الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزرقاوي، شيخ الذباحين، ومفجر الحرب الطائفية

نوفل شاكر

2022 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بدأ الاهتمام العاجل يدور في أروقة مبنى وكالة الاستخبارات الأميركية،حول ( أحمد فضيل نزال الخلاليلة) المعروف بأبي مصعب الزرقاوي في أعقاب 11 سبتمبر

نشأ الزرقاوي في مدينة الزرقاء في الأردن بالقرب من مخيم للاجئين الفلسطينيين، وعاش حياة الفقر والجريمة ودخل السجن مرات عديدة بتهم حيازة المخدرات والاعتداء الجن..س..ي.

بعد أن اشتد عوده في هذه المدينة التي لا يكاد يخلو شارع من شوارعها من مسجد، بدأ بنسج صداقات جديدة، أصدقاءه الجدد جلهم ينتمون إلى جماعات إسلامية مختلفة، فأصبح مسجد عبد الله بن عباس المجاور لبيته بيته الثاني، وبدأت أفكار الجهاد والاستشهاد تتنامى لديه.

ومع أن فلسطين كانت هي الأقرب وجدانياً وميدانياً لمعظم الأردنيين عامة، والزرقاوي خاصة، بحكم التركيبة الديموغرافية لسكان الأردن، إلا أنه فضل الذهاب إلى أفغانستان " للجهاد" متأثراً بالحملة الإعلامية الكبيرة في الثمانينيات التي انطلقت في الدول العربية ومنها الأردن لحث الشباب على الإلتحاق بأفغانستان، فكان الطريق إلى كابل هو الطريق الأقرب والوحيد المتاح في عمان.

وهكذا شد رحاله إلى هناك في نهاية الثمانينيات بعد استماعه إلى محاضرة ألقاها عبد الرسول سياف في الأردن، إذ كانت هذه المحاضرة هي نقطة التحول في حياة أحمد فضيل نزال الخلاليلة ( المصدر: الزرقاوي: الجيل الثاني للقاعدة، فؤاد حسين).

في أفغانستان تبلورت شخصية الزرقاوي وتشكّل نمطه الفكري المتطرف، والذي أسهمت في تشكله شخصيتان مهمتان هما: عبد الله عزام أولاً، وفيما بعد عصام البرقاوي المعروف بكنية " أبو محمد المقدسي" الذي التقاه عام 1989 في بيشاور بباكستان.

بعد انسحاب السوڤييت من أفغانستان، عاد أغلب الجهاديين إلى بلدانهم ومنهم الزرقاوي، والمقدسي، فاتفقا على تأسيس تنظيم جديد في منتصف عام 1993 بهدف تعبئة الشباب فكرياً، والبدء بتجميع السلاح والقنابل والتدريب، وأطلقوا عليه " جماعة التوحيد" وبعد فترة وشيكة ألقي القبض عليهم من قبل الأمن الأردني وزج بهم في السجن بتاريخ 29آذار 1994 وقدموا للمحاكمة في القضية المعروفة في الإعلام الأردني باسم " بيعة الإمام".

كان للسجن بصمته الواضحة في صبغ شخصية الزرقاوي بلونها القاتم، فأصبحت شخصية متطرفة جداً، وأصبح رجال الشرطة بكل تخصصاتهم، والقضاة بكل مراتبهم ومواقعهم وكل أركان الحكم في نظره، أعوان للأنظمة الحاكمة، والتي كان يسميها ب " الطواغيت". وتبلورت شخصيته أكثر فأصبح يشعر بقيمة نفسه حينما نجح في الهيمنة على سائر المسجونين ونصّب نفسه أميراً عليهم بما فيهم معلمه الأول أبو محمد المقدسي!

في عام 1999 وبمناسبة تولي الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، أطلِق سراح الزرقاوي وجماعته بعفو ملكي بعد خمس أعوام قضاها في السجن، فغادر الأردن على الفور، متوجهاً إلى قندهار في أفغانستان للالتحاق بابن لادن.

بعد انهيار نظام طالبان وفي عام 2002 انتقل الزرقاوي إلى شمال العراق ونزل في معسكر " أنصار الإسل…ام" تزامناً مع إعلان بوش عزمه على إسقاط نظام صدام، وكانت كل تحركاته مرصودة من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية التي أوصى ضباطها باستخدام الإحداثيات الدقيقة لمواقعه في التخلص منه باستهدافه بالصواريخ، ولكن في ظل التجهيزات الأميركية لإسقاط نظام صدام، نصح البعض بوش بأن تصفية الزرقاوي قد تسبب في مشاكل وبحسب كولن باول فأنهم كانوا لايريدون أن يظهروا بمظهر الباديء للحرب بقصفهم لتلك المعسكرات.

بعد ذلك توجه نائب الرئيس الاميركي " ديك تشيني" إلى مقر وكالة الاستخبارات وحاول استغلال قضية الزرقاوي من خلال جعله الخيط الذي يربط بين صدام وابن لادن لجعل الحرب تبدو مبررة( المصدر: تقرير قناة FRONTLINE).

وقد وردت هذه المزاعم في خطاب كولن باول أمام الأمم المتحدة، لإقناع العالم بضرورة دعم قرار الحرب، إذ تكرر اسم الزرقاوي في هذا الخطاب 21مرة خلال سبع دقائق فقط، وللمرء أن يتخيل مدى الغرور الذي أصاب شخصية مغمورة ومنسية كالزرقاوي بعد هذا الخطاب وهو يرى ويسمع أصداء اسمه تتردد في أروقة الأمم المتحدة أمام العالم أجمع!

وهكذا صنع الأميركيون من الزرقاوي نجماً جهادياً حتى قبل أن يقوم بأي شيء على الأرض!

بعد سقوط بغداد، وإعلان بريمر قراره الشهير بحل الجيش العراقي، بدأت بوادر التمرد المسلح بالظهور في بغداد والمحافظات الغربية، والآن حانت الفرصة التي انتظرها الزرقاوي.

في 1 آب 2003 حدث انفجار هائل بالسفارة الأردنية، وكانت هذه أولى هجمات الزرقاوي… بعدها بأقل من اسبوعين تم استهداف مبنى الأمم المتحدة بشاحنة مفخخة أسفرت عن تدمير المبنى بالكامل ومقتل 40 شخصاً بضمنهم "سرجيو ديميلو" ممثل الأمم المتحدة في العراق، وكانت النتيجة الفورية لهذا الحدث؛ هي مغادرة الأمم المتحدة وجميع المنظمات غير الحكومية للعراق في غضون بضعة أسابيع، وبذلك نجح الزرقاوي في عزل الأميركان لوحدهم في العراق، وسرعان ما تحولت بغداد إلى مسلسل رعب، تضج فيها التفجيرات، ويزمجر فيها السلاح.

ظلت الإدارة الأميركية تنكر وجود تمرد في العراق حتى خريف 2003 وهنا جاء دور الزرقاوي؛ ليوجه رسالته إلى الشعب الأميركي من خلال الرهينة الأميركي " نيكولاس بيرج" الذي وجد فيه الزرقاوي ضالته المثالية، فقد كان بيرج يهودياً أميركيا…

بثت " جماعة التوحيد والجهاد"، وهو الاسم الذي أطلقه الزرقاوي على شبكته الجديدة في العراق؛ مقطع ڤيديو، يظهر فيه بيرج جاثياً على الأرض، مرتدياً بدلة الإعدام الحمراء، ويقف خلفه أربعة ملثمين، يتوسطهم الزرقاوي، وهو يتلو بياناً بصوت متحشرج، وبعد اكماله للقراءة، يسلم البيان لمساعده بكل هدوء، ثم يخرج حربته بشكل مفاجيء؛ ليذبح رهينته _في مشهد لا يُنسى _من الوريد إلى الوريد مع ارتفاع أصوات جماعته بالتكبيرات، بينما يصرخ الضحية من ألم الذبح! وكان هذا أول مشهد ذبح نفذه الزرقاوي بيده أمام الكاميرا.

إن هذا المشهد الذي قام ببطولته الزرقاوي، رفع مكانته أمام السلفيين في كل أرجاء العالم، فقد وجدوا فيه البطل الذي كانوا يحلمون به يوماً ما، وينتظرون قدومه بفارغ الصبر.

أخيراً؛ تمكن الزرقاوي من الاستحواذ على اهتمام إدارة بوش بشكل كبير، وهكذا رصدت الولايات المتحدة مكافأة يصل قدرها ل25 مليون دولار على رأسه، وهي مساوية للمكافأة المخصصة لابن لادن؛ مما رفع مكانة الزرقاوي وجعله منافساً لابن لادن الذي لا يستطيع الآن تجاهله.

في خطابٍ أرسله الزرقاوي لابن لادن- حصلت الاستخبارات الأميركية على نسخة منه _ أوضح له خططه المستقبلية… كانت خلاصة هذا الخطاب، هي إشعال الحرب الطائفية وإغراق العراق بها ومن ثم نشرها إلى سائر العالم، يقول عن الشيعة في رسالته تلك:

" إذا نجحنا إلى استدراجهم إلى ساحة الحرب… أمكن لنا إيقاظ السنة الغافلين"

كانت خطة الزرقاوي تتمثل بشن هجمات على الشيعة، تستفز مشاعرهم الدينية، وتجعلهم يردون على السنة، وهنا يتدخل بوصفه حامياً للسنة مدافعاً عن كيانهم في العراق…

بدأت هذه الخطة بتفجيرات كربلاء والكاظمية في الثاني من شباط 2004 الذي صادف يوم العاشر من المحرم وفي ذروة إحياء الشيعة لمراسيم هذا اليوم، فسقط 200 قتيل في كربلاء والكاظمية، ثم شنت مئات السيارات المفخخة هجماتها في المدن والضواحي الشيعية في بغداد، حتى وصل عدد السيارات المفخخة التي تنفجر في اليوم الواحد إلى 12 مفخخة، فضلاً عن عشرات الانتحاريين الذين يهاجمون الدوائر والأسواق والحسينيات والقوات الأمنية والجامعات… ومقاطع الذبح التي زاد انتشارها مع الاغتيالات… لقد حول الزرقاوي وشبكته العراق إلى كابوس مرعب: ميداناً للمفخخات، ومسلخاً للبشر.

بعد تصاعد هجمات الزرقاوي على الشيعة، بعث أيمن الظواهري برسالة له ينهاه عن استهداف الشيعة، واصفاً ذلك بالعمل المنفر، جاء رد الزرقاوي على رسالة الظواهري بتفجير مرقدي الأمامين العسكريين في سامراء، فانفجرت الحرب الطائفية في العراق بأسره، ولقي الآلاف من أبرياء الطائفتين مصرعهم بسبب ذلك، فنجحت خطة الزرقاوي.

مع ذروة اشتعال الحرب المذهبية في العراق، أسفر الزرقاوي عن وجهه، فظهر في شريط ڤيديو حاملاً سلاح " ساو" أميركي، وهو يقوم بالرمي في مكان صحراوي مجهول، في محاكاة لمشهد أكشن من فيلم " رامبو" الأميركي المشهور، وخلال هذا الڤيديو الاستعراضي، أذاع إعلاناً خطيراً سيكون له صدىً بعد سنوات قليلة، وهو سعيه بأن يكون تنظيمه هو نواة " لتأسيس دولة إسلامية، كخطوة أولى نحو إقامة خلافة عالمية".

في الڤيديو التالي، وبعد أسابيع قليلة من انتشار الڤيديو الأول، ظهر الزرقاوي بشكل مختلف تماماً، إذ صورته عدسات الكاميرات، وهو مسجى والكدمات الزرقاء والسوداء تغطي وجهه بعد استهدافه من قبل طائرة أميركية بقنبلة تزن 500 طن!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال