الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكارٌ بسيطةٌ حول الأخلاق والسياسة..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2022 / 2 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


----------------------------------
لا شك أنّ التفكير في الإشكالية المُتمثلة في العلاقة بين الاخلاق والسياسة ليست جديدة .
وقد سعى - منذ أمد بعيد - مُفكرون وفلاسفة كُثر، إلى حلّ تلك الاشكالية المُزمنة ، حول التعارض الصارخ، بين الحقيقة السياسية والحقيقة الأحلاقية.
ثم نادى كثيرٌ منهم - ومازالوا - بتأسيس قيم متجانسة، يكون فيها المرتكز الأخلاقي أساساً للفعل السياسي .
بالنسبة لي، اعتقد -غير جازم- ، أنّ الفرق واضح بين الحقيقة السياسية والحقيقة الثقافية ..
الحقيقة ثقافياً ، تكون فيها الموضوعية في أعلى درجاتها،
إذ لا يمكن للمثقف -مثلاً - تبرير إجرام أية جهة أوالدفاع عنها ، مهما كانت مُقدَّسة..
والتبرير لجريمة صاخبة ومُفجعة، كـ( حرق الناس بالأفران الغاز -الهولوكست- فقط بسبب معتقدهم أو تفجير مسجدا مليئ بالمصلين أو حرق كنيسة أو أو ..).
هو أمرٌ لا أخلاقي أولاً ، و لا يَجوز بأيَّ شكلٍ من الأشكال، سواء بهمزٍ أو لمزٍ أو حتى بتساؤلٍ خبيث أو ساذج، بحجة وقوع جريمة أخرى، قد تفوقها في الإجرام لكنها أقل صخباً ..
وإنْ حدث هذا التبرير، أو التقليل منْ شأن وهول أيّة جريمة بحق الإنسانية، فإنما هو - في تقديري - خللٌ قيميٌ كبيرٌ، و نقصٌ مريعٌ في الحس الانساني، و عهرٌ أخلاقي فاضح، بل و دليلٌ جليٌ ، على وجود غباء شديد، وعتهٌ عقلي لشرٍ مستترٍ وقديمٍ في نفوس البعض ..
بكلماتٍ أُخْرى : الإجرام لا يمكن أن يُبرر بالمقارنة مع جريمة أخرى ، أو بالحديث عن إجرام أقل أو أكثر ..
لأنّ القيم الاخلاقية ببساطة، ليست مسألة كمّية على الاطلاق .
كما ويَحق - في عالم الثقافة - للعقل الشاك النقد والإنتقاد ، والهجوم بالتمحيص والتفنيد والرد على أيّة شبهة باطل أو شرٍ، مهما علا شأنُ فاعِله، تقدّستْ مكانته ، أو تنزَّهت مَنزلته بين الناس..
كل ذلك لإيثار القيم الأخلاقية، وجَعْلِها تتقدّم على المصالح والمنافع الشخصية والعامة.
لأنّ القيم الأخلاقية في رياض الثقافة هي غاية.
أمَّا الحقيقة سياسياً، فلا يَحِقُ للأخلاق فيها أنْ تُقرِّرَ ، ولا يُسْمَح للمبادئ أصلاً أن تَسْتَبد أو تَسودَ ..لأن الفعل السياسي يقوم في جوهره على إعمال العقل في شؤون الواقع بفنٍ وحنكة.
ولهذا كثيرا ما نجد في ممارسات السياسة والسياسيين، أفعالا وسلوكيات غريبة نوعاً ما، بالنسبة للانسان المثالي الأخلاقي .
إذ يَجوز لك في دنى السياسة مثلاً ، أنْ تُعارض أمراً ، وتسوس النضال ضد انتفائه تماماً،
بل و قد تكون أنتَ بالذات ، أحد الساسة الفاعلين في إيجاده أصلاً .. والدفاع عنهُ ..
أو الإدعاء بكراهيته، و حتى تصدر جهود الترويج لمحاربته ..
وذلك فقط لاعتبار المصالح والمنافع، وجعلها تتقدّم على القيم .
.كل ذلك يحدث، لأن القيم في عالم السياسة مُجرد وسيلة.
وسيلة لغايات أخرى ..
وأمّا الإجابة عمّا إذا كان الفعل السياسي في مشرقنا هو عينُ العقل أم لا ..
فأجيب بجهلي الصارخ، وبما حضر في ذهني عرضاً من قول رهين المحبسين أبو العلاء المعري :
يسوسونَ الأُمورَ بِغَيرِ عَقلٍ فَيَنفُذُ أَمرُهُم وَيُقالُ سـاسَـه
فَـأُفَّ مِـنَ الحَياةِ.. وَأُفَّ مِنّي.. وَمِن زَمَنٍ رِئاسَتُهُ خَساسَه
.
للحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص