الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ترحمت على سيد القمني ؟

العفيفي فيصل

2022 / 2 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شأني كشأن آلاف بل ملايين الشباب المسلم المهتم بدينه عقيدة وفكرا، نشأت على استماع وقراءة أعمال محمد الغزالي ومصطفى محمود والقرضاوي ومحمد عمارة ...الخ، إضافة إلى أحاديث الشيوخ عبر القنوات الفضائية والمساجد ومختلف المنابر، وكنت اسمع بوجود شياطين في جسد بشر من بني جلدتنا يعيشون بيننا، ويتكلمون بلساننا، هدفهم الحرب على الإسلام والطعن في مقدساته، أصحاب شبهات استشراقية يريدون بها إخراج الشباب المسلم من دينه، وإبعاده عن ثقافته وهويته الأصيلة، ولكني عكس الكثير، لم أكن إمعة، لم أكن أعطي عقلي لأحد، لم أكن من أهل السمع والطاعة والإتباع الأعمى فقط لأن صاحب الخطاب أو الكتاب من الأعلام أو الشيوخ المعروفين، بل كنت أفتش عن كتب هؤلاء الشياطين حتى أقف عليها، فأفهم شبههم وكيفية الرد عليها، وهكذا بدأت بالبحث عن كتبهم وقراءتها من دون مركب نقص أو خوف من مطالعة إنتاج الشياطين، فقرأت عدة كتب لطه حسين، محمد إقبال، نوال السعداوي، محمد أركون، نصر أبو زيد، خليل عبد الكريم، عبد المجيد الشرفي، الجابري، الطرابلسي، جلال العظم ... الخ، ثم خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة طالعت كتب محمد شحرور، سيد القمني ... الخ، لا يمكنني إنكار تمكّن هؤلاء الموسومين بالشياطين من مادتهم، ولا إنكار غزارة المعلومات في أعمالهم مع التوثيق الجيد من مصادر هي أمهات الكتب في تراثنا الكبير، لا أجزم أنني أوافق على كل ما في جعبتهم، ولكني أجزم أن أغلب ما سمعته من مقولات عنهم محصور بين سوء الفهم تارة، والتدليس عليهم تارة أخرى، لا أنكر أيضا أنني في بدايات تعرفي على كتبهم أحسست بصدمة كبيرة من هول ما يوجد خارج الصندوق (اللامفكر فيه)، ومن تهافت الردود عليهم التي لا تتجاوز اللعن والتكفير والتهديد والمتابعات القضائية، بل شعرت أنني في الجحيم أجالسهم.
إذا عدنا إلى سيد القمني ومن مثله وما حدث من فرح هستيري مرضي لموتهم، فإن أغلب من يبغضهم تقربا لله ونصرة للدين كما يتوهمون، هم في الحقيقة لم يقرؤوا لهم حرفا واحدا، بل وبكل سذاجة يرددون ما يقوله رجال الدين عنهم وما يسمعونه في محيطنا المتشبع بالكراهية ورفض الآخر والطائفية وأحادية الفكر إلى درجة التطرف، إضافة إلى الأمية والجهل.
سيقول قائل ولكن سيد القمني قال صراحة أنا كافر في محاضرة ألقاها بلندن وهي موجودة على اليوتيوب، بصراحة هذه أتفه حجة في تكفير مسلم سمعتها في حياتي، يكفي فقط متابعة الفيديو ليتضح بشكل جلّي لا يحتمل الشك (من خلال سياق الكلام) أن القمني وجَّهَ كلامه لمؤسسة الأزهر قائلا أن هذه الأخيرة ترفض مناقشة غير المسلم، وتزعم أن القمني مشكوك في إسلامه ويخفي كفره، وهنا وكرد ساخر من الأزهر الذي فتح لعبة محاكم التفتيش عِوَض مناقشة الأفكار قال أنا كافر (حدث نفس الشيء لنصر أبو زيد حين تم تكفيره ومطالبته في المحكمة بنطق الشهادتين، رفض رفضا قاطعا نطقها منعا لخلق محكمة التفتيش)، أما موقفه من بعض الأمور الغيبية والتشريعية فهذا معروف وموجود حتى في التراث (المدارس العقلية والفلسفية).
من الكلام التافه الرائج حول سيد القمني أيضا، أنه عميل للغرب، باع دنياه بآخرته، يريد الشهرة والمال، صاحب عقلية خالف تُعرف ... الخ، ولكن الحقيقة أن الرجل تحمّل الفقر في أغلب مراحل حياته بسبب تكفيره ومتابعته قضائيا وتهديده بالقتل عدة مرات، الرجل عاش بسيطا من الناحية المادية، انتقل إلى الرفيق الأعلى في هدوء تلاحقه لعنات رجال دين يسكنون القصور، ويركبون أفخم السيارات، والملايين تملأ أرصدتهم البنكية، ويجمعون ما طالب لهم من الزوجات ... ويشاركهم في مهمة اللعن القطيع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي