كان لا بد من إنقاذ الإنسان من عبث القانون عندما يكون القانون متجسدة في محقق فلا بد من: أولا: أن يكون المحقق غير تابع لسلطة الاتهام. ثانيا: أن يكون من حق المتهم الاستعانة بمحام سواء كان التحقيق سري أم غير سري. ثالثا: يتحتم، أقول يتحتم، حضور محام مع المتهم في التحقيق ولوعن طريق الانتداب في كل القضايا التي يحتم القانون حضوره فيها أثناء المحاكمة)).
#عن_الإبداع_نتحدث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث