الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التواصل الحضاري الكردي المصري

دلشاد مراد
كاتب وصحفي

2022 / 2 / 6
القضية الكردية


للشعوب الأصيلة في الشرق الأوسط من الكرد والعرب والسريان وغيرهم إرث تاريخي من العلاقات والتواصل والاحتكاك الحضاري، ويمتد ذلك إلى آلاف السنين، وقد فرضت عليهم العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية ذلك الاحتكاك والتواصل. والحق يقال بأن الكرد ساهموا بقوة في النهضة العربية في مختلف العصور، وكان لهم دور وطني بارز في تاريخ سوريا ومصر والعراق وغيرها من الكيانات العربية. مع الإشارة إلى أن ذاك الدور المشرف للكرد قد لاقى ممارسات غير لائقة "قمع وتعريب" من جانب نظم ودول عربية والأوساط المرتبطة بها في فترات تاريخية مختلفة.
يعود تاريخ الاحتكاك الحضاري الكردي المصري إلى الحقبة الفرعونية (في مصر) والميتانية (في كردستان وسوريا) في الألف الثاني قبل الميلاد، وحينذاك أقيمت مصاهرة بينهم لثلاث أجيال عل الأقل وحتى انهيار الإمبراطورية الميتانية، ولعل من أشهرها زواج الأميرة الكردية "نفرتيتي" من الملك الفرعوني امنحوتب الرابع "أخناتون"، حيث كان لها دور بارز في حملة توطيد الثورة الدينية التوحيدية في مصر، وحملت لقب أقوى النساء في عهد الفراعنة المصريين. وجرى الاحتكاك الحضاري الثاني في عهد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي وحد شعوب المنطقة في مواجهة الحملات الصليبية وحافظ على حضارة وثقافة الشرق الأوسط من الغزو الخارجي بينها الثقافة والحضارة المصرية، وقد أقام في عهده العديد من العائلات الكردية في مصر والسودان. فيما الاحتكاك الثالث فكان من خلال أسرة "محمد علي باشا" وهو من عائلة من آمد (ديار بكر) في كردستان كانت قد فرت من القمع التركي العثماني إلى منطقة البلقان. وبدءً من أواخر القرن التاسع عشر ظهرت شخصيات من أصول كردية ساهمت بدور كبير في النهضة الثقافية والاجتماعية في مصر، من بينهم الإمام محمد عبدو، الأديب عباس محمود العقاد، الأديب محمود تيمور، المفكر قاسم أمين، المخرجان السينمائيين أحمد وعلي بدرخان، والفنانين عمر خورشيد ومحمود المليجي وصلاح السعدني وسعاد حسني.. الخ.
وبالمقابل كانت مصر ملجأ أفراد من العائلة البدرخانية الذين تعرضوا للملاحقة التركية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر، ومن القاهرة أصدر مقداد مدحت بدرخان أول صحيفة كردية باسم "كردستان" في عام 1898م.
ودون الدخول في تفاصيل العلاقات الكردية المصرية أو الكردية العربية في القرن العشرين من النواحي السياسية والثقافية إلا أن الإرث التاريخي لتلك العلاقات تفرض على الشعبين تعزيز علاقاتهما إلى مستوى استراتيجي وخاصة وسط مداخلات توسعية من الخارج تستهدف الشعبين معاً وخاصة التوسع التركي الذي يستهدف السيطرة على القرار الإسلامي والعربي وزعزعة الأمن في البلاد العربية من خلال إحداث الفتن والصراعات في المجتمعات العربية وتقوم بحملات إبادية لثقافات الشعوب الأصيلة في المنطقة، فالأمن القومي العربي مرتبط بالأمن القومي للكرد والسريان والأرمن والعكس صحيح..
ويبدو أن الوسط الثقافي المصري غير الرسمي بدأ الاهتمام بالقضية الكردية، ووصل إلى قناعة بضرورة بناء جسور للتواصل الثقافي الكردي – المصري للوصول إلى تحقيق علاقات استراتيجية بين الشعبين المرتبطين مع بعضهما حيث التاريخ العريق المشترك وتعرضهما لتحديات وأخطار واحدة في الوقت الراهن.
ومن هذا المبدأ أسس مثقفون مصريون مركز "القاهرة للدراسات الكردية" في 2013م هدفها التعريف بالشعب الكردي وتصحيح المغالطات بالهوية والتاريخ والثقافة الكردية، كما تأسس دار نشر "نفرتيتي" في نهاية 2019م متخصص بالقضية الكردية ونشر نتاجات كتاب الكرد في مصر، ويشارك دار نفرتيتي في فعاليات الدورة الـ 53 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب والذي انطلق يوم 26 كانون الثاني ويستمر لغاية 6 شباط بمجموعة من مؤلفات أدبية وفكرية لكتاب كرد ومصريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا