الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحكمة الادارية العليا... ومفهوم طاعة الرؤساء

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2022 / 2 / 6
دراسات وابحاث قانونية


اصدرت المحكمة الادارية العليا قرارها المرقم (1930/2021) في 2/6/2021 في قضية تتخلص وقائعها بقيام الرئيس الاداري باصدار امر شفوي لمدير الادارة القانونية التابعه اداريا له بابطال احد الدعاوى بالاستناد الى كتاب صادر من القسم الهندسي ، وترتب على هذا الابطال اثار سلبية دعت الرئيس الاداري الى القاء اللوم والذنب الاداري على مدير هذه الدائرة من خلال توجيه عقوبه الانذار له ، وقد بادر هذا الاخير بالاعتراض امام محكمة قضاء الموظفين ودفع بصدور امر شفوي بأبطال هذه الدعوى من رئيسه الاداري والتي قضت بالغاء العقوبه وقد طعن وكيل المعترض عليه امام المحكمة الادارية العليا طالباً نقضه للاسباب الواردة فيه ، وقد اصدرت المحكمة الادارية العليا قرارها اعلاه بنقض الحكم للاسباب الواردة فيه ، ولنا على القرار المذكور الملاحظات الاتية :
1. يعد هذا القرار من القرارات النوعية للمحكمة الادارية العليا لانه اكد على مبدأ ان طاعة الرئيس الاداري غير مطلقه في كل الاحوال وانما مقيدة في حدود القانون والانظمة والتعليمات حيث جاء في حيثياته ( ... لاحظت المحكمة الادارية العليا ان المعترض كان مديراً للدائرة القانونية في دائرة المدعى عليه اضافة لوظيفته وانه امر بابطال دعوى استناداًالى توجيه شفوي من رئيس الجامعه بناء على كتاب من قسم الشؤون الهندسيه ، وحيث ان واجب اطاعة الرؤساء ليس واجباً مطلقاً وان المعترض بصفته مديراً للقانونية ان يشعر رئيس الجامعه بالاثار المترتبةعلى ابطال الدعوى ، استناداً الى نص البند (ثالثاً) من المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 التي تنص ان يلتزم الموظف بواجب ( احترام رؤسائه والتزام الادب واللياقه في مخاطبتهم واطاعه اوامرهم المتعلقه بأداء واجباته في حدود ماتقضي به القوانين والانظمة والتعليمات ، فاذا كان في هذه الاوامر مخالفة فعلى الموظف ان يبين لرئيسه كتابه وجه تلك المخالفه ولا يلتزم بتنفيذ تلك الاوامر الا اذا اكدها رئيسه كتابه وعندئذ يكون الرئيس هو المسؤول عنها ) ، وحيث ان المعترض لم يلتزم بالواجب المذكور فقد وضع نفسه تحت طائلة المسؤولية ، وحيث ان محكمة قضاء الموظفين اصدرت قرارها المميز دون ملاحظة ما تقدم ، مما يجعل الحكم المميز قد جانب الصواب ، لذا تقرر نقضه واعادة الدعوى الى المحكمة المذكورة للسير فيها واصدار القرار في ضوء ماتقدم ....).
2. ان مبدأ طاعة الرؤساء وتنفيذ اوامرهم هو مبدأ مستقر في التشريع العراقي ، ويستمد اساسه من طبيعه النظام الرئاسي في الوظيفه العامة ، الا ان هذا المبدأ مقيد بوجوب صدور الاوامر من الرئيس الاداري وفقاً للقوانين والانظمة والتعليمات وبخلاف ذلك لايكون الموظف المختص ملزماً بتنفيذ هذه الاوامر وعليه الالتزام باطلاع ومكاشفه رئيسه الاداري برأية القانوني او الفني او الحسابي ويبين له بصوره واضحة وصريحة بما تقبل الشك والتاؤيل الاثار المترتبة على قرار الرئيس الاداري واشترط القانون ان يتم ذلك كتابة ، فأن اصر الرئيس على رأيه فهو من يتحمل مسؤولية قراره انضباطياً و جزائياً و مدنياً ، الا ان بعض الرؤساء الاداريين يتعمد اصدار اوامر شفوية لمرؤسيهم او يمتنع عن تاشير المطالعات المرفوعه اليه والبت فيها ، ويتم الضغط على المرؤسين لتنفيذ هذه الاوامر بطرق غير مشروعه من خلال الاضرار بالموظف المختص كمنع الاجازة عنه اورفع المخصصات عنه او نقله او احالته الى لجان تحقيقية مفتعلة ، دون ان يكون له اي هامش او امر مكتوب ، وبالرغم من اعتراف الفقه والقضاء بالقرار الاداري الشفوي ، وان المشرع لم يشترط صدوره مكتوباً الا ان العرف الاداري استقر على الشكل المكتوب لسهولة اثباته وتحديد مسؤولية من اصدره والتعرف على غايه مصدره ان كانت تتعلق بالصالح العام او لغايات منبته الصله بالصالح العام ، وكنا نتمنى من المحكمة الادارية العليا ان تؤسس مبدأ جديداً يلزم الرئيس الاداري بالاجابة كتابة على مايرفع اليه من مرؤسيه لان تطبيق البند (ثالثاً) من المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل يتطلب اجابه تحريرية من الرئيس الاداري اما بالعدول عن قراره او الاصرار عليه ، لان المشرع اوجب على الموظف المختص اطلاع رئيسه كتابة ولم يلزم الرئيس بالاجابة كتابه وهذا قصور تشريعي يجب تلافيه لانه يخل بفاعلية النص في حماية الموظف من سلطه رئيسه الاداري الرئاسية وهنا يتعزز دور القضاء الاداري الانشائي .
3. اغفل المشرع تحديد موانع المسؤولية الادارية و اسباب الاباحة في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل ، وهنا كان على المحكمة الادارية العليا ان تبين طبيعه الاثر المترتب على استيفاء الموظف المختص لمتطلبات تطبيق البند (ثالثاً) من المادة (4) من القانون المذكور فهل يعد فعل الموظف المختص بتنفيذ قرار الرئيس الاداري المخالف للقانون بعد اطلاعه على الاثار المترتبه عليه تحريرياً مانع من موانع المسؤولية ام سبباً من اسباب الاباحة ، ولاسيما ان قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل نص في المادة (40/ ثانياً) منه على اباحة فعل الموظف او المكلف بخدمة اذا وقع الفعل منه تنفيذاً لامر صادر اليه من رئيس تجب عليه طاعته او اعتقد ان طاعته واجب عليه ، على ان يثبت ان مشروعية الفعل كان مبنياً على اسباب معقولة وبعد اتخاذ الحيطه المناسبة ولا عقاب اذا القانون لايسمح للموظف بمناقشه الامر الصادر اليه ، ام يعد ضغط الرئيس الاداري لتنفيذ امره الشفوي مانعاً للمسؤولية الانضباطية كما قررت ذلك المادة (62) من قانون العقوبات سابقه الذكر التي نصت على ( لا يسأل جزائياً من اكرهته على ارتكاب الجريمة قوة مادية او معنوية لم يستطع دفعها ) ، كتهديد الموظف بالقوة او المسلحة بالقتل او الخطف ، او ممارسة الرئيس الاداري ضغطاً معنوياً كالتهديد بالعزل او احالته للمحاكم الجزائية والمساس بنزاهته وسمعته الوظيفيه ، طبعاً مع اخذ النظر بالفرق بين المسؤولية الانضباطية والمسؤولية الجزائية للموظف العام .
لما تقدم ندعو المحكمة الادارية العليا الى تعزيز مبدأ وجوب اجابة الرئيس الاداري كتابه على مايرفع اليه من الموظفين المختصين كشرط لتطبيق البند (ثالثاً) من المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة مع بيان الاثر القانوني المترتب على تطبيق النص المذكور ...والله ولي التوفيق .
د.احمد طلال عبد الحميد البدري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرس جماعي بين خيام النازحين في خان يونس


.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما




.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع


.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و




.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا