الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنية بين المهام والتقاعس

زوهات كوباني

2006 / 9 / 6
القضية الكردية


ظهر مفهوم الوطن والوطنية مع استقرار حياة الانسان على الارض ، وقد اتخذ هذا المفهوم معناه بشكل اوسع واشمل في عملية عضوية الفرد في الدولة وتطورّ الى ان اخذ تعريفه الاكثر معاصرة في الدولة البرجوازية والراسمالية. وبالمختصر المفيد: الوطنية والمواطنة مرتبطة بالارض وهي اثبات لعضوية الدولة الوطنية، لذلك تظهر بين المواطنين القائمين في الوطن علاقات متداخلة ومترابطة وإلتزامات من حيث المهام والوظائف تجاه بعضهم البعض من جهة وتجاه الوطن من جهة اخرى دون الخلط بين مفهوم الوطن وحدوده السياسية. وظهر الكثيرين من دعاة هذا المفهوم وذلك الادعاء بالوطنية السورية او الوطنية الكردية، او التركية او الايرانية اوالعراقية او غيرها من الوطنيات، حسب الجغرافية التي يعيش فيها هؤلاء .
فلو نظرنا الى هذه المصطلحات وما تحمله من معاني بداءً من المراحل التكوينية الاولى الى الدولة الوطنية الى الوطنية المعاصرة في القرن الواحد والعشرين متشبعة بروح اممية الى درجة الاختلاط والتزاوج بين الاثنين دون امكانية الفصل بينهما، واتخاذها لمقاييس انسانية عالمية، نتيجة التطورات التي احدثتها الثورة العلمية التقنية، لذلك فلا بد من اخذ هذه الابعاد بعين الاعتبار عند بحث الوطنية ، فاذا لم ترتبط الوطنية بالقيم الديمقراطية والانسانية ستبقى ناقصة لا معنى لها، حتى ربما ستسفر عن نعرات شوفينية وتصبح سببا في الكثير من الحروب التي تودي بحياة الملايين من البشر وهذا ما ظهر بشكل جلي في شوفينية الدول القومية الوطنية والتي وصلت الى مستوى النازية والفاشية، وكذلك في معظم البلدان وحتى التي ادعت الاشتراكية لم تتمكن من الخلاص من هذه المفاهيم التي جلبت اثار مدمرة على حياة الناس .


إذا عدنا الى الشعوب المضطهدة فهناك تارجح بين الوطنية الدولة المقيمة فيها والوطنية القومية بحيث يكتنف المصطلح الضبابية والغموض ، فمثلا لو نظرنا الى الكرد في البلدان المستعمِرة فهناك تارجح بين "الوطنية السورية" و"الوطنية الكردية" ، وكذلك بين "الوطنية العراقية" و"الوطنية الكردية" او بين "الوطنية التركية" و"الكردية" دون ان تتمكن من تحديد واضح للمصطلح وفق حقيقة المرحلة وما يعاش من تغيرات من على جميع الصعد نتيجة الثورة العلمية التقنية التي غيرت معها تعريف المصطلحات التي باتت تتطلب تعريفاً جديداً لوضعها ضمن تسلسلٍ صحيح . فاحيانا تٌقدم الوطنية السورية على الكردية واحيانا الكردية على السورية والدوران في هذا المحيط الذي ينزلق رويداً رويداً الى الديماغوجية للتقاعس عن المهام والوظائف والهروب منها ، وكل هذا ينبع الى عدم صفاء المساءل بما فيه المطلوب والبقاء في الضبابيات ، فلو اخذنا وضع الاكراد بعين الاعتبار واردنا مناقشة هذا المفهوم وفق حقيقة هذا المفهوم والمصطلح ، فنرى ان هناك تقاعساً كبيراً عن المهام الوطنية ، فعند الحديث يشاهد الكثيرون من الوطنيين ، الذين لا ينكرون المهام الوطنية ، ويدعون انفسهم بالوطنيين ، ولكن لو تحدثت وناقشت معهم حول مهام الوطنية فيتجاهلونها على الفور ، حتى يمكن القول ان الكثيرين من الكرد وحتى المثقفين يدعون الوطنية الكردية ولكن في الممارسة العملية لا يتجاوزون مهام موظف مأجور في الدولة المستعمِرة ، وكأنٌ الوطن والارتباط به لا يعني في معتقدهم وفاء المهام والوظائف التي تقع على عاتقهم. ويهربون من الوطنية كهروب الانسان من الوباء عندما توكل لهم بمهام أووظائف وطنية، أو تلمح لمثل ذلك .

ان اخذ الوطنية بعين الاعتبار ، واعادة تعريفها بالشكل الصحيح واستيعابها لكل شخص في المجتمع من المهام والواجبات التي تقع عليها هي من اوليات هذه المرحلة ، لذلك يتطلب تجاوز الديماغوجية القومية والوطنية وكل انواعها المعروفة في الحياة واظهار الانسان على حقيقته وما يمثله، اي تعريف الانسان بحقيقته وجعله يدرك ما له وما عليه ، فمن غير المعقول ان يتساوى في مجتمع ما الذين يضحون بحياتهم وعملهم مع أولئك الذين يتطفلون على هذه الامكانيات ، ويتظاهرون النضال بدون ان يقدموا أويساهموا بأي شيء أو يضحوا ادنى تضحية . فاذا كنا ندعي بالوطنية فلا بد ان نكون وفق ذلك المصطلح وما يتضمنه من مهام وواجبات ، مثلما اذا كنا من دعاة الديمقراطية يتطلب ان نجسد حقيقتها في ذواتنا ، او من دعاة المساوة والعدالة والحرية يتطلب ان نلتزم بمتطلبات وواجبات هذه العدالة والا فان التقاعس عن مهام ووظائف المفاهيم والمصطلحات التي نؤمن بها او الادعاء بالشيء والعمل بشيء اخر لن يكون له فرص الحياة ، ولن ينقذنا من الديماغوجية والنفاق والدجل، فلا يمكن حجب الشمس بالغربال ، وهي حقيقة جدلية/ديالكتيكية ، فكما الجوهر يعكس الظاهرة وكذلك المضمون يعكس الشكل فلن يفيد الصبغ والتدهين باشكال وظواهر مختلفة عن حقيقتها الا لفترات قصيرة ومؤقتة ، وبعدها ستاخذ الامور مجراها الطبيعي في الحياة ويظهر كل على شاكلته وحقيقته، وكما يقال المثل "ان الطيور على اشكالها تقع" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟