الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقد الاجتماعي

احمد حسن _ شاهوز

2006 / 9 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما يقال حقوق الانسان يخطر على البال فورا ضمان التمتع بالحريات التي يمتلكها كل فرد على الاختلاف في الطبقة او الوطن او الدين او الجنس .. الخ ، والتي تعد اساسا للتطور الحر للفرد . وتنقسم هذه الحقوق الى ثلاثة اقسم هي ؟
1- حقوق الجيل الاول : وهي الحقوق الفردية الاساسية كحرية الفكر والايمان والعقيدة وحق تأسيس التنظيم .
2- حقوق الجيل الثاني : وهي ذات مضمون اقتصادي واجتماعي .
3- حقوق الجيل الثالث والاخير : التي تنص على تطوير الكيانات الثقافية للشعوب بحرية وعتقها بحياتها الحرة فيها .
ولا يمكن مناهضة هذه الحقوق المعروفة على الصعيد الكوني . وياتي حق الحياة في مقدمة كل هذه الحقوق . ومن هنا فالتعاقد بين الفرد الحر والمجتمع على اساس حقوق الاجيال الثلاثة هذه يعتبر العقد الاجتماعي .
فالعقد الاجتماعي الحر : هو مشروع معني بكل مايهم المجتمع ولايختلف مضمونا عن مشروع الحياة الحرة . ويهتم بقضايا المراة ومشاكلها الى جانب مشاكل الرجل ايضا حيث تعمل المراة فيه على تحديد كيفية وشروط انضمامها الى الحياة الاجتماعية (المحرومة منه) بشكلها المتكايف والملائم لظروف المجتمع لتضمن نمط حياة يتعزز فيها الانضمام والمشاركة في الحياة ، واقامة العلاقات بين المراة والرجل على اساس المبادئ والمعايير المحددة ، والتي لايمكن للمراة والرجل ان يقبلا بالعيش سوية مالم تترسخ وتتوطد في الحياة . ويتسم هذا الموضوع باهميته وضرورته لاجل كافة نساء العالم بالدرجة الاولى ، حيث يتحتم عليها ان نبلغ العقد الاجتماعي الحر حصيلة نضالها الشامل وكونه يتميز بمضمون كوني ودولي . اذ لايقتصر على دراسة المراة ومعالجتها كجنس بل هو مشروع يرسم لها اطار مساهمتها في تحقيق التحول الديمقراطي للمجتمع اعتمادا على المصالح الاجتماعية العامة .
ظهرت خلال سياق التطور التاريخي للبشرية ثلاثة انماط من التعاقدات :
الاول : هو العقد بين الدولة والمجتمع : والذي اعتمد على الارادة المتبادلة بمقتضى الحقوق والقانون داخل النظام بين المجتمع والدولة . لكننا نرى في الواقع العملي ان لا وجود للارادة فيه ولا يوجد اي خيار امام المجتمع سوى سلوك المسار الذي تخطه له الانظمة القائمة . وكمثال لايعمل النظام الرأسمالي والدولة المتكونة في احشائه سوى على الحط من شأن المجتمع واسقاطه واستقلاله باساليب ماكرة وخبيثة للغاية . بحيث لايبقى امام المجتمع اي خيار سوى الامتثال للقوانين التي تنص عليها الدولة والخضوع له .
الثاني : هو العقد بين الرأسماليين والعمال : فهو ظاهريا كاتفاق مبرم على اساس الطواعية المتبادلة ، لكنه في المضمون وضع ارغامي بالنسبة للعامل لافتقاره الى بديل اخر . فأما ان يقبل العامل بهذا العقد فيبيع كدحه مقابل اجر معين لتامين حياته او ان يرجح للموت من الجوع .
اما الثالث : فهو عقد الزواج بين المراة والرجل : الذي لايتحقق الا بطواعية متبادلة بين المراة والرجل من الناحية الشكلية . اما في المضمون فهو يعبر عن نمط الحياة المفروضة على المراة داخل البنية الاجتماعية القائمة . فالمراة اما ان تقبل بالزواج او ان تقبل بمواجهة اشكال اخرى من الضغط والاضطهاد . هذا وماعدا حالات الاعتداء والاغتصاب الجنسي بحقها . فهي ملك للرجل داخل العائلة رغما عن ارادتها . وثمة العديد من النساء اللواتي يتعرضن للضرب والشتم داخل مؤسسة الزواج ولاتعتبر ذلك جرما حسب عقد الزواج المبرم ولاتوجد حتى اي عقد على الصعيد العالمي يقوم بادانة هذا الجرم .
تحتل المراة مكانها داخل العقود الثلاثة وتتضمن جميعها الضغط والقمع وان كانت نسبته اثقل على الصعيد الجنسي ضمن عقد الزواج . ورغم تعرض الرجل لهذا الضغط في جميع العقود الا ان نصيب المراة اثقل من ذلك ، كونها تعتبر جنسا من الدرجة الثانية . وانها تنضم اليها لابارادتها ودون طواعية. واي مؤسسة تطبق هذه العقود لايمكن ان تكون ديمقراطية بدءا من العائلة (كونها نواة النظام الحاكم وبؤرته ) وحتى المجتمع والدولة والسياسة والقانون لانها كلها غير مؤهلة لتحقيق تغيرات بهذا الصدد لصالح المراة . لذا فعلى المراة ان تجد ضرورة تأسيس اطر وابعاد شروط عقدها الاجتماعي وطرحه على المجتمع وجعله ملكا له من خلال خوضها للنضال في السياسة الديمقراطية والحقوق الديمقراطية. ولايعني هذا الاعتماد على المراة وحدها ، بل ان كلا الجنسين هنا يخلقان معا الحياة المثلى ويبنيان النمط الافضل من العلاقات . ومن هنا تكمن اهمية وضرورة العقد الاجتماعي والذي يتسم بمضمون عصر الحضارة الديمقراطية.
تتصف حرية المراة بانها المعيار الاساسي العام لكل الحريات الاخرى ، وتشكل شمولية واتساع لدرجة يمكن جعلها كفرع من فروع علم الاجتماع ، واهمية كبيرة لدرجة تتطلب فيها الشروع بنضال مبرمج ومخطط ومنظم وطويل الامد ضمن نطاق السياسة الديمقراطية والحقوق الديمقراطية ، وانها تشكل عاجلية حيوية لتمتعها بمكانة خاصة اكثر من النضالين الوطني والطبقي شكلا ومضمونا . وبتقرب ايديولوجي تمثل المراة ركيزة لاغنى عنها في تاسيس الجمهورية الديمقراطية ، كونها القوة الديناميكية الاساسية في تطوير النضال الديمقراطي وتصعيده وبخطى تنظيم النساء الكرديات والتركيات والعربيات والفارسيات والارمنيات والاشوريات والشرق الاوسطيات وتوحيدهن ليلتفن حول مشاكلهن المشتركة لتجاوزها ولتجاوز اجواء الحرب الذي يتماشى مع القوة الجسدية للرجل ،باهمية كبرى في ايجاد الحلول المناسبة ويلعب دور الجسد الذي يقرب المسافة بين الشعوب الشرق اوسطية . وان تأسيس الحركة النسائية مرتكزة الى تنظيم النقاط المشتركة وترتيبها وتطوير اتفاقيات صائبة مع مختلف تنظيمات المجتمع المدني الديمقراطي والتي تهدف الى حل القضايا الانسانية والى تخطي كل الحركات النسائية الموجودة للوضع المتشتت والمبعثر الذي تتخبط فيه . والمؤسسات التعليمية تاتي في مقدمة المؤسسات الواجب تاسيسها كفتح الاكاديميات وحتى الجامعات لتامين حاجة المراة في التربية والتعليم والتي هي محرومة ومسلوبة منها لتقوم بنشاطات عديدة فعالة وحيوية في العطاء والابداع وهذا يعني انضمامها الى كافة الميادين مرة اخرى . ولكي تدرك المراة دورها في تطوير السلام والديمقراطية يشترط تحليها بالوعي الجنسي حتميا ، ويستلزم هذا الخصوص القيام بدراسات وبحوث مختلفة بصدد وضع المراة الاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع وتحليله بدءا من الشرق الاوسط وحتى اوربا والمناطق الاخرى . ويستلزم ايضا التعرف على حقيقة المراة وتحديد احتياجاتها والبدء بالمبادرات اللازمة لبناء وتنظيمات ملموسة تتماشى مع هذه الاحتياجات ، وتتجاوز المؤسسات المبنية والمنظمة على اساس الحرب ( من خلال بنائها حسب متطلبات الديمقراطية ) وصوغ مشاريعها دائما نحو دمقرطة المجتمع والسياسة والدولة .
ولاتقتصر قوة المراة في وضع حد للاغتراب الحاصل بين المجتمعات فقط ، بل سيشمل وضع لاغتراب البشرية عن الطبيعة ، وبعدها عنها وحتى افنائها اياها ايضا ، ستتجاوز هذا لتخلق من جديد علاقات منسجمة مع الطبيعة ، وستستطيع لعب دورها في الازمة المعاشة بصدد الاخلاق وايصالها الى القيم الحقيقية البانية للمجتمع . وبالتالي لتضع التعريف بمكانة الفن في الحياة الاجتماعية ، وستلعب دورا رياديا في تغيير ذهنية ومنطق كل المجتمعات الطبقية وتغيير منطق الدولة والسياسة وكيانها وهويتها ولتكرس القيم الحضارية الديمقراطية على اسس راسخة سليمة وطيدة .
من الواضح ان هذا العصر سيتطور لصالح المراة ، ذلك لانها خلال الفترة الممتدة حتى القرن الواحد والعشرين تمكنت من التعرف على عبوديتها والتعريف بها والاحساس بالنقمة والحقد تجاهها وعاشت مرحلة نضالية للتخلص منها على الصعيد الفكري والسياسي والتنظيمي والثقافي وغيرها ..وحطمت السلاسل التي تكبل يديها ورجليها والاهم من ذلك السلاسل التي تكبل عقلها وفؤادها وازالت الستار الغليظ الذي يحجب بينها وبين تاريخ المراة خالقة ثقافة الالهة الانثى . ها قد حان الوقت اليوم لتوجيه كل الطاقات المخفية في المراة وتسخيرها في خدمة نضال السلام والديمقراطية. اليوم يوم انتقام المراة من عبودية وبكم الاف السنين . يوم الانتقام من عدمية التنظيم تاريخيا للمراة وللشعوب عن طريق المئات من منظمات المجتمع المدني .
ستخلق المراة الجمال والذكاء من جديد بالنضال والصراع المتمحور حولها وبقوة الحرية والمساواة التي طالما افتقدتها لالاف السنين في موطن الالهة الام والهات العشق . يتحلى المستوى الحالي للمراة بقوة ذاتية تخولها لتطبيق العقد الاجتماعي الحر على ارض الواقع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا