الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يكتب التاريخ؟ الذئب يروي حكاية -ليلى والذئب-

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

2022 / 2 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أعرف لماذا أدعى بالذئب! أنا حيوان وديع لا أؤذي أحداً . لذلك أقصُّ مخالبي كل يوم ، وأتناول مهدئات المزاج من الأعشاب الطبية التي تحضرها لي جدتي اللطيفة.
وحين أجوع ، أرعى بعض الأعشاب ، وأقطف بعض الفواكه الموجودة في أشجار الغابة.
شعرت بالملل في أحد الأيام ، فقررت الذهاب في نزهة طويلة. قصدت اتجاه الشرق ، فقد سمعت من أصدقائي الذئاب عن وجود كوخ تقطنه امرأة عجوز وحفيدتها. دفعني الفضول للقاء الطفلة الصغيرة ، فأنا أحبُّ الأطفال الصغار، وأستمتع باللعب البريء معهم.
وصلت الكوخ بعد مسيرة ساعات ، كنت جائعاً منهكاً، فوجدت حديقة لطيفة مزروعة بعناية ، فيها الكثير من الخضراوات ، استلقيت هناك على العشب الطري ، ولم أسرق حبة بطاطا أو يقطينة واحدة. لقد وجدت ذلك أمراً قبيحاً وقررت انتظار خروج أحد من الكوخ كي أسأله السماح بتناول بعض الطعام.
استلسمت للنوم فوق العشب الطري الناعم، لكنني سرعان ما استيقظت على ركلات في بطني، وسمعت صراخ طفلة صغيرة غاضبة:
-هيه أيها الذئب المتطفل! ماذا تفعل في حديقة جدتي ؟
توالت الركلات ، فنهضت بلطف ، وطأطأت رأسي وقلت بأدب:
-أعتذر منك ، أنا تعبان وجائع فقط . هل تسمحين لي بتناول تلك اليقطينة الصغيرة؟
-أنت مختل العقل حتماً! هيا غادر هذا المكان.
لم تكتف الطفلة بذلك بل بدأت برميي ببعض الحجارة.
غادرت الحديقة مسرعاً، وأنا أتعجب من وجود طفلة شريرة مثل التي قابلتها.
لقد كانت شريرة فعلاً، فحين وقفت في حقل بعيد لأتناول بعض العشب، لحقتني تلك الطفلة ، واستمرت بقذف الحجارة نحوي ، وطلبت مني ألا أعود مطلقاً إلى غابتها .
انصرفت وأنا حزين ، ممتهن الكرامة، ولاحظت أنني أنزف من جنبي بسبب حجارة الصغيرة.
صحيح أنني ذئب لطيف! لكن وجود مثل تلك الطفلة سيئة الطباع أقلقني ، وقررت التحدث إلى جدتها التي تقيم في الكوخ، لأشكو لها حفيدتها.
راقبت الكوخ من بعيد، وحين خرجت الطفلة إلى الغابة حاملة سلتها الحمراء، أسرعت إلى كوخ الجدة.
طرقت الباب بتهذيب شديد، فسمعت صوت الجدة من الداخل يسأل :
-من الطارق، وماذا تريد؟
-أريد أن أشكو لك الطفلة التي تقيم معك. لقد ضربتني بالحجارة وسببت لي الأذى دون مبرر.
- تقصد ليلى! لكن من أنت؟
هممت بالقول أنني ذئب لطيف، لكنني تراجعت ، فلن تفهم الجدة ذلك أبداً.
لكنها لحسن حظي ، فتحت الباب بعد لحظات دون انتظار جوابي.
خافت الجدة كثيراً حين رأتني ، صرخت بفزع وعادت راكضة إلى داخل الكوخ.
دخلت وراءها بهدوء لإصلاح الموقف. لكنني شاهدتها تتعثر وتسقط بقوة على رأسها. حاولت إسعافها دون جدوى ، لقد أصيبت بجرح كبير وفارقت الحياة.
فكرت حينها بالطفلة المسكينة التي حين تعود لن تجد الجدّة الحبيبة. فقررت أن أكون لها جدّة إضافية. لبست لباس الجدة ووضعت نظارتيها ، ولففت رأسي بشال صوفي كبير ، واستلقيت في السرير منتظراً عودة ليلى.
عادت ليلى أخيراً وهي تحمل سلة ممتلئة بالفطور البرية . اقتربت مني لتريني الفطور الكبيرة الشهية ، فاكتشفتْ خدعتي.
لم تنفع جميع محاولاتي في شرح الموقف. صرخت ليلى من الفزع حين رأت جثة جدتها خلف السرير ، وخرجت مسرعة من الكوخ وهي تطلب النجدة لأن الذئب الذي قتل جدتها يريد التهامها هي أيضاً.
يا لها من ليلى شريرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها