الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن العقلية العربية

الطيب طهوري

2022 / 2 / 21
المجتمع المدني


العقلية العربية عقلية ريعية ،اتكالية،خضوعية وادعائية..ريعية ،تعتمد في معيشها المادي على ريع الأرض وعلى الآخرين من الأمم الأخرى، تصدر لهم ماهو طبيعي في أرضها من بترول ومعادن وتستورد منهم ما يشبع حاجاتها المادية..في فكرها هي ريعية أيضا، لا تشغِّل عقولها،لم يترك أسلافها لها ما تفكر فيه..قال فلان وقال فلان أو عن فلان عن فلان، هوتفكيرها..
وهي اتكالية،لها شيوخها الذين يوجهونها ويحددون لها نمط حياتها..ولها السماء توجه إليها أكفها وتنتظر خيرها..في تنظيم حياتها، لا تتعب حياتها، حكامها هو الذين يتولون المسؤولية عنها في تعيين مسيري شأنها العام..هكذا هو دأبها عبر كل تاريخها..ولنها كذلك، فهي خضوعية بالضرورة..وحتى إذا أتيحت لها الفرصة لتختار فغنها تختار من يواصل إخضاعها، ليس إلا ، ولا تختار من يتبنى فكرا ديمقراطيا يجعلها تتحمل مسؤوليتها وتختار..
هذه العقلية تحارب كل فكر مخالف لنسقها العقلي/ الثقافي العام، نسق التشابه/ القطيع..في قديمها حاربت مبدعيها ومفكريها المخالفين (ابن سيناء،ابن الرواندي،الرازي ،الحلاج ،المعري،ابن رشد...وغيرهم كثيرون )..في حاضرها (طه حسين،حسين مروة ، مهدي عامل ،نصر حامد أبوزيد، نوال السعداوي ،أدونيس،عبد القادر علولة ،أراكون.. إلخ)..
أما ادعائيتها فتبدو في النظر إلى نفسها على أنها خير أمة أخرجت للناس، وأنها هي الأمة المنوط بها هداية الناس إلى طريق الخير ( دون ان تنتبه إلى أنها غارقة حتى آذانها في التيه) وأن دينها فيه كل شيء، سياسة واقتصادا وعلما..و..و..
خلاصة الحال أننا نحن العربَ ما نزال مجتمعات تقليدية بدوية،سواء في تفكيرنا أو في علاقاتنا الاجتماعية أو في النظم التي تحكمنا..ما نزال نسيِّر أمور حياتنا وفق الحلال والحرام، وبنفاق كبير وتناقضات عجيبة، بدل النافع والضار..بدل النافع والضار..ما نزال نتعامل مع الناس على أساس هذا مسلم فهو منا، وذاك كافر فهو عدونا..ما يزال تعليمنا تتحكم فيه الإيديولوجية الدينية والطريقة الإلقائية ، بدل العقلانية ..ما تزال الأنظمة التي تحكمنا أنظمة استبدادية تحكم بقانون القوة بدل قوة القانون، وتتصرف في ممتلكات الدولة وكأنها ممتلكات عامة،لا فرق في ذلك بينها وبين أنظمة الخلافة في العصور الأموية والعباسية والعثمانية..إلخ..ولا يخضع الحاكم فيها للمراقبة والمحاسبة والمعاقبة.. وهي بذلك لا تختلف في شيء عن أنظمة الحكم القديمة..ما نزال نسيِّس الدين ونديِّن السياسة..ما نزال لم ندخل بعد العصر الحديث ، عصر التفكير العلمي والمعرفة والعلمانية والديمقراطية..
ما يؤزم الوضع أكثر ان تلك العقلية ترتبط بالمقدس..ذاك المقدس يعطيها مصداقية أكثر لدى عامة الناس ويجعل حربها التي تواجه بها كل فكر مخالف مشروعة وذات مشروعية..
هذه العقلية هي العقلية التي تحرص أنظمة الاستبداد والفساد على استمرارها..كما تحرص القوى الإسلاموية على استمرارها أيضا..
بقاؤنا نعيش بهذه العقلية يعني استمرارية بقائنا في تخلفنا وتبعيتنا..
ترى، كيف نخرج من هذه الوضعية المفلسة؟..
لا طريق سوى تفكيك الثقافة التي كونت تلك العقلية ورسختها،واظهار مخاطرها وكيفيات تحكمها في أذهان ونفوس الناس..لابد من نشر الفكر النقدي بشكل واسع وتغيير المنظومة التربية بما يجعلها منظومة تبني العقول الواعية المسؤولة التي بدورها تجعل الفرد مواطنا حرا،لا رعية خاضعة..
للاسف،الامر صعب وصعب جدآ في مجتمع لا يقرأ ،ولا يقرأ المختلف أساساً..ولا يشغل عقله..ويهتم بالشكليات وماهو غير جوهري في الحياة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم