الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية المراة ام حرية المجتمع؟

أحمد حسن

2006 / 9 / 4
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الحقيقة التي ينبغي علينا التأكيد عليها هي ان المراة التي تبني المجتمع ، وهناك الكثير ممن يؤكدون بشكل مستمر على ان المراة هي نصف المجتمع ولكن للاسف هذا في واقع الحال يبقى نوعا من الشعار الذي لايرتقي الى طور اعلى من ذلك .
اننا اذا نظرنا الى حال المجتمعات عبر التاريخ سنرى بأن اوضاع التخلف والانحطاط لم تظهر بمعزل عن حالة المراة وما اصابها من اهمال واحتقار وعيشها في وضعية الدونية والجهل والقهر وسحق الشخصية . واذا كانت هذه حالة المراة فلا عجب ان ينشأ الابناء ايضا على الجهل وضيق الافق وضعف الشخصية وتذبذبها .
فاذن بهذه الحال لانستطيع ان ناخذ بمقولة المراة نصف المجتمع من الناحية العددية فقط بل علينا ان نرى ونستوعب بوضوح انها العماد الاساسي للمجتمع ومدرسته ومربيته الاولى . لذلك فان العناية بالمراة عناية جادة وانزالها في المجتمع منزلتها التي تستحقها كأم ومربية له ،وعضو فاعل فيه ، مثلها مثل الرجل ، وايلائها الاعتبار الكامل والمساواة بينها وبين الرجل من حيث انهما يشتركان في قيمة الانسانية . من شأنه ان يحقق معنى العدل . كما من شأنه ان يمكن المجتمع من النهوض بكل قواه وليس بنصفه فقط ، لان نصفه الثاني المتمثل في المراة مشلول ومعطل .
في عالمنا الحديث تراجعت قيمة الارض ورأس المال كعوامل انتاج ، وحل محلهما في الصدارة في عملية تحقيق التنمية والتقدم رأس المال البشري وما يحمله من علوم ومهارات فائقة في استغلال المعطيات .
لقد غدا الذهن البشري وقدرته الفائقة على استيعاب الاشياء وطاقاته الواسعة على التصرف فيها وتحويلها ، هو المنبع الاساسي لخلق الثروة وتحقيق التنمية والتقدم . مما يعني ان المجتمعات التي تحسن استغلال ثرواتها البشرية الكاملة من رجال ونساء وقدراتهما الذهنية ومواكبة ركب تطور العلم والمعرفة في العالم ستكون تلك المجتمعات هي الناجحة والتي ستكون مثالا يحتذى به للمستقبل .
وعلى هذا الاساس لايحق للمجتمعات ان تبقي نصف ثروتها البشرية المتمثلة في المراة مجمدة ومشلولة فان ذلك يكلفها خسائر فادحة على مستويات عدة وخاصة على مستوى تنميتها الاقتصادية وازدهارها العلمي والمعرفي وتقدمها على جميع المستويات ، ويفوت عليها فرصا عدة في هذا المجال .
وهذا الشلل النصفي لايتوقف ضرره على المراة فحسب بل يتعداه الى النصف الاخر فالرجل اذا كان الى جانبه امراة جاهلة مجمدة الطاقات ومحجمة الشخصية ومعدومة الحضور والاعتبار في المجتمع سيكون هذا الرجل متاثر سلبا وينشد الى الخلف والاسفل .
اما اذا كانت الى جانبه امراة متعلمة وواعية ومتحررة الطاقات وفاعلة في المجتمع يكون هو أحسن عطاء وارفع جدوى .
لذا فان مسالة تحرير المراة هي مسالة جوهرية في هذا الزمان وملحة جدا . وذلك لاعتبارات من منطلق مبدأي ، لان ذلك من حقها الطبيعي والشرعي وليس هو منة ولاهبة من احد ، وهو مطلوب ايضا لاجل تحقيق العدل بين الجنسين . اذ ليس هناك مايميز بين الرجل والمراة من ناحية ضرورة الفعل في المجتمع . وفي عصرنا مطلوب تحقيق هذه العدالة لاجل المصلحة الجماعية للمجتمع ولاجل تحقيق التقدم والرقي على كافة المستويات والامر مطلوب لتصل المراة الى امكانية تحقيق ذاتها والتاكيد على انسانيتها ولترتقي قيمتها في المجتمع وتعمل على تنمية مواهبها وقدراتها وهي ايضا مسؤولة كما الرجل عن تحقيق الرقي والتقدم في حياة المجتمع . فسيكون وضعا جائرا ان يبقى كل شيء جائزا للرجل بحرية بينما يتم تحريم المراة من تحقيق ذاتها ولعب دورها الرئيسي في تطوير المجتمع وتقدمه . وهذا يمثل الظلم القائم الذي يجب ان تتحرر منه المراة .
طبعا من الناحية التاريخية نرى انه تم تهميش واهمال المراة واضطهادها بشكل كامل ويبقى الشيء المسيطر على اذهان الناس ان المراة عليها ان تكون خادمة للرجل وليفعل بها مايشاء . ويعود سبب ذلك الى اسباب عديدة نوجز اهمها او الرئيسية منها
1- الجانب الغريزي الذي يسعى الى تحقيق الغلبة والتفوق من قبل الرجل . فبالرغم من ميزة الانسان التي يختلف بها عن الحيوانات الا وهي العقل وقدرته على التفكير والابداع الا ان الانسان اذا لم يرتق مستوى عقله الى موضوع قيمي قادر على تحقيق السيطرة على غرائزه الفطرية التي تكون في صراع داخله حينها اذا تغلبت عليه غرائزه ستكون الهاوية والسقوط الى المستوى الحيواني ذلك ان الحيوان لايحكمه الا الغريزة والحس . وهنا نرى انه عند الانسان كلما تقلص دور العقل وتضخم الجانب الغرائزي لديه بسبب الجهل والجمود وضيق الافق وهذا خطير بالنسبة للحياة الانسانية الاجتماعية .
وغالبا ما يكون الرجل عاجزا امام المؤثرات الخارجية ضمن المجتمع وهكذا بسبب جهله وتخلفه وتوحشه يسلط غريزة حب التغلب والتفوق على المراة في محيطه . ربما بسبب تفوقه الفسيولوجي ولاسباب اخرى لم يجد الرجل عبر العصور افضل من المراة يتخذها كضحية يسلط عليها دوافع حب التفوق الكامنة لديه .
2- الجهل الموجود في المجتمع عموما وعند المراة خصوصا له دور سلبي على واقع المجتمع والمراة ، فالجهل يحرم الانسان من استغلال قدراته الذهنية ويحول بينه وبين تحقيق قيمة انسانيته . فالجهل يعطل العقل من القيام بمهمته . والجهل اشد ضررا للمراة ولانه يضر بالرجل ايضا . فانت ترى الرجل نتيجة جهله وتوحشه يقوم بانكار ما حققت له المراة في تربية وتهيئة ظروف الحياة من اول يوم من ولادته الى ان يصبح قادرا على الحياة وحده. ويقول حين يكبر ان المراة مخلوق دونه في القيمة والكرامة . وحين يولد له ذكر يقيم الافراح اما حين تولد له انثى فيحزن وفي بعض العصور وصل بهم الحد الى وأد البنات . ان ظلم الرجل وصل الى هذا الحد وان هذا يصور لنا الامور واضحة ولاحاجة لسرد الكثير وتعداد مظالم الرجل .
والحال هذه فان التحرر من الغرائز او تربيتها من جهة والتحرر من التخلف الاجتماعي والجهل العظيم المترسخ في اشكال عديدة ضمن حياة مجتمعنا تدفعها بقوة اكثر الى تحقيق نهضة علمية وتنويرية ضمن المجتمع ومسؤولية هذا بالدرجة الاولى يقع على المراة لان دوافع التغيير وتحقيق الذات يتطلب ان تكون داخلية ومن الواضح جدا ان المراة تبحث عبر التاريخ الطويل للبشرية الى فرصة جديدة بعد ان سلبت منها حريتها لتحقيق ذاتها ونيل حريتها وبناء مجتمعها الذي يتلاءم مع خصائصها الاجتماعية التي تعتمد على العدل . وحين تصبح المراة في مستوى من المشاركة القوية في انشاء المجتمع على اسس جديدة حينها يمكن للمجتمع ان ينعم بقيم الحرية والجمال الانسانية ولهذا نقول اخيرا ان حرية المراة تساوي بشكل لايقبل الشك حرية المجتمع وهما امر واحد لا يختلفان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممرضة مصرية تعالج الأطفال القادمين من غزة تنهار في البكاء


.. عالمة الآثار المصرية د. مونيكا حنا: استرجاع الآثار المصرية س




.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم