الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياسر رزق … وسنوات الخماسين

فاطمة ناعوت

2022 / 2 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ياسر رزق. بوسعك اعتبار العبارة السابقة جملةً مفيدة كاملةَ المعنى وافيةَ الدلالة. فهذا الاسمُ الطيبُ مجرّدًا: يحملُ ألقابَه وتاريخَه ومواقفه الوطنية التي يعرفها كلُّ مَن قرأ له، وكل مَن زامله في بلاط الصحافة، وكل مَن اقترب منه إنسانًا نظيفًا نبيلَ القلب، عفَّ اللسان، نقيّ الروح، باشّ الوجه. أحد أنبل فرسان الصحافة الذين يصعبُ الكتابة عنهم في سطور. يحملُ قلمًا جسورًا ونظيفًا لم يعرف التحيّز إلا للحق، ولا الانحياز إلا للوطن، على مدى عقود أربعة عمل خلالها في بلاط جريدة "الأخبار" محررًا عسكريًّا، ثم مندوب الجريدة برئاسة الجمهورية ثم رئيسًا للتحرير. وحظينا به رئيسًا لتحرير "المصري اليوم" خمسة عشر شهرًا في عهد الإخوان بعدما أطاح به النظامُ الإخواني من مؤسسة "الأخبار" إثرَ مقالاته النارية ضد الإخوان ومرشد الجماعة، إذ قال في عزّ حكم "محمد مرسي”: “مقعدُ رئيس الجمهورية مازال شاغرًا". لهذا كان رحيلُ هذا القلم الجسور يوم 26 يناير 2022 حزنًا موجعًا لكل شرفاء هذا الوطن. في مراسم توديعه بمسجد المشير الأسبوع الماضي، ظلّت الحشودُ تتوافد على مدى ساعات لتقديم واجب العزاء لمصر ولزوجته الجميلة الكاتبة والإعلامية "أماني ضرغام" التي عانقتُها وقلتُ لها إن لياسر أيادى بيضاءَ عليَّ وعلى جميع من عرفه شخصيًّا، وكذلك على من لم يعرفه إلا من خلال مقالاته الوطنية الجسورة. أول أمس عقد "معرض القاهرة الدولي للكتاب" ندوة حاشدة للاحتفاء بالمسيرة الوطنية والمهنية المحترمة للكاتب الصحفي "ياسر رزق”، أدارها أستاذ الإعلام د. سامي عبد العزيز" وتحدث فيها وزير الخارجية الأسبق السفير "محمد العرابي"، والمفكر "أحمد الجمال"، وصديق عمره الكاتب الصحفي "عماد الدين حسين"، وحرصت على الحضور وزيرة الثقافة الفنانة "إيناس عبد الدايم"، والعديد من أساتذته وتلاميذه وأصدقائه الذين قدّموا شهاداتهم حول "ياسر رزق"، الصحفي والمناضل والإنسان. في لحظة الوقوف حدادًا على صديقنا النبيل، خانتنا دموعُ عدم التصديق أننا نحتشدُ على شرف كتابه الجديد، وقد غاب عنّا. "سنوات الخماسين، بين يناير الغضب ويونيو الخلاص" عنوان الكتاب القيّم الذي كتبه "ياسر رزق" بقلم موضوعي رصين رصدت صفحاتُه بالوثائق والدلائل والصور والشهادات الحية لحظاتِ كفاح الشعب المصري وبسالة جيشنا منذ ثورة 25 يناير 2011 ، التي قفزت عليها جماعة الإخوان لتحتلَّ الوطن، وحتى لحظة استعادة مصرنا من أنياب الجماعة في ثورة 30 يونيو 2013 المجيدة، والبدء في بناء الجمهورية الجديدة التي تتشكّل اليوم لتضع مصرَ في مصافَ دول العالم الكبرى كما يليق باسمها العريق. وأعلنت وزيرة الثقافة عن مشروع ترجمة الكتاب بعد صدور أجزائه الثلاثة إلى الإنجليزية؛ لكي يعرف العالمُ حقائقَ ثورتنا الشعبية العظمى من المصادر الحقيقية الموثقة بشهادات صنّاع القرار، بعيدًا عن التضليل الإعلامي الذي صنعته أزرعُ الإخوان داخل مصر وخارجها. يقول "ياسر رزق" في تصدير الكتاب إنه ليس تأريخًا لتلك السنوات، بل قراءةٌ للحاضر الذي عشناه وصنعناه بأيدينا ودمائنا. ويُهدي كتابه إلى شعب عظيم لا يرضخ لظلم ولا ينحني لعاصفة ولا يركع إلا لرب العباد، وإلى الأجيال القادمة ليعرفوا قصة آبائهم في زمن عصيب وحكاية وطن في حقبة مفصلية، عساه يُنير طريقًا ويُعبّد دربًا نحو تشييد مجد الوطن. يضمُّ الكتابُ فصولا سبعة: تبدأ بوقائع سقوط "الجمهورية الأولى"، التي بدأت إرهاصاتُها عام 2010، ثم المرحلة الانتقالية الأولى وعواصفها، ثم "جمهورية السراب" التي دشنتها على أعمدة متهاوية جماعةُ الغدر الإخوانية ، ثم إرادة الشعب المصري العظيم التي أسقطت جمهورية الإخوان الكرتونية بحماية جيشنا الباسل، ثم هدية الله لمصر في هيئة "رجل الأقدار" الفريق "عبد الفتاح السيسي" وطريقه السياسى إلى قصر الاتحادية. ويضمُّ الكتاب بين دفّتيه عددًا من الملاحق المهمة، منها مقالات فى قلب العاصفة والنص الكامل لأول حوار مع الفريق "عبد الفتاح السيسى" الذي أجراه على صفحات جريدتنا "المصري اليوم" عام 2013، وتوثيق مصوّر لأخطر 1200 يومًا فى تاريخ مصر. هذا الكتاب الممتع هو الجزء الأول من "ثلاثية الجمهورية الثانية" التي تصدر تباعًا عن دار "أخبار اليوم" العريقة.
بمدادِ دموعه التي لم يستطع إخفاءها عنّا في ندوة معرض الكتاب، كتب "عادل دربالة" مدير تحرير جريدة "الأخبار" كلماتٍ موجعة، مخاطبًا “ياسر رزق: “يا ريّس: كلُّ شيء كان مميزًا بالأمس في حفل توقيع كتابك. كانت مظاهرة من كافة الطوائف في حبك، وكل شىء كان يبرهن على أن محبة الناس هي الكنزُ الحقيقي، لكننا مازلنا نعاتبك على هذا الرحيل المفجع لنا جميعًا. وحشتنا.”
رحمك اللهُ يا صديقي عزيزَ الصحافة "ياسر رزق".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 145-An-Nisa


.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال




.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟


.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى




.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت