الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرة أدلة على قُبح وفساد ضرب الزوجات

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

2022 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أولا: أنها جريمة ضد الحضارة التي ساوت بين الذكر والأنثى في الحقوق، وتشريع الضرب يعني تشريع الاعتداء من مواطن على مواطن آخر بدعوى أن دينه يأمره بذلك، كما أن مسلما ادعى لنفسه أحقية ضرب المسيحي والتضييق عليه في الطريق لأن دينه يأمره بذلك..وهو سلوك مرفوض قانونيا ودستوريا لتضمن دساتير معظم دول المسلمين والعرب بند (المواطنة) مما يعني أن القائلين بضرب الزوجات يخالفون دستور دولهم بشكل أولي..

ثانيا: الضرب في القرآن كان حلا تاريخيا للعرب الذين لا يعرفون سوى الضرب فنزل النص ليكون آخر الحلول، ومعنى أنه آخر الحلول لمجتمع همجي يعني وجود (حكم ضمني) في القرآن بكراهية ومنع ضرب الإناث، فكان تدريب المسلم على التدرج (عظة - هجر - ضرب) هو دفعه للإقلاع عن تلك الجريمة..وقد شرحت الأدلة على ذلك من التراث في مقالي المنشور بيونيو عام 2019 بعنوان "حكم ضرب الزوجات في الإسلام"

والمقال من هنا...https://bit.ly/3J2168v

ثالثا: الفقهاء لم يقبلوا تحرير العبيد وقتما حدث ذلك في القرن 19 بدعوى أن الدين ونصوص السنة الحاكمة على القرآن تمنع هروب العبد الآبق، لكنهم اضطروا لتأييد حرية العبيد لاحقا بعدما صار واقعا معاشا وسلطة الأمر الواقع، وهذا يعني أن الفقهاء القائلين بالضرب الآن سيلعنهم التاريخ والمستقبل وتُنظر لفتاويهم كجرائم ضد الإنسانية إذا أقرت الدول تشريعات حاسمة لمنع ضرب الزوجات وتشديد العقوبات الرادعة للعنف المنزلي..ولنا ما حدث في قضية ختان الإناث دليل..

رابعا: القول بجواز الضرب هو تشريع للعنف بالأساس وتدريب المسلم على اعتياد العنف والتعالي ضد الضعفاء بالعموم..ونظرة فاحصة لتاريخ المسلمين بالماضي والحاضر سيرى أن كوارثهم وحروبهم وعنفهم الدموي طوال التاريخ هو نتيجة طبيعية (لاعتياد العنف نفسيا) والتعامل معه كشئ طبيعي ، بينما الإنسان السوي يتجنب العنف مطلقا ويكره ملاقاته والشعور به في المجمل..

خامسا: القول بأن الضرب يكون عن طريق السواك أو فرشاة الأسنان هو خَطَل وشَطَح..فمجرد رفع الأيدي هو إهانة، بينما الله قد ساوى بين الزوجين وجعل المودة والسكن والرحمة أصلا بقوله تعالى.." ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "..[الروم : 21] والفقهاء الذين قالوا بالسواك تقليدا فعلوا ذلك لتعطّل عقولهم واستسلامهم التام لشيوخهم وأئمتهم دون وعي أو التفكير في منطقية ما ورثوه..

سادسا: القول بأن الضرب لا يكسر عظما ولا يقطع لحما ولا يكسر سنا هو أيضا خَطَل وشَطَح واستهبال، فالضارب هو إنسان غاضب بالأساس لا يحكم أفعاله..فإذا كانت نسبة من يحكم 10% فلدينا 90% من الضاربين لا يحكمون مما يؤدي لجرائم قتل أسرية شائعة في مجتمعات المسلمين لهذا السبب، لهذا قلت أن ضرب الزوجات جريمة وتشريعه الآن في القرن 21 يساوي تشريع ضرب المسلم لمسيحي أو السني لشيعي..والعكس، ما دامت نصوص الدين تسمح لهذا المجرم أن يضرب ويعتدي وفقا لتصوره وادعاءاته..

سابعا: الفقهاء الذين قالوا بشروط الضرب السابق ذكرها لا يدركون أن هناك أنواعا كثيرة من الضرب تحدث هي (قاتلة) ومع ذلك لا تكسر عظما ولا تقطع لحما ولا تكسر سنا..فكم من ضرب زوجته على رأسها دون كسر في الجمجمة لكن حدث لها نزيفا في المخ وماتت، وكم من ضرب زوجته في الأمعاء والبطن فأدى ذلك لتهتك أعضاءها الداخلية أو انفجار بالشرايين والأوردة لتموت أيضا، وكمّ من عذب زوجته بحبسها وربطها لتموت، وكان من الأولى أن يُسن الفقهاء قوانين وعقوبات على الأزواج الضاربين إذا حدث تجاوزا لما شرطوه..وهذا لم يحدث في الفقه، فلم يخطر ببال فقيه وشيخ يخرج يتباهى ويفتخر بضرب الزوجات أن يكتب فصلا في الحدود والتعزيرات على الزوج الضارب إذا كسر عظما أو قطع لحما..لكنهم لم يفعلوا ذلك وتركوا الباب مفتوحا للضرب دون عقاب..

ثامنا: ترك الفقهاء ضرب الزوجات دون عقاب إذا أخلّ بشروطهم هو عن عقيدة مسبقة تقول (بعلوّ الزوج) و (تفوق الذكر بشكل عام) والقضية لديهم نفسية..فمثلما أباحوا للسيد ضرب عبيده إذا نشزوا أو أبَقوا أباحوا أيضا للزوج ضرب زوجته إذا نشزت ..وهذا دليل على أن الضرب بهذا الشكل الذي يشرحه الفقهاء هو من بقايا العبودية في الماضي، فإذا غادرنا زمن العبودية حتى صار ماضيا قبيحا لكن الفقهاء لم يغادروا هذا الزمن بعد..

ويمكن القول أن تبرير الفقهاء للضرب بالسواك وعدم كسر العظم هو (جمباز فقهي) فعله المشايخ لفقرهم المعرفي الحاد ، فأدنى ضرب سوف يحدث كدمات وسحجات وجروح وإذا لم يحدث فلن يتحقق الردع فلما الضرب إذن؟؟..وعلى شيوخ الجمباز أن يحلوا هذه المعضلة..ومن ينشغل بكيفية الضرب وعدد الضربات واللكمات ومدى شدتهم الأولى أن يعمل بحلبة مصارعة لا أن يفتي في الدين الذي أنزله الله لصالح البشرية..

تاسعا: لم يسبق للنبي أن ضرب أحد من زوجاته ولم يُروى عن كبار الصحابة وآل البيت فعل ذلك، والأمر بالضرب يخلو تماما من التطبيق العملي، بل النصوص كثيرة جدا على كراهية ذلك في التاريخ..لكن علم الاجتماع يثبت بأن شيوع الذكورية والتعصب لها هو الذي يأتي بالعنف ضد النساء، مما يعني أن المجتمعات الأكثر ذكورية هي أكثرهم ضربا للزوجات والبنات والأمهات، وأشهر تطبيقات ذلك عرفت بما تسمى (جرائم الشرف) وهي جرائم ذكورية تحدث ضد النساء في المجتمعات الأقل وعيا بالتطور الحضاري، فهم لا يقتلون الذكر بالغالب لكن يقتلون الأنثى إذا أخطأت أو بالشبهة.

عاشرا وأخيرا: آيات قرآنية كثيرة تساوي بين الذكر والأنثى في العمل والتكليف، قال تعالى " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض " [آل عمران : 195]
"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا" [النساء : 124]
"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" [النحل : 97]
"من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب" [غافر : 40]
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير [الحجرات : 13]
"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين" [الأنبياء : 47]
"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا [النساء : 35]

فالعمل الصالح لا يعرف الجنس والنوع..الكل سواء، وفي الآخرة لا ظلم على نفس بما كسبت..وهذا تساوي في العمل والمصير مما يستوجب تساويا أيضا في الحقوق والحلول الاجتماعية للمشكلات، ويثبت أن آية الضرب لها سياق تاريخي يُفهم من خلاله ومجتمع تاريخي عربي صحراوي يجب أن نفهمه، وكلا السياقين زالا بزوال الزمن وما يتعلق به من ثقافة وظروف اجتماعية قبل 1400 عام، ومن يعترض على هذا التفسير من الفقهاء فعليه أن يفسر لماذا تركوا العمل بالعبودية رغم ذكرها في القرآن والأمر بها في الأحاديث الصحيحة..!!

أختم بحكاية لطيفة: حيث في مصر بزمن المحاكم الشرعية كان القاضي يحكم بوجوب ذهاب الزوجة لبيت الطاعة، فكانت الشرطة تذهب لمنزل الزوجة لتجبرها على العودة إلى منزلها بالقوة لكي يعاشرها الزوج، فكانت بعض الأسر تتحايل على هذا الوضع بتهريب الزوجة وعدم الرضوخ للزوج المستأسد بالشرطة..كان هذا في زمن ما قبل (الخُلع) لكن بعد إقرار أحقية خُلع الزوجة صار بيت الطاعة بلا معنى وذهاب الشرطة للزوجة كي تعود لمنزلها أمرا مُضحكا، برغم أن القرآن قال بوضوح "فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه" [البقرة : 231]

لكن الشيوخ صمتوا عن هذه الآية وتمسكوا بآيتي القوامة والضرب، مما يعني أن رغبتهم في قهر الأنثى لا علاقة لها بدين ولا أخلاق..بل يستخرجون من النصوص ما يؤيد رغبتهم وكفى دون النظر في عدالة وأخلاقية ومنطقية ما يفعلوه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قرأن جديد
على سالم ( 2022 / 2 / 2 - 20:37 )
ايه ده ياعم الحاج ؟ هو انت كفرت بكلام القرأن ؟ هو انت عاوز تألف قرأن جديد على مزاجك ؟


2 - ملخص بحث لي قديم
ابو ازهر الشامي ( 2022 / 2 / 3 - 00:12 )
1
لم يصح عن النبي ضرب اي زوجة له او اي امرأة وهذا ثابت بحديث في صحيح مسلم على لسان السيدة عائشة
وقد ادعى البعض انه ضرب السيدة عائشة او لهزها او لهدها وهو حديث في صحيح مسلم وهي دعوى مضللة
لان كلمة اللهز كلمة مطاطة تحتمل اكثر من معنى
من الضرب الخفيف
ومنها الدفع والضغط وليس الضرب
وفي النهاية السيدة عائشة نفت ان يكون ضرب اي امرأة في حياته فيكون معنى اللهز هو الدفع او الضغط وليس الضرب
2
في حديث اخر قال ان الضرب يكون اذا اتت المرأة الفاحشة ضرب غير مبرح
وقد فسر العلماء الضرب غير المبرح اي لا يترك اثر جسدي ولا معنوي
3
الضرب بالسواك او منديل هو تفسير الصحابة للضرب
فقد صح عن ابن عباس عندما قرأ الاية قوله ان الضرب يكون بالسواك
4
حديث لا يسأل الشخص في ما ضرب اهله حديث ضعيف
وحديث علقوا السوط حيث يراه اهل البيت ضعيف ايضا رغم تصحيح الالباني
5
توسع فقهاء وقالوا بان الضرب يكون اذا امتنعت المرأة عن فراش الزوجية
قلت الحديث واضح وصريح انه في حالة الفاحشة فهذا ما عرفه