الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية وعلم النفس – بقلم سوزان روزنتال *

سعيد العليمى

2022 / 2 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ترجمة سعيد العليمى

وصف ماركس وإنجلز رأس المال بأنه علاقة والرأسمالية كنظام علاقات. هل قصدا أن كل جانب من جوانب علاقتنا مع أنفسنا والآخرين والمجتمع تشكلها الرأسمالية ، بحيث أن الثورة الاشتراكية من شأنها أن تغير كل هذه العلاقات؟ أم أن الوصف كان عاما جدا؟ هل بعض جوانب التجربة الإنسانية لا تتأثر بالمجتمع ، لذلك نحتاج إلى شيء آخر غير الماركسية لفهمها وشيء أكثر من الاشتراكية لتغييرها؟ هذا هو جوهر النزاع بين الماركسية وعلم النفس.
ينظر المنهج الماركسي للتجربة الإنسانية في سياق تاريخي اجتماعي. بينما يعتبر علم النفس والتحليل النفسي والعلاج النفسي والطب وعلم الوراثة ومعظم التخصصات الأخرى الفرد (أو أجزاء من الفرد) منفصلة عن السياق الاجتماعي. الافتراض الكامن هو أن الفرد (أو الجزء) لديه صفات بيولوجية أو نفسية ثابتة تحكمها قواعد مختلفة عن تلك التي تحكم المجتمع الأكبر. لذلك ، لا يمكن تغيير هذه الصفات إلا على مستوى الفرد أو الجزء.

إن فصل الفردى عن الاجتماعي من أجل التأكيد على الفردى هو أيديولوجية رأسمالية وليس علمًا. يؤدي تحديد أولوية العوامل الفردية إلى إعفاء النظام من المسؤولية. وإذا كان بإمكان الأفراد اختيار ما يحدث ، فيمكن إذن لومهم على الاختيار السيئ ، مما يؤدي مرة أخرى إلى إخراج النظام من مأزقه.

يخبرنا العلم أن المجتمع والفرد يشكلان بعضهما البعض في تفاعل ديناميكي. إذا كان للمرء وزن أكبر ، فهذه هي البيئة المادية والاجتماعية التي نشأ منها جنسنا البشري والتي سممتها الرأسمالية.

تسبب السموم البيئية الغالبية العظمى من السرطانات ، ومع ذلك يتم إلقاء اللوم على ضحايا السرطان لاتخاذهم خيارات غير صحية ولأن لديهم "شخصيات سرطانية" أو "جينات سرطانية". وبالمثل ، فإن الاغتراب يجعل الناس مرضى عقليًا ، ومع ذلك يتم إلقاء اللوم على المرض العقلي ، على التفكير الخاطئ أو كيمياء الدماغ المتزعزعة أوعلى الجينات المعيبة. إن إلقاء اللوم على الضحية يحمي النظام من خلال التركيز على ما يفعله الأفراد بدلاً من التركيز على ما يفعله النظام بهم .

كان المرض العقلي يعني الجنون. احتوى كتيب الخلاصة الأمريكية للاضطرابات النفسية لعام 1918 على 22 فئة تشخيصية ، أشارت 21 منها إلى أشكال الجنون. تضخمت منذ ذلك الحين فئة "المرض العقلي" لتشمل مجموعة واسعة من السلوكيات المنحرفة والمتمردة ، وطرق مختلفة لمعالجة المعلومات (التنوع العصابي) ، والاستجابات العاطفية على العزلة والحرمان ، والأعراض المرتبطة بالصدمات. تُستخدم تسمية المرض العقلي لتشخيص المحتجين والذين يعانون والذين تقوض احتياجاتهم الطاقةالإنتاجية. سواء كانت القيود جسدية أو عقلية ، فإن الأقل إنتاجية يتم وصمهم على أنهم معيبون اجتماعيا وأكثر أو أقل قابلية للتضحية بهم .

الأشخاص الموصوفون بأنهم "مختلون عقلياً" يشكلون مجموعة مضطهدة. ومثل جميع أشكال الاضطهاد ، تؤثر الأمراض العقلية على الناس من جميع الطبقات. ومع ذلك ، كما هو الحال مع أشكال الاضطهاد الأخرى ، يقع العبء الأكبر على عاتق الطبقة العاملة. ويعاني المصابون بأمراض عقلية من التمييز القانوني والطبي والاجتماعي والسكني. يمكن إيداعهم قسراً في مؤسسات ، وتخديرهم رغماً عنهم ، وحرمانهم من الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم. وهم ممثلون بشكل مفرط بين السجناء ومن المرجح أن يكونوا عاطلين عن العمل وفقراء ومشردين.

الاضطهاد ضروري للرأسمالية. إن إخضاع المجموعات المضطهدة يمكّن الطبقة الحاكمة الصغيرة من تقسيم وحكم طبقة عاملة أكبر بكثير. يعزز قمع المرضى عقليًا توافق الفكر والشعور والسلوك في المجتمع ككل على وجه الخصوص .
يخدم الطب النفسي الرأسمالية من خلال تشخيص التحدي على أنه اضطراب عقلي. خلال الخمسينات من القرن الماضي ، تم تطبيق تسمية الفصام بشكل أساسي على ربات البيوت الساخطات. حثت الثورات المناهضة للعنصرية في الستينات من القرن الماضي الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) إلى تغيير وصفه لمرض انفصام الشخصية من المزاج المكتئب في المقام الأول إلى العداء والعدوان وأوهام الاضطهاد ، أي من ربات البيوت في الضواحي البيضاء إلى السود المتمردين في المناطق الحضرية. . اليوم ، يُرجح أن يتم تصنيف الأمريكيين السود أكثر ثلاث مرات من الأمريكيين البيض بـ "الفصام".

قام الأطباء النفسيون وعلماء النفس بتشخيص احتجاجات العبيد والمعارضين السياسيين. وقاموا بإجراء جراحة فصية للنساء المتمردات وحاولوا تحويل المثليين جنسياً. لقد قاموا بحملات من أجل القتل الرحيم وإجراء عمليات تعقيم لمن بهم "عيوب اجتماعية".وهم يساعدون في الاستجواب والتعذيب. إنهم يخدرون الجنود لإبقائهم يقتلون. كما يخدرون كبار السن والسجناء لإبقائهم هادئين. ويخدرون الأطفال المتمردين.

عندما تغرق العائلات في أزمة ، يصبح الآباء أقل قدرة على تلبية احتياجات الأطفال العاطفية. وتساهم المدارس في محنة الأطفال من خلال حبسهم في غرف مغلقة لفترات طويلة لحفظ معلومات لا علاقة لها بحياتهم. وعندما يحتج الأطفال من خلال التمثيل ، يصفهم المحترفون بأنهم مختلون عقليًا وأن والديهم غير لائقين.

بمجرد تصنيف الأطفال ، يمكن إجبار الوالدين قانونًا على تخديرهم. في عام 2013 ، تم وصف عقاقير نفسية لأكثر من 8 ملايين طفل أمريكي دون سن 17 عامًا. كان مليون من هؤلاء الأطفال دون سن الخامسة ، وربع مليون كانوا أقل من عام.

يدافع الاشتراكيون عن المظلومين. نحن نرفض الحجة القائلة بوجوب تربية النساء لأطفالهن لأنهن مبرمجات وراثيا على أن يصبحن مربيات. نحن نرفض الحجة القائلة بأن السود هم أكثر عرضة لأن يكونوا فقراء لأنهم أقل ذكاء. نحن نفهم أن مثل هذه الحجج البيولوجية لا تستند إلى العلم ؛ هى علم زائف - دعاية متنكرة في زي العلم. تخلط الرأسمالية بشكل منهجي بين العلم والعلوم الزائفة ، وتستبدل ما هو صحيح بادعاءات غير حقيقية. مثال على العلوم الزائفة هو الادعاء بأن المرض العقلي متجذر في البيولوجيا.

يختزل النموذج البيولوجي للأمراض العقلية العقل إلى الدماغ ، الذي يصبح موضوع الدراسة والعلاج. (أحد أشكال هذا النموذج هو الفرويدية ، التي تختزل العقل إلى الأعضاء التناسلية.) لا ينبغي الخلط بين هذه المادية الفظة والمادية الماركسية ، التي تنظر إلى المرض العقلي في السياق الاجتماعي والتاريخي - كتعبير فردي عن مجتمع مريض بسبب العمل المغتراب.
حقيقة أن الظروف الاجتماعية تولد المرض العقلي هي حقيقة واضحة لدرجة أن صناعة الطب النفسي مطالبة بإقناعنا بخلاف ذلك . وصفت طبعة 1952 من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية المرض العقلي بأنه رد فعل لحدث خارجي أو موقف أو حالة بيولوجية. وقد تمت إزالة هذا الوصف من جميع الإصدارات اللاحقة.

إن إخفاق الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في تحديد السبب الخارجي للمرض العقلي يعني أن السبب داخل الفرد (الأفكار الخاطئة أو السلوكيات أو الكيمياء أو الوراثة) ، والعلاج هو تغيير المريض ، وليس الظروف التي تسبب المعاناة . يأتى التركيز على العلاج الدوائي وأبحاث الجينات من النموذج البيولوجي. وتشير ممارسة توجيه المرضى لتغيير أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم إلى أن المشكلة المركزية تكمن في فشل المريض في التفاعل بشكل مناسب.

يقر البعض بأن الظروف المعاكسة قد تسبب ضائقة الطفل واضطرابات عاطفية مثل القلق والاكتئاب ، لكن الاضطرابات الإدراكية مثل الذهان يجب أن يكون لها سبب بيولوجي. غيرأن هذايعد منطقا خاطئا.

الإدراك البشري مبني اجتماعيا. تشكل الأفكار التي تهيمن على المجتمع ما يعتقده الناس ، وماذا يريدون ، ومن يثقون به ، ومن يخافون ، ومن يلومون ، وما هو مقبول وما هو غير مقبول. كما أن سوء الإدراك مبني اجتماعيا. يتم توظيف علماء النفس واستشاريي الإعلان وخبراء الإدارة لبيع نظام قائم على الخداع ("إنها بلاد حرة") ، والتناقض (الحرب كتدخل إنساني) ، وإنكار الخبرة المعاشة (العمل الجاد دائمًا مايكافأ) ، والتهديد (إعمل أو جع). بينما يتقبل معظم الناس ما هو غير مقبول ، فإنهم لا يحبونه. البعض يتمردون علنا. ويحتج آخرون من خلال الأعراض الجسدية والعقلية والإدمان والانتحار. ويهرب البعض إلى واقع مختلف.
يتطور الذهان عادةً أثناء الانتقال من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ ، عندما يكون الصراع بين نمط وجود العالم والكيفية التي يجب أن يكون عليها قد إختبرت . تؤدي عدم القدرة على حل هذا التناقض إلى إصابة بعض الناس بقلق شديد وشك عميق. العالم لا معنى له ، لذا فهم "ينفصلون عن الواقع" ويختبئون في عوالم خيالية حيث تنقل الاستعارات الخيالية ما لا يمكن التعبير عنه. نتحدث جميعًا مع أنفسنا ، لكن الذهان يعطل العلاقة مع الذات بحيث يُساء إدراك الأصوات الداخلية وكأنها قادمة من الخارج. كما يُساء إدراك الإشارات المرئية أيضًا لتكوين وصياغة أشكال الأشخاص والأشياء غير الموجودة في الواقع.

يتم رفض الأساس الاجتماعي للذهان من قبل البيولوجيين والأطباء النفسيين الذين يعاملون الفرد الذهاني بوصفه قائمة لمظاهر العجز يتعين تصحيحها. يتم تجاهل تجربة الشخص ومنظوره واحتياجاته الاجتماعية. ولا يتم إيلاء اهتمام لما يحاول الشخص توصيله من خلال الكلام والعواطف ولغة الجسد وأنماط السلوك. ينصب التركيز على التلاعب بكيمياء الدماغ ، ومواجهة الجينات المعيبة ، والسيطرة على السلوكيات

إن أفضل علاج للمرض النفسي هو الدعم الاجتماعي. وجدت دراسة أمريكية مستفيضة أن مرضى الذهان الذين تلقوا أدوية أقل ودعمًا فرديًا وعائليًا أفضل بكثير من المرضى الذين تلقوا العلاج المعتاد الذي يركز على الأدوية. تم استخدام نموذج الدعم الاجتماعي بنجاح في أستراليا والدول الاسكندنافية وأماكن أخرى. حقيقة أن الدعم الاجتماعي يمكن أن يعالج اضطرابات الإدراك يشى بأن هذه الاضطرابات تقوم على أساس اجتماعي.
الدعم الاجتماعي فعال أيضًا في علاج الأمراض العقلية على المستوى المجتمعي. وجدت دراسة كندية أجريت على أكثر من 2000 من المشردين المصابين بأمراض عقلية شديدة وتبين أن توفير سكن مستقر كان أكثر فعالية من أي علاج آخر.
يمكن أن يؤدي رفع مستويات المعيشة في الواقع إلى علاج الأمراض العقلية. وجدت دراسة استمرت ثماني سنوات في الولايات المتحدة أن الأطفال الفقراء تبين بعد تشخيصهم بأن لديهم أكثر من أربعة أضعاف الأعراض النفسية مقارنة بالأطفال الذين لم يكونوا فقراء. في منتصف الدراسة ، بدأ كازينو جديد للمقامرة في دفع منح مالية انتشلت 14 بالمائة من العائلات من براثن الفقر.

انخفضت الأعراض النفسية بين الأطفال الذين لم يعودوا فقراء إلى نفس مستوى الأطفال الذين لم يكونوا فقراء. في المقابل ، ظلت الأعراض النفسية مرتفعة بين الأطفال الذين ظلوا فقراء. زيادة الدخل تمكن الوالدين من تلبية احتياجاتهم الخاصة حتى يكونوا أكثر قدرة على تلبية احتياجات أطفالهم.

تدفع الرأسمالية المزيد من الناس إلى الأزمة. وقدأثار الهجوم على الخدمات في كاليفورنيا استجابة من الطبقة العاملة.

في يناير 2015 ، أضرب أكثر من 3300 عضو من الاتحاد الوطني لعمال الصحة (NUHW) في Kaiser Permanente ، أكبر شركة طبية في أمريكا. على الرغم من الأرباح القياسية ، رفض كايزر توظيف عدد كافٍ من الموظفين لتلبية احتياجات المرضى. احتجاجًا على ذلك ، شن علماء النفس والمعالجون والأخصائيون الاجتماعيون والممرضون النفسيون التابعون لـ NUHW أكبر إضراب للعاملين في مجال الصحة العقلية ، مع 65 بؤرة اعتصامً في 35 مدينة.
وأعقب الإضراب الذي استمر أسبوعًا بتقديم التماسات وحملة "لا مزيد من انتحارات كايزر " للإعلان عن أعداد المرضى الذين يموتون بسبب نقص الرعاية. أخيرًا ، بعد تهديده بإضراب مفتوح ، وافق كايزر على مطالب النقابة: الحق في الدفاع عن المرضى ؛ حماية الأجور والمعاشات التقاعدية ؛ ونسبة جدولة جديدة تتيح للمرضى أن يتابعوا بشكل أفضل وتجرى تعيينات جديدة لتلبية الطلب.

حقق الربط بين احتياجات العمال والمرضى انتصارا غير مسبوق. ومع ذلك ، نحن بحاجة إلى أكثر من مجرد أن تتاح لنا الخدمات. نحن بحاجة إلى عالم لا يجعلنا مرضى.

حولت الرأسمالية العالم بأسره إلى مصنع لإنتاج رأس المال. يتم التعامل مع كل حاجة بشرية تقف في طريقها كعقبة ينبغى إزالتها. يدفع "الإنتاج الخالي من الهدر" العمال إلى حدودهم الجسدية والعاطفية القصوى . أولئك الذين يستسلموا يتم نبذهم واستبدالهم.

من المستحيل أن تكون بصحة عقلية جيدة في ظل الرأسمالية. يتفاقم البؤس اليومي المتزايد بفعل رعب الحرب الدائمة والدمار البيئي. إذا تبين عقلك بربرية الرأسمالية ، فسوف تصاب بصدمة نفسية. إذا أغلقت عقلك عنها ، فإنك تفقد إنسانيتك .

أفادت منظمة الصحة العالمية أن معدل الانتحار العالمي ارتفع بنسبة 60 في المائة على مدار الـ 45 عامًا الماضية ، وهو ما يمثل نصف إجمالى الوفيات العنيفة بين الرجال و 71 في المائة من الوفيات الناجمة عن العنف بين النساء. الانتحار هو السبب الرئيسي للوفاة بين الفتيات المراهقات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 عامًا. في الولايات المتحدة ، تضاعف معدل انتحار الفتيان السود الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 11 عامًا منذ التسعينيات.

على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ، انخفض معدل الدخل بسبب التضخم للأسر الأمريكية التي يرعاها خريج ثانوي بنسبة 19٪. رافق هذا الانخفاض في الدخل ارتفاع بنسبة 22 في المائة في معدل وفيات الأمريكيين البيض في منتصف العمر الأقل تعليما ، ويرجع ذلك أساسًا إلى إدمان الكحول وإدمان المخدرات والانتحار. إذا كان قد ظل معدل الوفيات لهذه المجموعة ثابتًا ، لكان من الممكن تجنب 96000 حالة وفاة. لو استمرت في الانخفاض وفق معدلاتها السابقة ، لكان من الممكن إنقاذ نصف مليون شخص.

إن إزالة المصادر الاجتماعية للمرض ليست خيارًا في ظل الرأسمالية لأنه لا يُسمح لأي شيء بإعاقة تدفق الأرباح. بدلاً من ذلك ، يسعى النظام إلى تحسين قدرة الأشخاص على العمل في ظل ظروف سامة. وهذا يعني قصر العلم والبحث والخبراء على دراسة العوامل الفردية والتلاعب بها. هذا صحيح بالنسبة للسرطان مثلما هو الحال بالنسبة للأمراض العقلية.

في حين أن بعض أشكال الأمراض العقلية (والسرطان) قد تكون ناتجة عن خلل بيولوجى ، لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين في نظام يسمم كل جانب من جوانب الحياة وصولاً إلى المستوى الجزيئي. بعد القضاء على الرأسمالية وإنشاء مجتمع معزز للصحة ، يمكننا أن نرى ما يبقى علينا معالجته بيولوجيًا. حتى ذلك الحين يجب على الاشتراكيين التأكيد على الحلول الجماعية للمشاكل الاجتماعية ، وليس الاستغراق في وهم بأنه يمكن حلها من قبل العلماء والخبراء على المستوى الفردي

ليس النزاع بين الماركسية وعلم النفس في الحقيقة حول علم النفس أو المرض العقلي.وإنما يتعلق الأمر بفهم الرأسمالية كنظام شامل للعلاقات الاجتماعية حيث تتغير التجربة الفردية من خلال عملية تغيير المجتمع.

في الثمانينات نظم العمال في بولندا أنفسهم في أكبر نقابة في العالم ، تضم ثلث السكان في سن العمل. مع انتشار الإضرابات وتنامي المظاهرات ، بدأت أسرّة الطب النفسي في المستشفيات تفرغ من العمال وتمتلئ بالمسؤولين الحكوميين المرضى. حدث هذا لأن الصراع الطبقي المتصاعد يفتح الباب أمام حل المشكلات الفردية بشكل جماعي.

قوضت عقود من تراجع الطبقة العاملة الثقة في الحلول الجماعية. والاشتراكيون ليسوا بمنأى عن هذا الإحباط. من الصعب للغاية طرح حلول طبقية في مجتمع تهيمن عليه الفردية وموقف الإصلاحيين "نعم ولكن" الذين يروجون للحلول الفردية "في نفس الوقت ". لا يوجد وقت. بات بقائنا يعتمد على إعادة ربط التقليد الاشتراكي بالطبقة العاملة الآن.

الاضطهاد جزء لا يتجزأ من الرأسمالية ويجب أن يكون الكفاح ضده جزءًا لا يتجزأ من النضال من أجل الاشتراكية. نحن نبني الصحة العقلية في عملية النضال من أجل ظروف عمل ومعيشة أفضل. نحن نبني الصحة العقلية في عملية بناء التضامن الطبقي ، ووضع الأساس لمجتمع اشتراكي يسعى جاهداً للإستفادة من قدرات الجميع وتلبية احتياجات الجميع.

المصدر :
Marxism and psychology – socialist review ,February 2016 , by susan rosental .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا ادري ما الذي ورط المترجم
طلال الربيعي ( 2022 / 2 / 12 - 13:42 )
لا ادري ما الذي ورط المترجم الذي يبدو إن اختصاصه لا يمت بصلة الى علم النقس من قريب او بعيد بترجمة هذه المقالة السطحية وغير الدقيقة والتي لا تستند على نصوص
وحجج معاصرة فوقعت في مطبات هائلة من اولها الى آخرها, وإلا لما قال مثل هذه العبارة الفجة
-يختزل النموذج البيولوجي للأمراض العقلية العقل إلى الدماغ (الذي يصبح موضوع الدراسة والعلاج. (أحد أشكال هذا النموذج هو الفرويدية ، التي تختزل العقل إلى الأعضاء التناسلية.)
انها جملة تناقض نفسها بنفسها كما هو واضح, وهو تشويه ستاليني قج لفرويد والتحليل النفسي معا. المقالة تسئ قبل كل شئ الى الكاتب والمترجم معا

اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من