الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الغزو مستمرّ-

وهيب أيوب

2022 / 2 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اقتبستُ عنوان مقالي هذا من كتاب قرأته منذ سنوات للفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي، وهو يتحدّث فيه عن الغزو الأوروبي للقارة الأمريكية وإبادة الهنود الحمر السكان الأصليين، وجلب "السود" من غرب أفريقيا واستعبادهم في المزارع والبيوت كخدَم، وأعمال شاقة أُخرى، ثم استمرار هذا الغزو لاحقاً لعدد من دول العالم بأشكال مختلفة من قِبل الإمبريالية الأمريكية بعد تأسيسها.
لكن الحديث اليوم سيتركّز حول الغزو الإسلامي منذ منتصف القرن السابع الميلادي، بما يسمّيه المسلمون "الفتوحات الإسلامية" وهو برأيي غزو مستمرّ حتى اليوم وإن بأشكالٍ أُخرى، فالغزو واحتلال أراض الغير اليوم من قبل المسلمين غير وارد، لأنهم غير قادرين عليه لضعفهم، يعني بحسب المثل الشعبي؛ " مش عفّة ولكن قصر شفّة"، لكن ذهنية المسلمين بفرض دينهم على الآخرين واستمرار تمسّكهم بالشريعة الإسلامية ما زال فاعلاً حتى اليوم، داخل الدول التي يعيشون فيها وحتى في أماكن شتاتهم ولجوئهم في باقي الدول ومنها الأوروبية، ما زالوا يصرّون على تطبيق الشريعة الإسلامية أينما وجدوا!
في بدايات الغزو والاحتلال الإسلامي للأقاليم المجاورة والبعيدة عن الجزيرة العربية، قاموا بممارسات تُشابه ما قام به الغزاة الأوروبيين من قتل وسلب ونهب واغتصاب واضطهاد واستعباد البشر. حتى أنهم فرضوا بأن تكون الخلافة فقط لمن ينتمي لقبيلة قريش، يعني ليس لأي مُسلم آخر ، وتلك عنصرية جوّانية بين المسلمين أنفسهم!
الأوروبيون والأمريكيون قاموا بجلب السود من غرب أفريقيا واستعبادهم في المزارع والأعمال السوداء، وفعل ذات الشيء المسلمون بجلب السود من غرب أفريقيا واستعبادهم في أعمال الزراعة والسخرة وغيرها في العراق، لهذا قامت ثورة ضدهم في العراق والأقاليم المجاورة، تُسمّى "ثورة الزنج" عام 869 واستمرت أربعة عشر عاماً، إضافة لسبي النساء واغتصابهن وجعلهم جواري وإماء وملك يمين بحسب الشرع الإسلامي، وسبي الرجال والشباب والأطفال وبيعهم في أسواق النخاسة، كما فعل المستعمرون الأوروبيون تماماً، ويقول الشيخ العراقي المُعمّم إياد جمل الدين؛ إن المحتلين المسلمون لشمال أفريقيا الأمازيغية، "قاموا بجلب مليون وثلاثمائة ألف طفل وطفلة من الأمازيغ وباعوهم في أسواق النخاسة في دمشق وبغداد ومصر"
وانتزعوا منهم أراضيهم الخصبة وسلبوا أملاكهم وأموالهم ... الغزو مستمرّ
ولكن كيف يستمرّ الغزو الإسلامي حتى اليوم بأشكال مختلفة؟
ما زال المسلمون حتى اليوم يُعاملون غير المسلمين في البلدان التي غزوها واحتلوها وسيطروا عليها منذ قرون، يُعاملونهم كأهل ذمّة، أي أنهم ليسوا مواطنين متساوون مع المسلمين. ونرى كيف يُعامل ويتعامل مثلاً المسلمون مع أقباط مصر المسيحيين، الذين هم أصحاب الأرض الحقيقيين وسكانها الأصليين، من قتلهم وحرق كنائسهم وهضم حقوقهم وسرقة متاجرهم وأموالهم، وما زالوا يُعاملونهم بحسب الشريعة الإسلامية؛ بعدم مبادرتهم بالتحية وتضييق الطريق عليهم وعدم مشاركتهم أعيادهم وعدم إشراكهم بمناصب الدولة العليا، وفي العراق وما جرى لسكانها الأصليين من المسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين وسواهم من غير المسلمين من قتل واغتصاب وسلب أراضيهم وأموالهم وممتلكاتهم وتشريدهم من أوطانهم، وهذا ينطبق أيضاً على باقي الدول الإسلامية، أفغانستان وباكستان وسواهما، وما أصابهم ويصيبهم على يد المسلمين منذ الغزو الأول وحتى اليوم .... الغزو مستمرّ !
إن كل الدول التي ما زالت تُعلن عن نفسها اليوم؛ أنها دول إسلامية، وتستقي قوانينها من الشريعة الإسلامية، ولا يتساوى فيها مواطنوها؛ هي دول احتلالية استعمارية استيطانية عنصرية وإرهابية أيضاً.
وأن كل من يدافع ويناضل عن بلاده اليوم ضد أي احتلال أجنبي تحت شعارات إسلامية، فهو أيضاً مُحتل وغازٍ لا يقلّ عن أي احتلالٍ وغازٍ آخر، ولا يمكن تسمية دفاعهم هذا نضال وطني على الإطلاق.
هناك حلّ واحد ووحيد؛ فإما أن تتحوّل تلك الدول إلى دول علمانية ديموقراطية كما الغرب، تسود فيها المواطنة الحقيقية وسيادة القانون على سكانها دون تمييز، أو أننا سنبقى نعتبرها دول احتلالية عنصرية،
وأنه حتى كتابة هذي السطور، فإن غزوهم مستمرّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا