الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطقوس الدينية كسلاح بيد القوى الحاكمة

صوت الانتفاضة

2022 / 2 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يمكن نكران ان الطقوس الدينية تعد من اقوى الأسلحة للأنظمة الدينية بشكل عام، فمشاهد "صلاة الحائط" عند اليهود، وقداسات يوم الاحد عند المسيحيين، والغطس في الماء عند الصابئة، والحج الى نهر الغانج عند الهندوس، والطقوس البوذية الكثيرة، وطقوس الحج والصوم والزيارة عند المسلمين؛ كلها طقوس تستفيد منها القوى الحاكمة، بل وتعززها وترسخ وجودها أكثر بين أوساط الشغيلة والعمال.

الكثير يرى ان الطقوس الدينية يمكنها ان تشكل وحدة لتلاحم المجتمع، وقد رأينا ذلك أيام الانتفاضة، فأيام رمضان اغلب خيم المنتفضين قد "صامت" وبدأت بطبخ "الفطور والسحور"، بل ان البعض ذهب ليدق الطبل في "السحور"؛ اما أيام "عاشوراء" فاغلب المتظاهرين لبس السواد، وقسم منهم وضع "السبيكرات" واذاع "اللطميات"، بل ان الانتفاضة التي انطلقت شرارتها في الأول من أكتوبر-تشرين-2019، والتي نادت بإسقاط النظام الإسلامي والقومي، حدثت بها قطيعة الى يوم 25، بسبب قدوم الزيارة "الاربعينية"، وهو ما شكل انعطافة في الفهم السياسي لبعض القوى السياسية المشاركة فيها. الى اليوم تشارك-تمارس بعض القوى "التشرينية" تلك الطقوس الدينية "موكب شهداء تشرين".

طبعا قوى السلطة وميليشياتها في ذلك الوقت فرحت كثيرا بهذا التوجه لدى المنتفضين، فأدخلت خيمها الكثيرة مزودة بكل الأجهزة الصوتية والمعدات والدعم اللامحدود، وقلبت الساحات الى طقوس دينية؛ وحولت الصراع من اسقاط النظام الذي كان الشعار الرئيس للمنتفضين الى "الحفاظ على الهوية الإسلامية" "الحفاظ على التقاليد والقيم الدينية والاجتماعية"، فتوحدت والتحمت قوى السلطة وميليشياتها، وفي المقابل تشرذمت وتمزقت وتفككت قوى المنتفضين.

نعم الطقوس الدينية سلاح قوي وفعال بيد الطبقة المسيطرة، فالطقوس ليست مجرد ممارسات يؤديها مجتمع معين بمناسبة معينة، انما هي أحد اهم اشكال التفاعل الاجتماعي، والتي تسعى الطبقة المسيطرة جاهدة للحفاظ عليها وإعادة انتاجها بقوة؛ فهذه السلطة لا تريد ان تزيل المعاناة عن الناس، بل تعطيهم (الكيفية بطريقة المعاناة، كيف تجعل من الألم الحقيقي، من الخسارة الشخصية، من الهزيمة في الدنيا، او من التفرج والوقوف موقف العاجز تجاه معاناة الآخرين، كيف نجعل من كل هذه الأشياء شيئا يمكن تحمله والتعايش معه- وبعبارة أخرى كيف نجعلها معاناة محمولة) كما يقول الأنثروبولوجي الإنكليزي "كليفورد غيرتز"؛ كيف تتعايش مع واقع صحي وتعليمي وبطالة وفقر وعوز كارثي، كيف تتعايش مع مناظر الازبال والنفايات والطرق المدمرة والعشوائيات، كيف تتعايش مع مشاهد البؤس وأطفال الشوارع والعجزة والنساء الذين يملئون الشوارع؛
انها تحقنهم بمزيد من الافيون "الطقوس الدينية" الذي يساعدهم على تحمل المعاناة والتعايش معها. يجب نقد الطقوس الدينية من الجانب السياسي لممارسة الطبقة المسيطرة.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24